

بقلم: عامر محمد أحمد حسين
• اللهاث السردي •
يقول الدكتور فيصل دراج .عن رواية حين تركنا الجسر « تتضمن الرواية في سردها اللاهث المتوتر خطاباً احتجاجياً على معركة اسيء الإعداد لها ، بل على معركة لم تقع وحسمت قبل الذهاب إليها، لأن الذين يعطون الاوامر يوهمون بالمعركة ولايخوضونها .لكن الاحتجاج الذي يواكبه شعور بالعار ،لايلبث ان يتحول سريعاً إلى اتهام ذاتي ، فلو لم يقع الخصاء على المقاتلين الذين انتظروا اوامر لم تصل ، لكانوا تمردوا ودافعوا عن « قضية الجسر « ولم يتخلوا عنها ، ولعل إرتفاع نبرة الإتهام الذاتي عن سارد يندد « بالسادة الزائفين والرجل المخصي والعيون المهترئة « هو الذي يضع في الرواية غضباً مستطيراً ،شاسعاً ، لايفصل بين ضوء النهار والكوابيس المروعة .كشف منيف وهو ياخذ بتقنية المونولوج او» الحوار الداخلي « عن موهبة فنية شبه فريدة كاشفاً عن معنى العجز في كلام العاجز وحركاته والصور التي تمر في ذهنه والاطياف التي تكتسحه وفي كلامه المتقطع المتفكك الذي يوجهه الى ذاته وإلى الاشجار والسماء والكلب الاليف الذي يزامله – كتاب دراج»


أولاً: امام تقييم ناقد كبير بمواصفات الكبار عند نخبة الفكر والتعبير وإذا تجاوزنا كل الالقاب ودلفنا إلى وصف يليق برواية يكتبها ناشئة الكتابة، ممن يسرع في خطاه دون تبصر لما كان الوصف هكذا: رواية حين تركنا الجسر ، تتضمن الرواية في سردها اللاهث المتوتر خطاباً احتجاجياً على معركة « وبلاغة الوصف المتغطرس تبدأ من الكلمات وتترجمها حرفياً لقراءة حال الكتاب وإحالته إلى اللهاث:اللهث هو زيادة عمق التنفس عند الحاجة لتلبية المتطلبات والاحتياجات الأيضية لأنسجة الجسم كما في أثناء التمرين أو بعده، أو عندما يفتقر الجسم للأكسجين (نقص التأكسج) على سبيل المثال في الارتفاعات العالية أو كنتيجة لفقر الدم..فإذا تركنا الحالة الكلبية إلى الحالة السردية للدكتور منيف ، وهو يعبر الجسر ، وبوصف دراج « اللاهث المتوتر – وهو يشارك في معركة « اسيء الإعداد لها ، بل على معركة لم تقع وحسمت قبل الذهاب إليها – لأن الذين يعطون الأوامر ، يوهمون بالمعركة ولايخوضونها .لكن الاحتجاج الذي يواكبه شعور بالعار لايلبث ان يتحول إلى إتهام ذاتي عنيف عنوانه الخصاء،فلو لم يقع الخصاء على المقاتلين الذين إنتظروا اوامر لم تصل – دراج»
ثانياً : تبدو حالة الالتزام بقراءة دراج لاتفرق بين العمل السردي للكاتب والروائي عبدالرحمن منيف، وحالته الشعورية عندما كتب الرواية ، لذلك كان الإسقاط على الشخص الملتزم سياسياً والمناضل مجمدالنشاط السياسي التنظيمي واللاهث سردياً والمثال على ذلك يثبته دراج «ولعل إرتفاع نبرة الإتهام الذاتي عن سارد يندد « بالسادة الزائفين والرجل المخصي والعيون المهترئة « هو الذي يضع في الرواية غضباً مستطيراً شاسعاً – كشف منيف وهو ياخذ بتقنيةالمونولوج .والمونولوج في تعريفه : أو حديث النفس أو النّجوى هو حوار يوجد في الروايات، ويكون قائما ما بين الشخصية وذاتها أي ضميرها. بمعنى آخر هو الحوار مع النفس، نقول المونولوج هذا المصطلح الذي يطلق على نوع من المسرح ومصدر الكلمة يوناني مونو، يعني أحادي، ولوجوس تعني خطاب- ويكبيديا « يحاور الروائي منيف إلتزامه القومي، وهو يحس بالنضال السردي ويعيش كوابيس ضوء النهار ، وحسب وصف دراج : كوابيس مرعبة .وبهذه النهارات وكوابيسها يؤكد دراج بان منيف « كشف وهو ياخذ بتقنية المونولوج والحوار الداخلي « عن موهبة فنية شبه فريدة ، كاشفاً عن معنى العجز في كلام العاجز وحركاته والصور التي تمر في ذهنه، والاطياف التي تكتسحه ،وفي كلامه المتقطع المتفكك، الذي يوجهه إلى ذاته ، وإلى الاشجار والسماء والكلب الأليف الذي يزامله– دراج عبدالرحمن منيف ورواية الالتزام « والموهبة شبه الفريدة للروائي الملتزم الدكتور عبدالرحمن منيف لم تصل إلى «مرحلة القدرة الفريدة، حسب التعريف، هي جوهر ما تحب أن تفعله وتفعله بشكل أفضل . إنها مجموعتك الخاصة من المواهب الطبيعية، والشغف الذي يغذيك للمساهمة بالطرق التي تحفزك أكثر. عند صياغتها، فإنها تصف «أنت» الذي يجعلك ما أنت عليه.» وقبل ان نبارح الموهبة شبه الفريدة للروائي الملتزم الدكتور عبدالرحمن منيف ، يمضي بنا دكتور فيصل دراج إلى « إستطاع منيف الذي لايميل إلى التنظير والكلمات المعقدة ، ان يتعامل مع المونولوج بموهبة مدهشة ، تشق عالم المخذول من هذيانه وعبثه بقواعد الكلام ،إذ الطيور عرجاء ، والحقول اقزام مشوهة ، والطريق داعر واهن العضلات ، لم يطبق منيف في روايته « حين تركنا الجسر، مبدأ الحوار الداخلي بل انتجه بشكله النموذجي كما لو كان شخصية واضحة من شخصياته الروائية – فيصل دراج – الكتاب».
ثالثاً : يطوف بنا دكتور فيصل دراج في فتوحاته النقدية، واللغوية وفي فقرة تجد ان موهبة منيف « شبه فريدة» أي لم تصل مرحلة جديدة في الكتابة تجعلها فريدة، وقبل ان نقرأ من اين اتى وصف شبه فريدة يخبرنا دكتور فيصل بان موهبة منيف « موهبة مدهشة « وقبل الوصول إلى الإندهاش والدهشة نكتشف بان الكاتب الكبير عبدالرحمن منيف « لم يطبق منيف في روايته « حين تركنا الجسر « مبدا الحوار الداخلي بل انتجه بشكله النموذجي كما لو كان شخصية واضحة من شخصياته الروائية « ونحن في حيرة مابين موهبة شبه فريدة، وموهبة مدهشة، وموهبة اتت في الكتابة السردية مالم يصله كاتب من قبل ومن بعد « إنتاج مبدأ الحوار الداخلي بشكله النموذجي كما لو كان شخصية واضحة من شخصياته الروائية — ياسلام «
كيف أنتج منيف حواره الداخلي؟
يقول فيصل دراج عن عبقرية منيف في انتاج حواره الداخلي بشكل نموذجي كما لو كان شخصية واضحة من شخصياته الروائية « عبر الروائي عن وحدة البنية الفنية ،والخطاب الإيديولوجي ، مؤكداً التقنية الفنية مرجعاً للخطاب ومنتجاً له ،بعيدا عن المباشرة الايديولوجية في موضوع يغوي بها غواية كبيرة .ولهذا يتكشف معنى « الهزيمة القومية « في هذيان المهزوم العاجز الذي يدور حول ذاته المهزومة التي تبدأ بالكلام وتنتهي به من دون ان تغير شيئاً».
يدخل الدكتور فيصل دراج إلى الخطاب وتفكيكه بمساندة مباشرة ملتزمة بالخط العريض الملتزم للروائي المنتقل من موقع شبه الفريد، إلى ساحة الموهبة المدهشة، التي تصل إلى مرحلة انتاج التقنية الفنية كمرجع للخطاب ، وإنتاج الحوار الداخلي بشكله النموذجي، كما لو كان شخصية واضحة من شخصياته الروائية.. وكل هذا التعب المرهق للروائي من اجل كشف « الهزيمة القومية « وصورتها في هذيان المهزوم – وهنا الهذيان ينسب للكاتب والروائي عبدالرحمن منيف الذي وصل مرحلة جديدة في الكتابة تجعلها فريدة وهو شبه فريد ينتج طريقة فنية تجعله في» هذيان المهزوم العاجز الذي يدور حول ذاته المهزومة التي تبدأ بالكلام وتنتهي به من دون ان تغير شيئاً « وقد يفترض القراء الكرام – افتراضات مدهشة – بان الناقد والكاتب فيصل دراج ، يصف حالات ابطال منيف وإحالاته هذه مرتبطة بالتغيير المنشود من الهزيمة القومية – وصورتها في هذيان العاجز الذي يدور حول ذاته المهزومة التي تبدأ بالكلام وتنتهي به من دون ان تغير شيئاً -والمعلوم بالضرورة ان دراج قد وصف منيف بشبه الفريد والموهبة المدهشة ، «ومنتج حواره الداخلي بشكل نموذجي كما لو كان شخصية واضحة من شخصياته الروائية « وماذا يمنع ان يكون هو المخذول ، المعبر عن وحدة البنية الفنية، والخطاب الإيديولوجي المؤكد للتقنية الفنية مرجعاً للخطاب ومنتجاً له وكذلك بعيداً عن المباشرة الايديولوجية في موضوع يغوي بها غواية كبيرة وبعد الغواية يتكشف او ينكشف معنى الهزيمة القومية – في هذيان المهزوم العاجز الذي يدور حول ذاته المهزومة التي تبدأ بالكلام وتنتهي به من دون ان تغير.شيئاً « ويمضي دراج ملتزماً وقائلاً : حين تركنا الجسر « شهادة على وعي جيل عربي ممزق حلم بالانتصار ووصل إلى غيره ، وشهادة فنية عالية المستوى ، تبرهن ان معنى الالتزام السياسي المسؤول يعثر على معادل له في الممارسة الكتابية « ..هكذا ؟ يلتزم الكاتب سياسياً ويعبر الجسر إلى القراء الكرام وهو يمارس الغش التجاري، ويدس برنامجه الأيديولوجي داخل النص الروائي، وكل هذا العنت من اجل « البرهان على ان ( الالتزام السياسي المسؤول يعثر على معادل له في الممارسة الكتابية» ومغرق الدكتور فيصل دراج بالشهادات ومنيف يكتب» شاهد اثبات على رفاق وصلوا الى السلطة السياسية ولم يلتزموا بالديمقراطية؟؟؟ – ورواية حين تركنا الجسر « شهادة على وعي جيل عربي ممزق حلم بالانتصار ووصل إلى غيره « جيل حلم بالانتصار ووصل إلى «الهزيمة القومية».
الاستبداد وتوليد السجن الموسع..
تحت هذا العنوان كتب الدكتور فيصل دراج قائلاً : اسباب متعددة تجعل من رواية منيف « شرق المتوسط – ١٩٧٥» العمل الروائي العربي الاكثر شهرة .فهي بيان من اجل الديمقراطية في شكل روائي ، استهلها كاتبها بالتذكير ب « حقوق الإنسان « تلك الحقوق التي لايستثنى منها احد.، مهما كان لونه وعرقه ودينه ، ارسل الروائي بيانه الديمقراطي الذي استقر في رواية وثيقة إلى الشعب العربي ، مكتفياً كعادته بالتلميح إلى المكان من دون التصريح به ذلك ان في شرق المتوسط بلداناًعربية كثيرة،وإذا كان في التحديد الجغرافي مايضع جنوب المتوسط « ويضيف دراج «استأنف منيف في روايته – شرق المتوسط.- المنددة بالقمع السياسي ، التزامه السياسي ، مستعيضاً عن قاعدة « التنظيم « بالكتابة التحريضية وعن « الحزب الثوري « المجهض بالجمهور القاريء الذي يمكن ان يشكل في المستقبل حزباً يجمع بين الثورة والديمقراطية- الكتاب – دراج « الطرائق التي تستجيب لرغبة الدكتور دراج، في تأكيد التزام الراحل منيف ، تجعله اي فيصل دراج ،منغمس انغماساً لدرجة الهوس بابدال كل ادوات الكتابة الابداعية لكي تفي باطروحة الكتاب( منيف الملتزم) وهو التزام لتثبيته يجب التنازل عن الخيال، والتخييل والذائقة، والذوق والإنسانية من اجل ان تبرهن الإحداثيات المتبعة صحة الهدف- والدليل عند دراج.- استأنف منيف في روايته- شرق المتوسط – المنددة بالقمع السياسي، التزامه السياسي – مستعيضاً عن قاعدة التنظيم بالكتابة التحريضية – وعن « الحزب الثوري « المجهض ، بالجمهور القاريء .والسؤال لماذا كل هذا الإصرار الثوري من منيف ؟ تأتيك اجابة من دراج – وعليك ان لاتأتيك خاطرة او وسواس، بان الدكتور عبدالرحمن منيف قائد فصيل منشق عن حزبه الثوري ، هو كاتب روائي يراه البعض مجيداً، ووصف دراج اعلاه بان رواية شرق المتوسط اشهر الروايات العربية وبقراءة الحالة الثورية للكتابة الملتزمة فإن شرق المتوسط – بيان عن حفوق الإنسان ،وبيان عن الديمقراطية، وكتابة تحريضية تسعى في المستقبل لتكوين حزب ثوري ديمقراطي ، ومن باب الالتزام يجب ان نبحث عن شكل حزب منيف وشكل الديمقراطية، ديمقراطية ليبرالية، ام ديمقراطية مركزية ملتزمة الخيال في السياسة ،والرومانسية السردية ،وان يكون الحاكم شاعراً مثل ليبولد سنغور – ثورياً ديمقراطيا وشاعراً مجيداً حكم بقوة الفرانكفونية والاستلاب الشعري ،وخلف من بعده من لم يعرف عنه الثقافة، او الشعر وكان طويل القامة « عبده ضيوف- وفي رواية ديوف « والسؤال في دولة منيف المفترضة هل سيكتب فيصل دراج « الشعر الملتزم « ليمثل الحزب الثوري الديمقراطي الشعري النقدي التفكيكي السردي..
شارك المقال