ناجي الجندي

د. ناجي الجندي

كاتب صحفي

• حربُ الأراضي هي حربٌ مِن نوعٍ آخر، البطلُ فيها هو (اللجان)، وما يحدث من أحداث في هذه اللجان تجعل في يوم ما دفاترهم وأقلامهم تتكلم وتقول (كفاي)، في مرة عرض لنا رجل (كريم) بعض القطع الاستثمارية في مواقع معتبرة، وكان الشرط (خمسة آلاف جنيه تحت التربيزة)، وحين سألناه عن اللجنة واحتمال رفض ذلك، قال (أنا اللجنة)، وذلك كما فهمنا أن اللجنة في جيبه الخلفي كل واحد يقبض نصيبه و(يقش خشمه)، حتى الخطط الإسكانية ـ إن وُجدت ـ فيها لعب، التماسيح تخرج من البحر، وبعد انقضاء مراسيم النهب، يذهب لولونغ للنوم مرة أخرى للموسم القادم، المهم رفضنا العرض وقصدنا طريقة النقاش، لأننا اكتسبنا معلومات تُؤسف وتُخزي وتُحزن، لكنها مهمة بالنسبة لنا كإعلاميين. 

مشكلة الأراضي مشكلة ليست بالجديدة، بل هي قديمة قِدم المحليات، وأكاد أجزم أن لجان محليات بلدنا الحبيب لا تخلو من (تمساح) سمسار أراضي لا يخاف الله. مشكلة اللجان مشكلة لا حل لها، حتى قيل فيهم: (إذا أردت أن تلجِّن عملًا كوّن له لجنة)، وعمل هذه اللجان في الظل، وخلف الأبواب المغلقة، وبعد قرار تلك اللجان لا تسأل ولا تعترض وإلا…، السودان مكب للفساد، والإفساد، حتى وصلنا في عهد الإنقاذيين نبحث عن واسطة حتى في قبول الجامعات والمستشفيات والمواصلات، وما أهمها في موضوع الأراضي والاستثمار!

الدكتور عبد الله أحمد منصور المحاضر بكلية الإعلام جامعة الملك عبد العزيز في جدة سابقًا، في قصته نموذج حي للفساد الإداري الذي تعرض له في بعض ممتلكاته الشرعية والقانونية.

ولاختصار هذه القصة المريرة أعطِ القارئ بعض لمحات منها، فالقطع 8، 17، 18 ثلاث قطع في سوق السمك بالحصاحيصا تملكها الدكتور بعقود شراء موثقة من مُلاك هم الآن على قيد الحياة، وذلك منذ العام 2019.

منذ ذلك التأريخ تمت مكاتبات وتوجيهات من المحلية ومن المهندسين ومن المدير التنفيذي السابق الأستاذ محمد البشرى شخصيًا، بتسهيل إجراءات التسجيل للمعني، بعد أن استوفت الأوراق كل الشروط والقوانين المستحقة لذلك، وحتى لا أطيل على القارئ الكريم لأصل به لتأريخ 8/8/2025 والذي سيعقد فيه اجتماع بخصوص قرار على هذه القطع، وجاء القرار (رفض اللجنة للمستندات)، وكان يرأسها المدير التنفيذي الجديد، هذا الاجتماع أو هذه اللجنة لم يحضرها مدير الوحدة الإدارية، ولا المستشار القانوني للمحلية، ولا الضابط الإداري بالمحلية، حيث لم تتم دعوتهم للاجتماع، إذن فمن هم أعضاء تلك اللجنة!؟

أعود بالقارئ لرجلٍ في السبعينات من عمره، تلخصت كل حياته بين بئرين، فالدعم السريع سرق كل ما يملك من ممتلكات بناها وكوّنها من عرقه وجهده وعمره، وبئر آخر هو (لجنة)، والتي بلا مبرر تقول له (أعلى ما في خيلك أركبه، ما عندك حاجة عندنا)، الدكتور عبد الله رجل قوي، صارع الرياح والسحاب لأجل حقه ومستحقه، وكما نظن بأنه سيصل في هذه القضية لأعلى المستويات حتى يعيد هذا الحق، فما ضاع حق وراءه مُطالب، وهو حالة مؤسفة لرجل قدّم عمره لأجل وطنه وأسرته، وحين نتكلم عن هذا فالقصد إعطاء نموذج وليس حالات فما خُفي أعظم.

نراقب المدير التنفيذي الجديد عن كثب، ولكنا لم نر شيئًا حتى الآن يذكر في سيرته في هذه المحلية، على المحلية الرد على هذا وفي هذا المقام، وننتظر ردهم في نفس هذا المنبر إن كانوا يسمعونني، بل وإني أتحدى أن يردوا على هذا.

 ويجب ألا ننسى أن من أخذ شبرًا من أرض بغير حق، يخسف به إلى سبع أرضين.

قبل الحرب كان هذا هو حالنا، فكيف يكون بعد الحرب، خصوصًا في هذه الفترة بالذات!؟ لا شك عندي أن وطننا يعيش هذه الفترة المحزنة في فوضى في كل شيء، وشيء وحيد أؤمن به وليتذكره الجميع، القيم لا تغيرها الظروف والأحداث، ولكن مغريات الفوضى قد تدفع الكثيرين لإلغاء قيمهم.

أما قصة مربع 113 بالسوق الشعبي الجديد (القديم)، فهذه قصة مشوقة تحتاج منا لمساحة أكبر.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *