قصة أغنية: كيف ذهبت (بخاف) صدفة إلى أبو عركي؟!

90
حسن السر وأبوعركي

بقلم: حسن السر

 

• بداية السبعينات انتقل ابو عركي وسكن الموردة في صالون بيت اخينا الكبير، وجارنا العزيز الراحل الفنان الخلوق بهاء الدين عبد الرحمن «ابو شلة»، رحمه الله، وهو علم من أعلام وأماجد الموردة. وبيت بهاء الدين ابوشلة بيت كرم ونغم وشهرة، كل اهل الفن والموسيقى والغناء استقبلهم هذا البيت بأريحية، ومحبة، وكرم. من صالون بهاء الدين خرجت أجمل أغنيات ابو عركي البخيت *(لو كنت ناكر، بخاف، الزيتونة، بريق الصحو، حكاية عن حبيبتي، نوبية، حبيبي الليلة جانا، وغيرها). 

وأمتع وأسعد وأشهر حفلات الموردة كانت في بيت بهاء الدين ..

في ذلك التاريخ، والسُكنى، والجيرة، تعرفت على عركي وعشت معه واحدة من أعز علاقات القرب الصادق والوفاء النادر حتى يومنا هذا. 

وحقيقة عركي كتاب مفتوح بإنسانيته وعطاءه ووفاءه النادر لكل من عرفه وآخاه وصادقه. وعركي يحب الموردة ويحبه كل أهلها، ولا يتأخر في واجب، أو عطاء، أو فزعة، تخصها. 

وانا وهو شباب في ذلك الزمن توطدت علاقتي به من خلال بيت جارنا بهاء الدين وصالونه والحوش الصغير نسمع غناه وألحانه الجديدة، ونرى كبار الفنانين والعازفين يترددون على البيت (لتوريش) والاستماع لأغنياتهم الجديدة : خليل اسماعيل وزيدان ومحمد الامين وعمر الشاعر وعبد العزيز المبارك وغيرهم. 

انا كنت وقتها في السنة النهائية ممتحن للشهادة السودانية من مدرسة المؤتمر الثانوية. مرة كان عندنا رحلة ترويحية في جناين شمبات لفصلنا بالمدرسة، كلمته ودعوته يرافقنا ووافق بدون تردد، وغنى واندمج معنا في الرحلة.  بعد الرحلة أحد زملاء الفصل من اولاد الهاشماب اسرة العريفي، «النذير العريفي» شاعر يكتب الشعر، طلب مني اعرفه بعركي يريد أن يعرض عليه بعضا من شعره، لعله يلحنه ويغنيه. كلمت عركي واتفقنا. جلسنا ثلاثتنا ذات عصرية في حوش بيت بهاء الدين، وكان مع «النذير» كراس بمجموعة قصائد من شعره قرأ منه لعركي ليختار. 


صالون أبو عركي بعد أن أصبح دكاناً والذي لحن فيه أشهر أغنياته.

وانا قبل يوم او يومين من هذا اللقاء كنت كتبت بخاف. هاجمتني وهجمتني إلهاما، فكتبتها بسرعة لا تفسر- ربما في ساعتين زمن – ولم أغير فيها، لا انا ولا عركي كلمة واحدة.  هي كما هي. عركي كان يعرف انا لي كتابات شعرية. سألني لو كتبت حاجة اقراها عليه. قرأت له القصيدة «بخاف» طازجة، وكان واضحا انها لاقت هوى عنده، طلبها مني وكتبتها له. بعد يومين – تقريبا – ناداني وقعدنا في الحوش وغناها لي. وكنت فرحا ومندهشا غير مصدق! 

ومن تلك الأيام انطلقت بخاف واشتهرت. وأريد أن أقول ان الأغنية جمعت أبو عركي بصداقات كبيرة تبنت توجيهه في اختياره للشعر، ومساعدته في الكتابة عنه، ونشره وانتشاره (السفير عبد الهادي الصديق والسفير محمد المكي ابراهيم والأستاذ كمال الجزولي و د. عبد الله على ابراهيم و د. بشرى الفاضل و د. انس العاقب، وغيرهم)، ارتبط معهم بصداقات شخصية وأسرية قوية وحميمة.  

وغير (بخاف) عركي لحن لي وغنى «بريق الصحو»، و»قلبي راحل» وهي واحدة من مجموعة أغنيات جاهزة لم يخرجها بعد للناس. مثل: «البرتقالة» لمحمد المكي ابراهيم، و»سَيرة» لمحمد المهدي المجذوب، واخريات للفيتوري ولبشرى الفاضل. 

وأحكي أقول أن اغنيتي «بريق الصحو» للحنها قصة حكتها أ. سلمى الشيخ سلامة، قالت : كانو جماعة دفعة في «معهد (آنذاك) الموسيقى والمسرح» قبلما يصبح كلية جامعية، وسألهم عركي «الليلة شنو في الأيام؟» قالوا له «التلاتا» قعد طوالي يرددها نغم (الليلة التلاتا .. الليلة التلاتا ..»، وكانت القصيدة حاضرة وطازجة لديه،   وتلحنت على هذا الإيقاع النغمي المفاجئ التنزيل، وهذا قد يكون نوع من الإلهامات التي تتنزل على الفنانين!!

أما (المُلهمة)، ففي الكتاب الفريد المتفرد لأستاذنا د. حسن الجزولي، بعنوان (ملهمات الشعراء) ..

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *