داء البذاءة.. أسبابه وترياقه

59
البراء بشير

البراء بشير

كاتب صحفي

• الأدب والأخلاق هما خير ممثل للإنسان، يسردان ما في سريرته، وهما خير ما يوصف به. وكما أن للجسد ثياباً تواري سوأته، وتتخذ زينة حسنة، فإنَّ الأدب ثوب للروح، يستر ما بها من عيوب، ويزينها في نظر الآخرين، حتى يبدو صاحبها في أبهى حلة، يستشعرها كل من يخالطه ويحادثه.  ولا شك في أنَّ غياب هذا الثوب يجعل الشخص بغيضاً، لتعرّيه من كل فضل، ولا يرغب أحد في صُحبته، ولا مجالسته، ولا حتى الحديث معه.

عند دخول المحتلين إلى بلداننا الإسلامية في القرن المنصرم، كان التأثير على أخلاق ضعاف النفوس من جملة أفعالهم، ثم استعملوهم في زعزعة الاستقرار النفسي لدى غيرهم، ولم يخرج المحتل الذي يسمي نفسه بالمستعمر حتى بذر بذور التفاهة في المجتمع، وصار يسقيها بموجات الاستعمار الثقافي، التي تم توجيهها من قبل الغرب نحو مجتمعاتنا، وقد نجحت في نزع بعض القيم والمبادئ من حَيَواتِنا، وحولتها من صاحبة معنى إلى مناهج عيش مادي صِرف، يغيب عنه المعنى جزئياً أو كلياً، ولذلك استشرى داء سوء الخلق بين الناس حتى صار لا يفرق بينه وبين حدة الطبع ولا أقول إن مجتمعاتنا كانت مِثاليةً قبل ذلك، ولكن كان أثر التربية الإسلامية حاضراً فيها ولو بشيءٍ يسير. 

وفي هذا الزمان أصبحت الإساءة للغير، واستعمال الألفاظ النابية أمراً متفهماً إلى حد ما لدى بعض الناس، وقد يجدون لذلك تأويلاً، إما بوصف المسيء بحدة الطبع، أو عدم القدرة على التحمل، ولا يصفونه بقلة الأدب وبذاءة اللسان ولا يرون في ذلك بأسا». 

في السابق حينما كانت الأشياء تأخذ لفظها الصحيح ووصفها الصريح المتسق معها من دون تلاعب، كان الشخص يحسب ألف حساب لكل كلمة ينطقها، ويتحرى اللباقة والأدب في حديثه، لكي لا يحسب عليه شيء. 

إن تفشي سوء الأدب كارثة عظمى يجب تداركها، وعدم الاستخفاف بها، ففيها ضياع الدنيا والدين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (ليس المؤمن بالطعَّان، ولا اللعَّان، ولا الفاحش، ولا البذيء). وقال في فضل حسن الخلق:(أَنا زَعِيمٌ ببَيتٍ في ربَضِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ المِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَببيتٍ في وَسَطِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الكَذِبَ وإِن كَانَ مازِحًا، وَببيتٍ في أعلَى الجَنَّةِ لِمَن حَسُنَ خُلُقُهُ). ولتحقيق حسن الخلق، يجب الرجوع إلى التربية الإسلامية السمحة، والتخلّق بالقرآن الكريم إقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي كان خُلقه القرآن كما ورد في حديث عائشة رضي الله عنها. ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليكون المرء صالحاً مصلحاً ويكون نفعه متجاوزاً إلى غيره.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *