مد اللسان عوضاً عن الامتنان

6
الناجي صالح

الناجي حسن صالح

رئيس التحرير

• برغم النصح الذي أهديناه لرابطة أبناء مدينة واد مدني بمصر، بأنّ إكرام المحتاج أولى من تكريم الأعيان، إلا أنهم ما زالوا أكثر إصراراً على المضي قُدماً في ذات التخفج وعين الانعطاف، كأنما نحرث في مالح البحار.

هي على أية حال، ومع إلحاحهم، يبعثون برسالة مزدوجة، يبرزون فيها لسانهم إلينا بلا خفارة، في جانب. ثمّ خطاب ممهور بجهدهم الموفور إلى المانحين والمتبرعين، المرجرجين بالوجع، في جانبها الآخر.

من جانبنا، قلنا كلمة الحق ومضينا، لا بغية لنا على شيء، سوى الإصلاح والتقويم، لأنّ أصل الفكرة شحيم بالفائدة، وظهير للضعف المستطير بفعل الأحداث الجارية. ولو لم يكن مسمّاهم ممهوراً بكلمة (واد مدني) لما نطق لساننا، ولا استدار بصرنا، فهو بذاك ارتحل من الشأن الخاص، إلى الشأو المشاع.

في نصحي السابق لم أتطرق للكثير، ليقيني أنّ الجبر خير من الإرداء. وأنه ليس كل ما يعرف يقال، درءاً للتشكيك المفسد لأصل الفكرة.

إلا أنّ الأهم من ذلك، هو الرسالة المبرمة بحبرها السري في بريد المساهمين والداعمين، مفادها أنّ أهداف الرابطة ليست ملتبسة على أحد، فها هي أموالكم تنفق على الحفلات والاحتفاءات الدافقة على الوسائط، وفي كلّ ميسرة وبعض ميمنة، وما زال الناس هناك يتضورون جوعاً.

فما من اندلاس وغموض.. وإن تصدقت كنت على بينة من أمرك، وليس على الرابطة من حرج أن أنفقت وفقاً لأوجه صرفها المعلنة والمنظورة للعيان.

كما لا بد للمانحين أن يتحلوا بطول النفس، وأن يبعثوا في أنفسهم خصلة التجالد، فيبدو أن جلسات التعافي النفسي للنازحين ستنعقد باستدامة وبلا انقطاع، وليس هناك ما يقدمونه للآخرين. وما ذاقوا حلاوة التعافي النفسي في الأخذ بيد المحتاجين الحقيقيين.

لا حاجة لنا ها هنا بأذكار فقه الأولويات، كما السابق، بقدر احتياجنا إلى تعريف الأولويات ذاتها، لأنّ الأوضح والظاهر بياناً أن المقاصد شتى، والبغية متمايزة إلى حدٍّ بعيد. فكأنما كنا كمن يؤذن في مالطا.

ولنا في الشيخ المغربي الذي جرى عليه المثل أسوة حسنة، فقد جاء إلى مالطا، وعندما حان وقت الصلاة أخذ يؤذن ولم يعره أحد أي اهتمام، ثم أقام صلاته وحيداً..

لذلك سنعاود الأذان في وقته حتى تسمع الآذان.

لأن ما يعتبر أولوية عند البسطاء، الذين يكتفون الآن بقبضة يدٍ واحدة من (البليلة) وجبة مفردة لأسبوع كامل.. يمثل أمراً ثانوياً لعلية القوم الراقصين على الأوجاع والقوارع.

إلا أنني وبعد مشاهدتي للاحتفال الجديد والمنطلق في إصداره الحديث، أحسبُ لصالحهم، هذه المرة، ابتداعاً تقنياً فريداً وجديداً وحصرياً لهم، يسمّى (التبرع بالتنقيط) على دربة (القونات)، وعلى أنغام الموسيقى الصاخبة. وهذا لعمري فتح جديد، وابتكار خلّاق، وعلى الهواء المباح يتم التقاط (النقطة) من العاملين عليها، لمزيد من الشفافية. إلا أننا في حاجة لفتوى قانونية وشرعية من ذوي الاختصاص، ليبينوا لنا في هذه الواقعة صحة أيلولة ريع (النقطة) للرابطة بدلاً عن الفنان، وأيهما أحق بالغلة، ومدى شرعيتها.

وكما أننا في أمس الحاجة هنا، إلى علماء اجتماع واختصاصيين نفسيين، ليشخّصوا لنا المفارقة الواقعة، لمجموعة تحاول الرابطة دعمها نفسياً ومادياً بكل تجرد ونكران ذات، فيجدونهم يبعثرون أموالهم على رؤوس الأشهاد بسفاهة جامحة.

أفلا يكفي هذا لإبدال عجلة الإنفاق، وتعديل وجهتها، وضبط بوصلتها إلى من يحتاجها حقاً؟!!

إخوتي أعضاء المكتب التنفيذي لرابطة أبناء ود مدني بمصر… أهديتكم نصيحتي السابقة دون معرفة أسماء القائمين على الرابطة.. إلا أنني هذه المرة على علم تام بكل أعضاء المكتب التنفيذي، ومعظمكم تربطني به علاقات حميمة وممتدة وقائمة على الاحترام المتبادل، إلا أنّ ذلك لا يمنعني من نصرة من ظلم المحتاجين، بمنعه من الحيد والعرج، وحجزه عن الإجحاف في حق المعوزين. وهذه نصرة ما بعدها استمناح. وإعانة على النفس نبذلها إليكم ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً.

فهل من عودة إلى صنعٍ حصيفٍ يبقى لكم في الميزان؟؟؟

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *