
د. ناجي الجندي
كاتب صحفي.
• مُنذُ بِدايةِ الحَربِ كنتُ قد علقتُ على الجَانبِ الإعلامي للحَربِ ووصَفتُه بالضَّعيفِ، في حين أن الإعلام هو نصف الكسب في الحروب، ماذا لو أن الجيش في كل حين أرسل رسائل للمتمردين بالاستسلام ومقابل ذلك يشجعونهم بالعفو مثلًا أو السلامة أو غيرهما؟، ماذا لو أن الجيش أرسل رسائل بعدم التعاون مع الدعم السريع وتذكير الناس بمآلات ذلك؟، ماذا لو أن المجلس السيادي المؤقت شجع الشباب بالعودة الطوعية خصوصًا المنتسبين للشرطة والإدارات الحكومية المختلفة والمحليات؟، ماذا لو جند الجيش متطوعين للعمل كاستخبارات في المناطق المحررة وأعلن عن ذلك؟، هذه النداءات البسيطة تُضعف العدو وتهز أركانه وتشعره بالخوف، وتقسمه إربًا إربًا، بل تدب في نفوسهم الخوف من بعضهم البعض وعدم الثقة، الإعلام آلة عسكرية مجمدة عند الجيش، كسب الدعم السريع أكثر معاركه بالآلة الإعلامية، والعمل عليها.
وسائل الإعلام هي الكيان الأقوى على وجه الأرض، لماذا؟، حيث إن القوة هذه ذات شقين قوة شر والتي تزعم أن الخير ليس سلاحًا كافيًا لمحاربة هذا العالم، والشق الثاني قوة خير فقوة الشر الإعلامية استخدمها الدعم السريع أما الجيش فلم يستخدم أي منهما، كان علينا كأصحاب حق أن ننصب المنصات الإعلامية التي تدفع العدو، وترهبه، وتشكمه، من الإعلام السالب هذا خاف الناس وتهجروا لأنهم يسمعون ويرون في الفيديوهات المصير الآت، الإعلام كان مقدم الأفعال ففعل ما فعل فينا، وكان الخوف كما يقولون فكة جبارة.
وحتى اليوم الحرب على وشك نهاياتها نحن نحتاج إلى إعلام، ولو لا إعلام الميديا والذي ساهم مساهمة فعالة في الحرب لكنا حتى اليوم نظن أن للدعم السريع قوة، قوة الدعم السريع اكتسبها من مصنع الإعلام الذي صنع أبطالًا من ورق هم الآن تحت الأرض موتى يُسألون أو هاربون هائمون على وجوههم.
في الحرب العالمية الثانية حيث لا ميديا غير الميديا التقليدية استطاعت بريطانيا تكثيف الحملة الإعلامية بدءًا من التلفزيون والراديو السينما وانتهاءً بالملصقات والمنشورات وحتى الكتب، وقاموا بنشر كل ذلك في ألمانيا لإضعاف العدو وبالمقابل نشره في بريطانيا لرفع الروح المعنوية للجيش وللشعب، بل واستُخدم شعار (يمكنك دائمًا أن تأخذ واحدًا معك) وفي هذا تحفيز لجماهير الشعب بالانخراط في الحرب، حتى تجاوز إعلامهم الحرب وقاموا بتشجيع السكان على الإنتاج، فأصبحت كل البلد إما منتج وإما محارب. السؤال ماذا فعلنا نحن؟ وماذا فعل رأس البلد في هذا الأمر، أليس من الأجدر أن ننظر بعين زرقاء اليمامة لبكرة؟، أليس من الأجدر أن ننتبه أن البلد (خلا) لا موية لا كهرباء لا مواد تموينية؟، اليس من الأجدر أن نفكر ماذا سيفعل العائدون لديارهم في بلد سوقها (خالي الوفاض) من ملح وشطة؟، الجهد الشعبي مطلوب ولكن قبله الجهد الرسمي المتمثل في مجلس السيادة المؤقت، الحرب لم تعد بندقية بقدر ما هي جملة معينات، والحرب دائمًا لم تكن هي الغاية فالغاية دومًا هي السلام والرفاهية للشعوب والتي تأتي بالقوة، لا نقصد هنا كما أسلفت قوة البندقية بل القوة (جملة المعينات) وأولها الإعلام والتوعية.
ينتظرنا الكثير ونحن ننتظر الكثير، وحتى ننتصر في كل معاركنا علينا أن ندرك أن قوتنا التي سترهب كل العالم هي التوعية فبها ننهض وبها نتحدى الأمم، فقد فعلتها اليابان والصين وكوريا الجنوبية وغيرهم، وكل هذا في هذا الزمان لا يتأتى إلا بالإعلام.
شارك المقال