يا للعار… ضمير العالم والبيات الصيفي

11
د. عبدالمنعم

د. عبدالمنعم سليمان الحسين

كاتب صحفي

• اعتادت بعض الحيوانات الدخول في بيات شتوي، وكما هو معروف البيات الشتوي هو حالة سكون يدخل فيها بعض الحيوانات خلال فصل الشتاء لتوفير الطاقة، والحفاظ على بقائها في الظروف القاسية، وخلال البيات الشتوي، تنخفض درجة حرارة الجسم، ويقل معدل الأيض، وتقل حركة الحيوان ونشاطه.

ما يجري حالياً في غزة هو تجويع لا جوع، فالتجويع دوماً بفعل فاعل، والجوع في معظم الأحيان بفعل الظروف، وهذا الظرف في معظم الأحيان هو الفقر الذي قال فيه في معظم الروايات سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه (لو كان الفقر رجلاً لقتله)، وها هو فقر الظروف لو كان رجلاً لبارزه الكرار وقتله، فكيف بالتجويع المتعمد؟ وشياطينه نتنياهو، وبن غفير، وسوميتريش، الذين يبقرون زكائب الغذاء، ويطلقون الرصاص على طالبيه، في فخاخ أحكم نصبها، ليتم اصطيادهم كما يتم اصطياد العصافير في أغصان الزيتون، ويردد القتلة ودم الأبرياء يتقاطر من أنيابهم (من لم يمت بالجوع مات بغدرنا). 

أي حرب هذه التي يحرم فيها المدنيون الكبار من لقمة تقيم أودهم، والصغار والرضع من جرعة حليب تساعد في نمو أجسادهم؟ 

ما يحدث في غزة على عين كل الأشهاد، عار الأوجب أن يتفصد جبين شعوب العالم عرقاً من صمت أخرس ألسنة عقلتها في الحلوق حبال أمريكية وفحش إسرائيلي يتعرى ولا يخجل.

قل لي بالله عليك يا ترامب الخيبة، يا من نصبت ولاياتك الأمريكية، فتوة يلهب بنبوت أخرق ظهور أبناء شعوب قوسها الفقر، كيف تدعي أنك نصير الحرية، وتمثالك تمثال الحرية في نيويورك يخرج لسانه لكل شعوب العالم، وهو ينصب فخاً سمّوه مؤسسة غزة الإنسانية، والإنسان الغزاوي يستدرج، للغول الإسرائيلي الأعرج. هل علم تمثال الحرية الفاجر أن ألفاً وأربعمائة غزاوي قد قتلوا، طلباً لغذاء متفجر  برصاص إسرائيلي غادر، وأكفانهم كانت عجين طحين لم يتخمر. 

تمثالك وببسمة خبيثة يحصي أضلاع رضيع غزاوي غارت منه العينان، ويبس منه لسان تاهت عنه زجاجة حليب وانكسرت. 

هل تعلم منظمة الخيبة المتحدة أن الجوع القاتل قد أنشب أظفاراً في رقاب أيتام ركضوا أياماً وليالي، للظفر بقطعة خبز جاف تاهت عنهم في ركام بيوت هدمت، وأمين الخيبة المتحدة يرغي ويزبد ويشجب ويستنكر. 

الجوع هنالك استهدف النطف التي سكنت في الأرحام فأجهضها، خوفاً من غزاوي يولد ويكبر ويؤرق منام العسكر. 

هذه الأجساد التي أنهكها الجوع، وجحظت منها العيون تحت أنظار كل العالم، ترسل سهاماً لإيقاظ ضمائر نائمة وقلوب قاسية ومتحجرة، وهي تعلم أن أوان الإنقاذ قد ولى، فإن توفر الغذاء، فالمشفى قد تهاوى، ومن أركانه قد جثا وتهاوى وتدلى. 

المأساة الكبرى أن دماء هؤلاء الجياع في رقابنا، وتلطخ ألسنة صمتنا.

يا لعارنا، لقد شاركنا بصمتنا في قتل صغارنا. 

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *