خالد شقوري

خالد شقوري

شاعر وكاتب صحفي

• نحن معشر الشعراء أو (بعضنا) أو بعض بعضنا.. من صورنا للناس أن كل عسكري يحمل البندقية هو قاتل وقاسي القلب ومجرم.. 

ونحن وحدنا من رسمنا للناس هذه الصورة المتجردة من الإنسانية والنقاء.. 

• ثم بالجانب المقابل صوّرنا للناس أن الشعراء هم وحدهم منبع اللطف والرقة والمشاعر النبيلة والإحساس المرهف.. ولا أحد سوانا. 

• صدّق بعض الناس ذلك، وأسهموا معنا في تكريس هذه المفاهيم، حتى  أضحت منهجاً ومعياراً  لقياس المشاعر.  

• نحن لم نكذب مطلقاً، ولم نصدق مطلقاً.. ولكننا حجبنا الحقيقة في ثوب القصيدة والمعاني الجذابة، وجلعنا الناس لا يرون إلا ما نرى..

• ثم تأتي الحقيقة.. لتزيل ما التبس على الناس، وتكشف عن نفسها. 

• نعم هنالك صنف من البشر عندما يجد نفسه في موضع القوة  والبأس.. لا يتورع في ظلم الناس  وقتلهم دون أن يطرف له جفن.. ويمارس القسوة بكل أشكالها.. من منطلق أنه يملك القوة والسلطة. 

• وبالمقابل.. هنالك من يملك القوة والبأس.. ولكن لا يبذلهما إلا لأجل حماية الناس والدفاع عن وطنه وعقيدته.. وفي سبيل ذلك يحمل روحه بين كفيه ولا يبالي.. ويدفعه إلى ذلك إيمانه الصادق، وإحساسه بالمسئولية.. وذات الإنسان تجده في غير موضع الحرب رقيقاً لطيفاً كما النسيم.. 

• كان (هولاكو)  عسكرياً يجيد فنون الحرب والقتال. 

• وكان (محمد) عليه أفضل الصلاة والسلام.. عسكرياً يجيد فنون الحرب والقتال. 

• كان (هولاكو) يقتل ظلماً وعدواناً، ليدنس البلاد. 

• وكان (سيد الخلق) يقتل عدلاً ودفاعاً ليطهر البلاد. 

• هذي هي المعادلة التي يجب من خلالها أن نتبين خطل ما نعتقده في شأن (العسكر) مطلقاً. 

•• ثم نأتي إلى الشعراء …

• لنجد أن بعضهم وفي مسيرة التأريخ قد كانوا  يقتلون ظلماً، ويقطعون الطرق سلباً ونهباً، ويبيعون ذمتهم  للملوك والسلاطين والحكام، ولا يتورعون عن فعل كل أنواع الموبقات. 

• وبعضهم في رقة النسيم ووداعة العصافير، يبذلون الشعر للجمال والخير والإنسانية.. ويدافعون بقوة عن الحق إذا استدعى الأمر ذلك.. منهم المناضل بحق، ومنهم المجاهد بحق..

• منهم من قال بكل القسوة والظلم وحب النفس

(إذا مِت ظمآنا فلا نزل القطر)

• ومنهم من قال بكل اللطف والإنسانية ونكران الذات (فلا هطلت عليَّ ولا بأرضي  سحائب ليس تنتظم البلادا). 

• وبذات القدر ليس كل من يدعو إلى الدفاع عن النفس والعرض والوطن، ويحرض على الثبات (قاسياً). 

• وليس كل من يكتب بلغة الفراش والورود (رقيقاً). 

• يحكم الأمر ويقيسه نية المرء وطويته.. وأصله الذي نشأ عليه.. عسكرياً كان أو مدنياً. 

• نحن نطرب ونعرض عندما نستمع ل(فرتيقة أم لبوس لويعة الفرسان)، ونتغنى بها في أفراحنا. 

• وأيضاً نطرب  للشاعر العسكري عوض أحمد خليفة في رائعته التي صدح بها الكروان عثمان حسين

(يا ربيع الدنيا.. في عينيا.. يا نور قلبي يا معنى الجمال). 

• وحقاً أقول..

لا أرقّ ولا ألطف من الذي يبذل نفسه ودمه في الدفاع عن الوطن وأهله، ويصون حرماته. 

ولا أقسى من الذي ينتقي الألفاظ والعبارات الجذابة، ليكتب شائعة، أو قصيدة تهتك ستر الناس وأمنهم، وهو يتلذذ بالتصفيق ونظرات الإعجاب. 

يجب أن ننتبه.

ولكم محبتي.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *