معتصم عيدروس

معتصم عيدروس

كاتب صحفي

• لعل أكبر امتحان دخل فيه سكان «أم المدائن» وهي الكنية المحببة التي نطلقها على مدينتنا العزيزة ودمدني بجانب القاب أخرى كقلب الجزيرة وارض المحنة.. لعله البحث عن ما يسد رمقهم وأسرهم بعد أن أخليت بليل وهرب مسؤوليها ووضعوهم في مواجهة ميليشيتهم «المتمردة».. في مدينة تعطلت فيها الأعمال الا هامشيتها،  وهذه ايضا لم تكن متوفرة الا للقليلين الذين زاولوها مكرهين لا أبطال وسط خوف شديد لأن أي طفل ميليشي يحمل سلاحا كان بامكانه ان يطلب منك عائدها بقوة السلاح كما يمكنه ان يتسور منزلا وينهبه تحت تهديده،  وعلى مرأى منك لا حول لك ولا قوة فان قاومته قتلك وان تركته فقد لا تسلم شره.. وكما اقتحم أثنين منهم منزلنا وقالا لأخي الأكبر المجذوب «ارسلنا الله لننتقم منكم!» فكان رده  « استغفرا ربكما فقد أرسلكما الشيطان فالله لا يرسل أحد ليقتحم منازل الناس ويروعهم ويسرقهم»

اعرف من أصدقائي من اضطر الى بيع البليلة ومن باع السجائر ومن احتطب ومن شق البحر ليجلب الماء الى سكانها نظير دراهم لا تغني ولا تسمن من جوع.!

هؤلاء عندي هم الأشرف والأعلى مكانة والطين ربح بيعهم والذين يستحقون أن يمنحوا الأوسمة ويكرموا لعلو همتهم ولنقاء دواخلهم ولتوكلهم على الله وثقتهم في أنه لن يخذلهم كما خذلهم من ازالوا الحاويات وفتحوا الكبري للمجرمين وقالوا لهم تلك هي المدينة فادخلوها بسلام آمنين!.

عادت المدينة الى أهلنا واصبحت تردنا صورهم مع وصول شبكة الانترنت بعد مرور عام ونيف، فكانت الملاحظة الأولى هي اختلاف اشكالهم عن التي عهدناهم عليها فاصبحوا كما تقول الصنديدة أمي «كملانين من لحم الدنيا» ولكن الأكيد أن اللحم سيرجع ليكسوا عظامهم بعد ما عاد لهم الأمن واصبحت ضحكاتهم تعلوا عنان السماء.. وفوق ذلك فقد اكتسبوا قوة شكيمة لا اظن أن زلزالا سيقهرهم بعدها، فقد شاهدوا الموت والذل في الطرقات وفي بيوتهم بل حتى في بيوت الله!.

بالمقابل ما زالت تروى في المدينة قصة ذلك صاحب الصوت العالي والذي حتى لو زجرته لم يكن ليسكت والذي طالبهم بالبقاء في منازلهم لحظة دخول الميليشيا وبمجرد أن أصبح الصبح فقدوه فظنوا أنه قد اخذ بليل الى معتقلات المجرمين ليعود بعد التحرير  بذات صوته العالي المتحشرج المزعج ليكتشفوا بأنه قد هرب لا يلوى على شئ لم ينتظر ويطلب منهم أن يدلونه على العدو ويقعدوا فراجة كما تقول أغنية الحماسة المشهورة.

القصص التي تروى كثيرة جدا وقد طلبت من بعض الاصدقاء أن يدونوها لو استطاعوا ففيها الكثير من العبر والدروس التي يجب أن تؤثق.

أخيراً..

قناعتي التي لا تشوبها شائبة أن المسؤولين في كل القطاعات يتم اختيارهم بعناية تامة لهذه المدينة وللأسف فكلهم يتنافسون في السوء الا من رحم ربي وجعل له ضمير يخافه وهؤلاء قلة قليلة.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *