وانتصر جيش الوطن فانتصر الوطن 

2
ناجي الجندي

عندما يحزنك النصر ويفرحك العجز فانظر إلى نفسك لتبحث أين الداء؟، عندما تستفيق من صباح الرحمن لتفتش في دفاتر الخذلان والخيبة لوطنك فاستشر طبيبك النفساني، وعندما تتوقف عن التعليق وتخرسك انتصارات الوطن، ولا تجد إلا أن تبحث لذلك عن عذر وسبب واتهام فأنت لا محالة مسكين يتجرع هزيمة النفس ويذهب بعيدًا فيحسب أنه يحسن صنعًا، فتكثر عبارات (كيزان فلول وهم من صنعوهم)، كانوا ينظرون بعين الذباب على القبيح فقط، كانوا يرون كل شيء قبيح لأنهم لم ينتصروا لأنفسهم لأنهم انهزموا داخليًا لأنهم لم يقنعوننا إلا بالهتاف وما أسهل الهتاف!، فالضجيج لا تحدثه إلا الأواني الفارغة، بين غمضة عين وانتباهتها صار كل الناس عندهم فلول، وبين غمضة عين وانتباهتها صار كل الناس عندهم كيزان، وبين غمضة عين وانتباهتها صار كل الناس عندهم (معاتيه) ويعلم الله من هم المعاتيه؟.

جرجر المهزومون أذيال الخيبة حين انتصر الوطن حين انتصر جيش الوطن حين انتصرت إرادة شعب كامل، ألا ترون فرحة النساء في الشوارع؟ فهن الوطن، ألا ترون فرحة الأطفال في القرى والمدن؟ فهم الوطن، ألا ترون جنودنا البواسل والشهداء؟ فهم الوطن، ألا يفتح هذا أقفال أدمغتهم وصناديق قلوبهم المغلقة؟. هل كل هؤلاء معاتيه؟، هل كل هؤلاء كيزان؟ هل كل هؤلاء فلول؟.

من أظهر ما تفهم كيف يكون الحياد بين جيش قومي ومرتزقة؟ فكان أمرهم كله شر فإن انتصر جيشنا القومي ماتوا حسرة وندامة، وإن انتصر المرتزقة فقد فازوا بنهب أموالهم واغتصاب نسائهم وتشريد ذويهم، فأي شر ينتظرهم!؟.

كنت دائمًا ضد الأحزاب وضد التحزب وضد السياسة نفسها، لذلك لم نتبع لحزب ولا لطائفة إلا حزب واحد هو حزب الوطن، ولو اجتمعت الإنس والجن فلن يُهزم وطن تمسك بحق الله وناضل من أجل هذا، ولو وضعوا الشمس بيميني والقمر بشمالي ما تنازلنا عنه ولا شيعناه لمصالح شخصية، إنه الوطن ياهذا ومن لا يعرف قيمة الوطن لا يعرف قيمة الحياة ولا قيمة الموت من أجله، والذي يعبد الأصنام يمكن أن يعود والذي يعبد الأشخاص يمكن أن يعود، لكن السؤال متى الرجوع؟.

لذلك يغيب المهللون للهزائم والانكسارات والتراجعات لحظة انتصار الجيش، ونسوا أن أعظم جيوش التأريخ تلقت الهزائم، ولكن هذا لم يُلغِ دولهم من الخريطة وتذهب الحكومات والمعارضة ويبقى الوطن.

وكلما ظن ظان أنه أكبر من الوطن فقد خسئ وكلما ظن ظان أنه يفهم أكثر من غيره فقد خاب وخسر. اعشقوا الوطن واكسروا قيد عبودية النفس والآخرين، وتبًا للآخرين حين يتفاضلون على وطن.

اللهم لا إله إلا أنت لا نعبد إلا إياك.

ويا وطني لا وطن إلاك ولا نعشق مثلك، هكذا قال النشيد الوطني السوداني هذه الأرض لنا فليعش سوداننا علمًا بين الأمم.

تحليل مجريات الحرب سهل جدًا ولكن تحليل أنفسنا وترويضها صعب جدًا، لذلك كَثُرَ المحللون وقل الوعي، وكان كل تحليل مرتبط بالتوجه لا بمصلحة الوطن لذلك غاب الفهم وانزلقت المفردات في (بلاعات) تشبه تلك المفردات ولا تقبلها إلا مثل تلك الحفر أو صناديق القمامة.

2 thoughts on “وانتصر جيش الوطن فانتصر الوطن 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *