فى ذكرى الشهيدة ست النفور أحمد

26
ست النفور
Picture of عبدالله العمدة عثمان

عبدالله العمدة عثمان

• كيفَ تنطق وشيء مِن ألم مخيف

تنامى في الخَفَاء،

وانعقدَ بربقًا ونَزِيف

في قلب المدينة

أدهشتك شهقةُ الطرقات،

والغبارُ الكثيف، والمدن الجسورة..

كيفَ أطلقتْ حماماتها لهذا الرصاص

كانتِ الطرقاتُ مسقوفةً بالبياض

قُبيل مطر الرصاص،

قُبيل مطر النزيفِ

كتبتْ على قصاصتها الكمال

والجمال والشجاعة والإلهام

في حريّةِ الأوطان..

كانت تمضي على خطى العُظَماء

في مَوْكِبٍ مَهِيب

كنداكةٌ في بياضِ ثَوْبِها

تُضَمِّدُ وتخيط

وفي كُلِّ مَوْكبٍ

شهيدٌ يسبقها،

وهي تُرَدِّدُ النَّشيد

ويصيبها من الحُزنِ

ما يصيب أختَ الشَّهيد..

وفي أوَّل مَوْكبٍ تمضي،

و تُرَدِّدُ القَصاص القَصَاص

القَصَاص للشهيد.

كم بزغ فجرٌ كاذب،

كم كان ارتداؤه للصبحِ زيف..!

ها هو يسفرُ عن أُفقٍ أحمر

ودماءٍ تسيلُ على الرصيفِ.

إِنّ موتَ ستنا لَهُوَ علاماتٌ وإشارة

فتاةٌ جميلة، نقيةٌ في أثوابِها أميرة،

مُتَوَّجَة بأرواحِ الشُّهداء في فردوسِهَا الأعلى،

أميرةٌ لم تحكم، لم تظلم، ولم تصدر قرار..

مُتَوَّجَة في سماحة الإمارة

نقية يغسلها مطر البِشَارة

فتتساقط الخطايا، وهي تركضُ

تُضَمِّدُ الجِرَاح..

طلقتان في ساق الصَّبِي

ونزيفٌ مِن شمس النَّهار

تأخذُ نَفَسًا عميقًا

وتجهشُ بالبُكَاء

النزيفُ غزير، والشَّاش لا يكفي لربطتين

كانت تنادي كطائرٍ جَرِيح

وتلوح ببياض طرحتها

فيهرع إليها الشباب

تُمَزِّقُ طرحتها

وتشدُّ على سَاقِ الصَّبِي

بربطتين،

سِتّنا جميلةٌ وشجاعة،

تتفتحُ أزهارها كروضةٍ مُقَدَّسَة،

في صباحِ الأهازيج والغناء للوطن

تُرَدِّدُ النشيد، وتحمل القطن.

لا تأمْنُ الجِراحَ في أيَّ مَوْكبٍ مصابٌ

في أي مَوْكِبٍ قتيل،

فالموتُ في شَرْعِهم مُباح،

وإنْ كنتَ أعزل لا تحملُ السِّلاح،

فأنتَ تقتلهم بلافتات البياض

فكلما أطلقوا الرصاص؛

كتبْنَا فليسقط السفاح

كانوا كالأشباح يترصدون الملائكة؛

ليقصوا أجنحتِهَا بالرَّصاص،

فتوقف ستنا النزيف، وتلثمُ الأرواح

وفي مَوْكِبٍ جديد

يأتي مُقْعَدًا يسيرُ على كرسي جديد

عجلة بيمينه تستدير

وفي يساره صورةُ الشَّهيد..

في ذلك اليوم توقَّفَ الهواء، وخَيَّم على المدينة الدُّخان

ومَزَّق صمتَها النشيدُ

وزُلْزِلَ تحتَ أقدامهم الأسفلت والتراب،

وأرعد الرَّصاص في السماءِ،

إنَّها المجزرة،

ليعلنوا اِكْتِمَال المَهْزَلة

كأيَّام الاعتصام

ليوسف طلقة في الرأس

ولحاتم رصاصة في الصَّدر

فتضج الأحياء بالهُتاف،

وتسيلُ الدِّمَاء مِن شبابٍ يافعين..

خرجتْ أحياء المدينةِ تُشَيِّع

الشهيد فعرش فوق رؤوسهم

دخان، و رصاص..

لؤي طلقة في الصدر

وأنور، وعثمان، ومزمل،

وميرغني، وحاتم، وبلال، والرجل الشيخ

طلقة في العنق

كان عوض الكريم يقف في المؤسسة بعد يومٍ شاق

يحمل لأبنائه عَنَتَ الخبزِ والدَّواء

سبعة وستون عامًا اِنْقَضَتْ

بَيْنَ سَعي في الظهيرةِ

وعودةِ المَغِيب،

نصفُها مسروقٌ في تَجَبُّرِ الجلّاد،

وما قبلها كان اِنْدِفَاع الشَّباب،

يركضُ على سكة القِطَار

بَيْنَ بحري والسامراب،

أو يكونُ في فَوْجِ العُمّال

في المصانعِ القريبة نسيجها، والحديد؛

فليأتي صباحٌ جديد؛

لينعَمَ الأطفالُ..

لقد مَرَّ زماننا، وحلمُنا مات

• الشَّهِيدَة سِت النفور احمد  بكار  استشهدت في 17نوفمبر  2021 مجزرة بحري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *