علي النعيم

علي النعيم محمد نور

كاتب صحفي.

• الشرطة هي موزعة الأمان وباعثة الاطمئنان للمواطن حفاظاً على روحه وممتلكاته وصوناً لعرضه وحارسة لأرضه، لأنها عين الشعب الساهرة على راحته ويده الحصينة والأمينة على أمواله الثابتة والمنقولة ، بل تمتد خدماتها من حيز الفرد لتشمل المجتمع والمدينة والدولة تأميناً للمتاجر والمصانع والمزارع ومؤسسات الدولة ومشروعاتها الكبرى .

  الشرطة السودانية رغم إسهاماتها في حرب الكرامة ووجودها في خندق واحد مع القوات المسلحة السودانية ، ظلت تواصل في خدماتها الأخرى من مهامها المرورية والهجرية وخدمات الدفاع المدني في الولايات الآمنة دون توقف أو تعطيل، وفي الولايات التي تم دحر التمرد فيها عادت خدمات الشرطة بصورة عاجلة وسريعة كما كانت .

الآن وبعد أن عاد الأمن والأمان لمعظم المناطق والولايات التي شهدت الحرب والتدمير والخراب، نود أن نرى الشرطة بوجهها الجديد وبثوب قشيف ومفاهيم جديدة وبنظام عمل مختلف، تجدد فيه الشرطة السودانية نفسها وتنفض الغبار عن تاريخها الضارب في القدم لتقدم لنا الأنموذج الأمثل في مكافحة الجريمة تدريباً وتأهيلاً وتسليحاً، حيث كانت الشرطة السودانية في سابق عهدها تقوم بترتيب أولويات مكافحة الجريمة بإتباع الأساليب المنعية والوقائية ثم تتحول لمكافحة الجريمة وعند وقوعها تكون ملزمة بكشفها وتقديم الجناة للعدالة. 

قدمت الشرطة السودانية نماذج عديدة من الطرق المنعية التي تتبع لتكون مانعة ورادعة لارتكاب الجريمة، وذلك عبر خدمات السواري والدوريات الراجلة في الأسواق والأحياء والدوريات المتحركة والنقاط الثابتة عند مداخل المدن، وأيضاً التواجد الشرطي المحسوس في مناطق التجمعات حيث يشكل الوجود الشرطى والأمني إسلوبا رادعاً ومانعاً للنفوس الضعيفة التي تسعى لارتكاب الجرائم بمختلف أنواعها، ثم تنتقل للدور الثاني وهو مكافحة إرتكاب الجريمة. وهي مرحلة تقل كلما جودنا العمل في استحداث أساليب منعية متطورة مع تطور الجريمة، ولكن إن وقعت الجريمة يجب على الشرطة مكافحة الجريمة بكل ماتملك من أدوات وموارد ومصادر كتلك الادوار التي تقوم بها في مكافحة المخدرات وضبط السلاح ومكافحة جرائم الاموال وجرائم القتل والأذى وتتمتد في أدوارها في المرور وضبط الوجود الاجنبي ومكافحة التهريب.

 ثم يجئ الدور الأهم من بعد ذلك ألا وهو إكتشاف الجريمة. وللحقيقة والأمانة تعتبر الشرطة السودانية ذات يد طولى في تطوير أساليب كشف الجريمة، حيث تعد معامل الأدلة الجنائية من أكبر وأميز وأكفأ المعامل بأفريقيا، وهي معامل تستخدم للإعانة على فحص وتمحيص وتدقيق المخلفات التي يتركها الجناة في مسرح الجريمة وتحويلها لأدلة جنائية قانونية تستخدم كدليل للإدانة أو البرأة، وأيضا تطوير وتدريب الكلاب الشرطية وتجديد أنواعها وسلالاتها.

 ويجيئ الدور الأساسي حول العنصر البشري أو المتحري (إن كان ضابطاً أو من الصف والجنود)، حيث يجب إعادة تدريبه تدريباً تخصصياً متطوراً وتنشيط البروتوكولات الخارجية مع الدول التي تقدمت في مجال التحريات واكتشاف الجريمة.

  نريد شرطة ما بعد الحرب أن تكون قد وعت الدرس وعرفت مكامن الخلل لترتب صفوفها وتحزم وتحسم أمرها وتتهيأ للإعمار والإسهام في إصلاح دمار ما خلفته الحرب.

نود أن تتطور شرطتنا لمصاف المواكبة العالمية لنظام المراقبة الإلكترونية والتتبع الآلي للمركبات والطرق الحديثة في طلب الخدمات. نريد عودة السواري بصورة متطورة ونريد عودة الدوريات الراجلة وأن يستشعر المواطن وهو يسير في الشارع بالأمان إذ أن قاعدة أن الأمن (يحس ولا يرى) تصبح غاية وهدف، حتى نصل مرحلة لو صاح منادياً (يا بوليس) تكون أقرب إليه من حبل الوريد. نريد شرطة تدقق في إختيار منسوبيها بتفضيل القوي الأمين، نريد شرطة تقدم الشروط الجاذبة حتى تتزاحم الكفاءات من الشباب بغية الانتساب إليها بتحسين المرتبات والامتيازات وأن نجعلها وظيفة للصفوة من شباب المجتمع وخيرة المتقدمين لحساسية المهمة، نريد عودة الثقة والحميمية واللُحمة بين الشرطة والجمهور ونتواثق عملياً على عودة شعار (الشرطة في خدمة الشعب)، نود عودة شرطتنا الفتية لسابق عهدها (عين ساهرة ويداً أمينة).

دمتم . . .

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *