فرانس 24: إنترناشونال غولدن غروب… شركة معروفة بانتهاكها عدة مرات لقرارات دولية لحظر تصدير الأسلحة (5/5)
Admin 21 أبريل، 2025 59
متابعات – «فويس»

في هذا الجزء الخامس والأخير من تحقيقنا المعمق حول وجود قذائف هاون ذات منشأ أوروبي في السودان، نغوص في الأنشطة الحالية لشركة إنترناشونال غولدن غروب الإماراتية، التي تقف وراء نقل هذه القذائف. وعلى الرغم من أن هذه الشركة الإماراتية ومؤسستها الأم، شركة إيدج غروب الإماراتية ضالعة في عدة ملفات، لتحويل وجهة أسلحة، موثقة في تقارير صادرة عن الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية، فإن عدة شركات فرنسية تواصل، حتى وقت قريب، توقيع عقود شراكة مع هذه الشركات.
في الجزء الرابع من سلسلة التحقيق المعمق: أوضحنا التداعيات المميتة لتوريد قذائف هاون إلى السودان على غرار تلك المصنعة في بلغاريا وتم تصويرها من قبل مقاتلين سودانيين في يوم 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024. فقد تم استخدام هذه الأسلحة باستمرار من قبل أطراف الحرب الأهلية المستمرة في السودان لاستهداف المدنيين بشكل مباشر. وتقصف قوات الدعم السريع باستمرار سكان مخيم لاجئين في دارفور بهذه القذائف ما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا.
على الرغم من أن صفقة شراء هذه الأسلحة التي سمحت بوصول القذائف بلغارية الصنع إلى أرض السودان، تمت في سنة 2019، إلا أنه لا وجود لأي دليل يسمح بمعرفة أن هذه الشركة توقفت عن ذلك في وقت لاحق.
واتصل فريق تحرير مراقبون فرانس24 بشركة دوناريت لمعرفة ما إذا كانت قد وقعت عقودا أخرى من نفس النوع مع شركة إنترناشونال غروب، فإن الشركة البلغارية رفضت تقديم المزيد من المعلومات. فيما لم ترد الشركة الإماراتية على أسئلتنا.
إن كان هناك شيء مؤكد فهو أن شركة إنترناشونال غولدن غروب تواصل نشاطها المكثف في الإمارات العربية المتحدة ولكن أيضا على المستوى الدولي. وتم شراء هذه الشركة المختصة في التزود بالقذائف والخدمات الأمنية من قبل شركة إدج غروب Edge group في شهر كانون الثاني/يناير 2024، وهي تجمع شركات متخصصة في الدفاع تمولها الدولة الإماراتية.
شراكات بالجملة مع مؤسسات أوروبية وفرنسية منذ عام 2023
قبيل عملية الاستحواذ عليها بقليل، وسعت شركة إنترناشونال غولدن غروب من شراكاتها خصوصا مع الشركات الفرنسية: ففي شهر شباط/فبراير 2023، دخلت الشركة الإماراتية في شراكة مع فرع مشترك من الشركة الفرنسية المتخصصة في الدفاع “سافران Safran”. والهدف من هذه الشراكة وفق مؤسسة “سافران” هو تطوير تكنولوجيا الإبحار والمناظير العسكرية لـ”توفير حاجيات وزارة الدفاع الإماراتية وهيئات أخرى محلية. ويتم كل ذلك في مقرات شركة انترناشيونال غولدن غروب وبقيادة “البرنامج الاقتصادي توازن” وهو صندوق عام في الإمارات مخصص لصناعات الدفاع. وقام رئيس الفرع المذكور عن شركة سافران بزيارة إلى هذه المقرات الجديدة في يوم 13 شباط/فبراير 2025، أي قبل وقت قصير من افتتاح أكبر معرض تسلح في الإمارات “آيدكس” الذي شاركت فيها الشركة الفرنسية.

ودائما خلال شهر شباط/فبراير 2023، حان دور شركة “نيكستر” التي تصنع دبابات ليكليرك Leclerc الفرنسية والتي تملك الدولة الفرنسية 50 في المئة من أسهمها، للدخول في شراكة مع إنترناشونال غولدن غروب. والهدف من هذه الشراكة هذه المرة هو تطوير دبابات ليكليرك التي يملكها الجيش الإماراتي “بهدف ضمان تفوقه في الميدان خلال العقود الثلاثة المقبلة” وفق تأكيد المجموعة الفرنسية. وكانت المجموعة الصناعية التي تنتمي إليها شركة نيكستر، التي باتت اليوم تدعى “كي إن دي إس فرانس KNDS France” حاضرة بدورها خلال نسخة معرض آيدكس لهذا العام.
كما توجد أيضا شراكة قديمة العهد تعود لسنة 2009 بين الشركة الإماراتية وشركة “تاليس Thales” وهي مجموعة فرنسية متخصصة في صناعات الفضاء والجو والعتاد الدفاعي. وكانت هذه الشراكة موجهة في البداية “لضمان حماية البنى التحتية الحيوية خصوصا تلك المتعلقة باستغلال موارد الغاز والنفط في الإمارات العربية المتحدة”. وفي سنة 2017، تضاعف حجم هذه الشراكة من خلال توقيع اتفاق مع وحدة “تاليس أوبترونيك Thales Optronique” وهي فرع من المجموعة الفرنسية، وفق برقية نشرتها وكالة الأنباء الحكومية في الإمارات.

وتم تغيير نص هذه البرقية في اليوم التالي لحذف الإشارة إلى المجموعة الفرنسية. وعلى الرغم من تواصل فريق تحرير مراقبون فرانس24 معها، لم ترد مجموعة تاليس على أسئلتنا. وفي ظل هذه المعطيات، لم يكن من الممكن معرفة ما إذا واصلت شركة تاليس علاقاتها مع شركتي إنترناشونال غولدن غروب وإيدج غروب الإماراتيين.
من شركة إيندرا الإسبانية إلى شركة ليوناردو الإيطالية، كانت نسخة معرض آيدكس للتسلح في هذا العام والتي جرت بين يومي 17 و21 شباط/فبراير 2025 في الحقيقة، فرصة لشركات الدفاع الأوروبية التي يبدو أنها كانت تستعجل توقيع عقود مع شركة إنترناشونال غولدن غروب أو مع شركتها الأم الجديدة إيدج غروب. إذ أن هذه الأخيرة هي إحدى “الشركاء الاستراتيجيين” لمعرض آيدكس، وفق ما ذكرته عبر موقعها الإلكتروني.
من جهته، أوضح توني فورتن من مرصد التسلح، وهي منظمة مختصة في جمع المعلومات في مجال التسلح والفاعلين فيه، قائلا:
الهدف من هذه الشراكات الكبرى بالنسبة إلى الإماراتيين هو مشاركة الكفاءات. وستمكن هذه الكفاءات دولة الإمارات من إنتاج عتادها العسكري بنفسها، وبالتالي بناء جهازها الدفاعي. ويتعلق الأمر بمقابل للصادرات الأوروبية من الأسلحة لهذه الدولة التي تعد مهمة جدا.
صفقات كبيرة كالعادة لشركتي إنترناشونال غولدن غروب وإيدج غروب خلال معرض آيدكس للأسلحة 2025
كما أن شركة إنترناشونال غولدن غروب حصلت على أحد أكبر العقود خلال معرض آيدكس لتزويد الجيش الإماراتي بالذخائر مقابل مبلغ يصل إلى 179 مليون يورو. وفي إطار صفقات مماثلة لتزويد الأسلحة التي قيل إنها موجهة للجيش الإماراتي، تمكنت شركة إنترناشونال غولدن غروب من تصدير الأسلحة إلى ليبيا، وهو ما وثقته تقارير مجمع الخبراء حول ليبيا التابع للأمم المتحدة.
ولا يوجد أي دليل يثبت حصول عملية نقل لمجمل التكنولوجيات والتجهيزات التي حصلت عليها شركة إنترناشونال غولدن غروب، عبر شراكات مع مجموعات أوروبية، إلى السودان في وقت لاحق لمساعدة قوات الدعم السريع.
إلا أن عمليات تحويل وجهة أسلحة من هذه النوع، من قبل شركة معروفة بانتهاكها عدة مرات لقرارات دولية لحظر تصدير الأسلحة، لن يكون بالأمر الجديد. وكشف تحقيق نشرته منظمة العفو الدولية في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2024، بأن أنظمة دفاعية للعربات العسكرية صنعتها شركات فرنسية تم العثور عليها في السودان، فوق العربات المدرعة التي استخدمتها قوات الدعم السريع.

المسؤولة عن هذا النقل هي شركة إيدج غروب الإماراتية، التي تتولى أيضاً تصنيع طراز العربات المدرعة التي وُجدت عليها أنظمة الدفاع الفرنسية، وهي الشركة الأم لمؤسسة إنترناشونال غولدن غروب. وتم تطوير هذه الأنظمة من قبل شركتي “لاكروا ديفنس Lacroix Défense” و “”كي إن دي إس فرانس KNDS France”” الفرنسيتين.
وفي اتصال مع فريق تحرير مراقبون فرانس24 بخصوص ما ورد في تحقيق منظمة العفو الدولية، أكدت شركة “لاكروا ديفنس” بأنها “زودت القوات المسلحة الإماراتية بأنظمة الدفاع الذاتي من طراز غاليكس” وأضافت المجموعة الفرنسية: “تم نقل هذه التجهيزات في إطار الاحترام التام لتراخيص التصدير التي حصلت عليها شركة لاكروا مع شهادات بعدم إعادة التصدير”. كما أصرت شركة لاكروا أيضا على الإشارة أن أنظمة غاليكس “هي حل دفاع ذاتي سلبي” ولا يحمل أي صبغة هجومية. ولم تجب الشركة عن سؤالنا الذي سعى لمعرفة ما إذا طلب الطرف الإماراتي ترخيصا لتصدير هذه الأنظمة الدفاعية إلى السودان.
أما شركة “كي إن دي إس فرانس KNDS France”، فتؤكد من جهتها أنها “لم تكن الطرف المصدر ولم تقم إلا بعملية بيع في فرنسا لصالح شركة لا كروا. وفي هذا الصدد، لم تكن شركة “كي إن دي إس فرانس”، تعلم بـ”المستخدم النهائي خلال تمرير هذه الطلبية أو خلال نقلها”.
وعلى الرغم مما سبق ذكره، كانت شركة “كي إن دي إس فرانس KNDS France” حاضرة في معرض آيدكس 2025. وعرضت الشركة التي تملك الدولة الفرنسية 50 في المئة من أسهمها صورا لمشاركتها في المعرض وزيارات مسؤولين رسميين في الحكومة الفرنسية مثل وزير الجيوش سيباستيان ليكورنو. إلى جانب جناح شركة “كي إن دي إس فرانس”، كان جناح آخر يعرض عربات مدرعة من طراز “نمر” من تصنيع شركة إيدج غروب الإماراتية.


“ترفض بعض المجموعات التعاون مع مؤسسة إنترناشونال غولدن غروب، فكيف تفعل الشركات الفرنسية ذلك؟”
هنا، يذكر الخبير في مرصد التسلح توني فورتين، وهي منظمة مختصة في جمع المعلومات في مجال التسلح والفاعلين فيه، بأن العلاقات التي تربط بين شركات التصنيع الدفاعي الفرنسية والإمارات العربية المتحدة قديمة وعميقة، ويضيف قائلا:
يجب أن يكون في علمنا أنه، في سنة 2011، كان 70 في المئة من العتاد (العسكري) المستخدم في الإمارات العربية المتحدة من صنع فرنسي. وتم ذلك عبر عدد كبير من الشراكات، ففي تسعينيات القرن الماضي، تم بيع تكنولوجيات بحرية بعد أن اشترت الإمارات العربية المتحدة عدة مواقع تصنيع فرنسية. ومن ثم تم بيع تكنولوجيات أقمار اصطناعية أو اتصالات. وكانت شركة “إيديك EDIC”، الاسم السابق لشركة إيدج غروب، تدار من قبل لوك فونيرون، وهو الرئيس والمدير العام السابق لشركة تاليس. لقد سمحت فرنسا بالفعل للإمارات بالحصول على قدراتها الحالية لتصنيع الأسلحة.
المشكل اليوم يتجاوز خطر حدوث عملية تحويل وجهة أسلحة. سياسة الإمارات تجاه بعض الدول مثل اليمن والسودان والصومال موثقة عبر تقارير خبراء في الأمم المتحدة، على سبيل المثال. نعلم اليوم بأن بعض مجموعات صناعة الدفاع الدولية ترفض التعاون مع شركة إنترناشونال غولدن غروب أو إيدج غروب. كيف يمكن للشركات الفرنسية أن تفعل ذلك؟ يجب على هذه الشركات أن تقدم توضيحات.
وفي اتصالات مع فريق تحرير مراقبون فرانس24، فإن كل الشركات الأوروبية والفرنسية المذكورة في هذا المقال أكدت بأنها تمارس أنشطتها وفق الضوابط المحلية والدولية التي تخص منتجاتها. ونشر فريق التحرير نص أجوبة هذه الشركات عندما تضمنت توضيحات دقيقة حول المعطيات المذكورة.
المصدر : فرانس 24
إقراء أيضاً:
الجزء الأول : شركة إماراتية تنقل قنابل أوروبية بلغارية إلى الدعم السريع في السودان
الجزء الثاني: قنابل أوروبية في السودان .. عقد إماراتي بخمسين مليون يورو (2/5)
الجزء الثالث: قنابل أوروبية في السودان: طريق المرتزقة من الإمارات إلى السودان (3/5)
شارك التحقيق