آخر ما كتبه القاص الكاتب عثمان حامد سليمان  

117
osman

• ( حقا فقدنا اليوم انسانا رائعا ..وكاتبا متميزا وكانت مجموعته مريم عسل الجنوب تضيء بالكثير من فنون كتابة القصة القصيرة ..عامرة بالمعنى وقيمة الكتابة ..اهداني قبل ايام قصته فاطمة الحمراء ونشرتها بصحيفة فويس وكانت بيننا مواعيد لكتابات اخرى ولكن …

اذكر اخر لقاء لنا فى حفل تدشين كتاب الدكتور شلقامى عن كوستى ..ومؤانسات لايزال صداها يتردد فى الخيال ونحن نؤانس بعضنا بمداعبات الاحبة .

رحمك الله اخى عثمان وغفر لك ..وسيرتك المضيئة بيننا باقية ابدا.) 

……..

إبراهيم عبد الجليل – عصفور السودان 

(حياة المناحات وأيام مراثي العمر الغض) 

 – A-

لن نجتر مقابلات «ديمتري البازار

-في الإذاعة والتلفزيون

-ابيض واسود ..

 ولن ندقق كثيراََ في الخلل الواضح بتضخيم دوره والغموض الذي كان يلف ذلك الدور والأدوار التي لعبها لسنوات وسنوات منذ منتصف سنوات العشرين وحتى منتصف سنوات الستين .. فقد عمر الرجل وشاخ في جوار بيوت اهلنا بحي بانت شرق (غرب مدرسة المؤتمر الثانوية وشرق سوق بانت العريق)، وتلك البيوت وأهلها الكرام ..

كنا نراه في غدوه ورواحه، وحتى في سياراته العتيقة، التي تذكر بأفلام شارلي شابلن و السينما الصامتة !!

-B-

أما فتانا –

 عصفور السودان – بصوته العجيب الرهيب، وأدائه العذب الفريد وموهبته الضخمة، وشخصيته الجذابة، فقد كان يملأ المكان بغنائه وحضوره وخفة روحه .. فإذا تكلمنا أو علقنا على مسألة الدمار «فلدميتري البازار» اليد الطولى والمعول الرئيس في ذلك التحطيم ..

فقد بدأ الفتى ابراهيم غراً يافعاً وصغيراً !! دله ديمتري البازار على طرق جديدة، وتذوق الخمر على يديه وكان نديمه وراعيه ..ثم حجبه عن المجد الذي كان ينتظر موهبته وظهوره الفريد في قاهرة أخريات سنوات العشرين فلم يشاهد عروض *أوبرا محمد علي، ولم يحظى برؤية فرقة الكوميدي فرانسيز، ولا باليه البولشوي، وفرق الرقص والغناء الإيطالي، ولا حتى مسارح ذلك الزمان بعروضها المذهلة ومواهبها المتفتحة ..

مسرح «علي الكسار»، ومسرح يوسف وهبي، وجورج ابيض، وغناء عبد الوهاب وفريد الأطرش وأسمهان وعبده الحمولي وبمبه كشر وغيرهم، ومجد شارع عماد الدين .. ومعاهد الموسيقى والفرق الموسيقية المتنوعة، والتخت الشرقي و بواكير افلام السينما فقد كانت رحلته الأولى لتعبئة الاسطوانات مع «اوديون» سنة 1931. 

** ميلاده الثاني.. فقدحجبه عن كل هذا وترك قصة يتيمة عن إعجاب «ام كلثوم» به وافتتانها بصوته وأدائه، ثم قيل أنها فاطمه رشدي وقيل وقيل الكثير دون إثبات أوتدوين رصين ..

-C-

وجد  الفتى الغرير نفسه في مهب ريح مفترق الطرق وهو البسيط المحدود المعرفة والتجربة، تتناوشه الرغبات وتطيح به حوريات موهبته العالية، فيهبط به ديمتري وشلة السمكرية بسوق الموردة لأسافل درك  «المريسة والعرقي»، وربما «انصاص الشيري». وهو مستغرق في نفخ الكير ومعالجة الرتاين والفوانيس والاباريق مع «جبنات الصفيح» التي تجثو على كرسيها – (الوقاية) قبل لوثة البلاستيك التي شملت كل شيئ.. حتى النوم في حضن  النخلة وحبال السعف الرحيم الصديق.. والعناقريب المخرتة!!

** وهذه هى حكاية النجم الذي أفل ..

وتلخص عناوين العديد من أغنياته بتقديم مرثية العمر القصير وضياع الموهبة الكبيرة :

– زمني الخاين

– ضاع صبري

– عزة الفراق بي طال

– ناح القمري على الغصون

– أضيع انا وقلبي يزيد عناه

– ينوحن لي حماماتن

وربما غيرها من العبرات والدموع المكتومة..

-D-

وتكتمل فصول مأساة حياته القصيرة في أسطورة أقصى، بل اقسى درجات الحرمان.. والمحبوبة محجوبة بالرفض والاستبعاد بجريرته الكبرى امتهان فن الغناء في ذلك الوقت المبكر، وقبل انتشار اشعاعات الوعي وتنوير وحداثة القرن العشرين التي تجافينا وتبادلها مجتمعاتنا الشكوك حد البغضاء..  

ولد وعاش ومات وبقي أيقونة في تاريخ الفن والمواهب الضخمة التي منحتها أمدرمان – الموردة – لأهل السودان..

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *