مستشفى ودربيعة الريفي والقرية الصينية توأمان سياميان 

10
عثمان إبراهيم أبوهشام

عثمان إبراهيم أبو هشام

كاتب صحفي

• هناك أسطورة صينية قديمة تقول:

إنَّ قرية في الصين تقع على ضفاف نهر اليانغتسي.. وهو نهر مهيب وعصيّ، أشبه في كبريائه بنهر النيل العظيم الذي شكَّل وجدان السودانيين وامتزج بإحساسهم ومشاعرهم، وتدفق عبر مساماتهم وشرايينهم وأوردتهم.. بل وصمد في وجه الأعداء فلم (يُستَصْغَر) كما استصغروا حتى حليب الأطفال والصفيحات الدموية وبقايا الحبل السري..

وأهل هذه القرية عانوا كثيرًا من الجفاف؛ فالقرية كانت تفتقر إلى الماء رغم وقوعها على مقربة من النهر.

والسبب أن هناك جبلًا متغطرسًا عملاقًا

يفصل بين القرية والنهر.

وتعب السكان كثيرًا،

وعانت مواشيهم،

وجفَّت مزروعاتهم.

ولكن شيخًا كهلاً تجاوز الثمانين عامًا قرر أن يغير حياة هذه القرية وهو في سنيّ عمره الأخيرة.. قرر أن يغير طبيعة الأشياء.. الإنسان بإمكانه أن يشكِّل الطبيعة لتتواكب مع احتياجاته وتطلعاته وآماله وأحلامه إن كان يملك العزيمة والإيمان بالله.

حمل الكهل فأسًا وذهب إلى الجبل وبدأ يضرب فيه..

فأتى شاب وسأله:

«ماذا تفعل أيها الكهل الأحمق؟»

فرد عليه: «أريد أن أشقَّ وأحطم هذا الجبل».

فقال الشاب: «هذه الفأس للاحطاب،

ولا تستطيع أن تحطم جبلًا مثل هذا».

قال له الشيخ العجوز: «نعم يا ابني،

أعلم أن هذه الفأس ليس بإمكانها أن تحطم هذا الجبل، ولكن من يدري..

ربما تتطور وترتقي هذه الآلة في يوم ما.. ومن يدري ربما تأتي الأجيال من بعدي ليواصلوا نفس المشوار.

خطوة تعقبها خطوة،

وربما نجد أنفسنا فجأة أمام النهر».

وبالفعل بدأت الأجيال وتَعَقَّبَت طريق الكهل وشقوا الجبل.

ثم فجأة ظهرت العالمة مدام كوري الحائزة على جائزة نوبل في الفيزياء باختراعها الشهير:

الديناميت،

وانشق الجبل المتغطرس المهيب إلى نصفين.فشرب الناس وارتووا،وامتلأ الضرع،، وتعانقت السنابل،وأضاءت الحقول.

والله، مستشفى ودربيعة لو لم نكن حضورًا (لولادته القيصرية).. ونسمع صرخته الأولى بأنفسنا لقلنا إن هذه أسطورة من أساطير التاريخ.

حيث كان العدو يطلق الرصاص على الأبرياء بينما أبناؤنا يُمطِرون المرضى بكل زخَّات الأمل والتشبث بالحياة.

كيف يُرَى حوَّل أهالي ودربيعة وأصدقاؤهم هذه الفكرة-الحلم إلى مشروع؟؟؟

الفكرة التي كنا نتوقع أن تترنح أو تسقط على الأرض أو تمشي على كرسي متحرك،

لكنهم أعادوا لها النبض وحوَّلوها إلى أودية من الضوء،

وإلى متلازمة من الفرح،

ومنحونا الكثير من جرعات أوكسجين الحياة.. وأزاحوا عنا ثاني أكسيد الألم والمعاناة،

وجعلوا أجسامنا المناعية أكثر قدرة على طرد الأجسام الغريبة.

كم كانت فرحتنا غامرة ونحن نشاهد هذه النقلة الكبيرة في الخدمات الصحية!

لحظة فارقة منحتنا الكثير من جرعات الأمل ولقاحات الأحلام ومضادات الأكسدة دون أي آثار جانبية أو تقرحات.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *