لؤي إسماعيل مجذوب 2

لؤي إسماعيل مجذوب

ضابط سابق - باحث في شؤون الأمن الوطني والحرب النفسية

• الخيانة لا تُغتفر، مهما تلونت شعارات التوبة، ومهما تغيّرت الوجوه أمام الكاميرات.

فالذي باع وطنه يوماً، لن يشتريه بحديثٍ منمّق ولا بتسجيلٍ يُغسل فيه الذنب بماء الكلمات.

إبراهيم بقال، وغيره من الذين ارتموا في حضن الميليشيا، لم يخطئوا في الاجتهاد السياسي، بل خانوا العهد العسكري، وغدروا برفاق السلاح في ساعة العسرة. واليوم، بعد أن لفظتهم الميليشيا، يبحثون عن مظلةٍ جديدة تقيهم شمس الملاحقة، فيلوذون بشعارات «العودة» و»الندم»، وكأن الوطن دارٌ تُفتح أبوابها لكل عابرٍ باعها ثم ندم.

لكنّ الجيش لا يُدار بالعواطف.

القوات المسلحة تعرف معنى الوفاء، وتدرك أن الخيانة ليست حادثة عابرة، بل مرضٌ متأصل لا يُشفى بالتوبة المتأخرة. من خان الأمس، سيبيع اليوم إن ضاق عليه الغد. لذلك، من خان سلاحه، لا مكان له بين الصفوف، ومن نكص عن قسمه، لا يُعاد إليه شرف الجندية بخطابٍ على “تيكتوك” أو تسجيلٍ على “فيسبوك”.

الذين يروّجون لعودة الخونة بحجة “المعلومات” أو “الاعترافات” يجهلون طبيعة الأمن. 

فالمعلومات تُستخرج وتُستخدم في غرف التحقيق لا في قاعات الترحيب. أما الذين يظنون أن الطريق إلى الجيش يُعبد بالندم، فليعلموا أن طريق العودة يبدأ من المحاسبة لا المصافحة، ومن العدالة لا الدعاية.

القوات المسلحة ليست مأوى للضعفاء، ولا مكبّاً لمن لفظتهم الميليشيات. هي مؤسسة تبنى على الانضباط والولاء، لا على المساومة والصفقات.

من أراد التوبة، فليُثبتها في الميدان، لا في البث المباشر. ومن أراد الغفران، فليبدأ من أبواب العدالة، لا من شاشات التواصل.

الجيش لا يرحّب بالخائن، لأنه لا ينسى من غدر.

ولأننا نحمي الوطن لا الأشخاص، نقولها بوضوح:

لا عودة لمن خان، ولا مقام لمن باع.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *