
مصطفى عمر هاتريك
كاتب صحفي
• والمراقب الحصيف اذا ما أراد التنبيه عند الامتحان يقول تبقى نصف الزمن و لا يقول مضى نصف الزمن كتلك النظرية التي تتحدث عن النصف المملوء من الكوب، ترى إلى أي النصفين ننظر الآن وأي القولين نبتغي سماعه الآن.
هل مضى نصف المعركة أم تبقى نصف المعركة؟.
نحن في الجزيرة و رغم إستردادها من قبل قواتنا المسلحة نرى حالنا كحالنا يوم احتلالها… أعاد الأرشيف بعض ما كتبت يومها، يوم السقوط الذي كنا نتوقع و لا ننتظر.
(ورغم الطريقة التي أُحتلت بها سيدة المدائن أم الرجال ود مدني كنا نبحث عن الأمن و نحن نزوح عند مناطق سيطرة الجيش فكيف يستقيم هذا، أن تنشد الأمان عند من ظننت ظن أهل النار أنهم تخلو عن تاريخ و جغرافية لها من الخصوصية ما يجمع وطن.
هكذا كنت أحدث نفسي في رحلة نزوحي و أنا في قمة الرهق و شدة الابتئاس ثم أسائلها بوضوح كامل هل الدعم السريع بديل نستبدل به جيشنا رغم ما به من علات؟؟
إنّ هذه المجموعة التي جُمعت بباطل و قُننت بباطل و سُميت بباطل (قوات الدعم السريع) لا أمان لها و لا خلاق و لا أخلاق… كائن مسخ مشوه نتج عن علاقة آثمة بين آثمين .. و رغم ما أتيح لها من فرص لأثبات مؤسسيتها و وطنيتها غلب الطبع التطبع و لم يجدي التجميل الممنهج لقياداتها فليس التكحل في العينين كالكحل.
لقد كان جيشنا بعض أحلامنا في الصغر … تسحرنا رؤية الكاكي نتمناه على أجسادنا مطعما بالذهب نجوما و صقورا و سيوف وهيبة كهيبة جعفر نميري «الكارب قاشه»). هكذا وصفت محزونا ذلك التشتت الذي أصاب دواخلنا و ذلك التخبط في مشاعرنا.
عادت الجزيرة و قد دفع مواطنها ثمنا فادحا فالحرب ما استهدفت مدنياً كما استهدفت مواطن الجزيرة.، دمار طال الممتلكات الخاصة والعامة، نار حقد أحرقت كل البنى التحتية فطالت المستشفيات و المؤسسات التعليمية و المرافق الخدمية.
الآن و قد عاد أهل الجزيرة إلى جزيرتهم فمن يعيد إليهم الأمن والشرطة عادت بذات زيها القديم، من يعيد إليهم الكهرباء والماء أساسيات الحياة وقد عاد ذات الإهمال القديم والتسيب القديم حاكما.
لماذا تكتفي حكومة السودان بالمشاهدة و متابعة كل تلك المعاناة التي يعانيها مواطن الجزيرة، ألا يكفيه ما ذاق من ذل وقهر على يد تلك المليشيا الغاشمة التي أذاقته الأمرار عوض الأمرين.
لماذا لم تعلن الحكومة حتى الآن خطة إعمار طارئة لتوفير الحد الأدنى من العيش الإنساني لأهل الجزيرة، أليس هم من ثبتوا و لم يستبدلوا إيمانهم بجيشهم رغم ذلك السقوط غير المبرر لأرضهم، أليس هم من أووا ثم لم يجدوا من يأويهم.
تحدثت البيانات الصادرة عن مؤتمر الجزيرة كجسم ظل يراقب انتهاكات الدعم السريع أرقاما تشيب لها الرؤوس عن قتل و نهب وتشريد واغتصاب، فكم وماذا علينا أن ندفع بعد لتحنو علينا سيادة مجلس السيادة؟.
داخل الإطار:
مضى نصف الزمن والقادم أصعب.
شارك المقال