العجب عبدالكريم

العجب عبدالكريم العجب

كاتب صحفي

• من محبة الله لعباده أهل الجزيرة؟ الابتلاءات من حُمّى ضَنكٍ، وبَعوضٍ، وإنذار الفيضانات، وظهور التهاب الكبد الوبائي لبعض الحالات… كل ذلك جعل مجالس المدينة وكل ضلٍّ فيها لا يخرج الحديث فيها عن أحد هذه الأمور… أو الوضع المعيشي الذي صار بعبعًا يخيف حتى أصحاب الحظوة والمال… كل هذا جال بعقلي وأنا في طريقي إلى ضلي المعتاد، والذي أبدأ به يومي بكوب قهوة حليمة.

في طريقي، مررت بمجموعات تسير. عند تفرسي في الوجوه، أكثرها يبدو عليه الإعياء، ومعظمها يتأكد إعياؤه بالكانيولا في يده، دليلٌ وعلامةٌ كتلك الشامة التي تغنّى لها وردي… برغم الكانيولا في الأيادي، إلا أنهم ساعون لتلبية احتياجات أسرهم، صراعٌ ظلّ يحتدم يوميًا بين كل ربّ أسرة والطلبات اليومية والسوق وقلة الحيلة… هكذا خرجت من تفرسي في وجوههم وردّهم على التحية.

واصلت في طريقي، وبالقرب من ملتقى الضل حيّاني صديقٌ وزميلٌ، وبسؤاله عليّ «وين؟» أجبته: «إلى ضلنا وقهوة حليمة ترافقنا»، وبدأت تتسرب بين حوارنا إشارات لأخبار ومواضيع تحتاج أن نجلس ونناقشها… وفي اندماجنا هذا، وجدنا أننا قد تجاوزنا موقعنا المعتاد بالضل، اضطررنا أن نقف محيِّن الجالسين، وتلفتّ بحثًا عن مقعدي ذاك الوثير، والذي بيننا ودٌّ ولُطفٌ وأنسٌ مختلف… وجدته بعد أن أرشدتني عليه حليمة بضحكة محببة، تشعرك بأنها تربطك صلة رحمٍ بها، أكملت ضحكتها قائلة: «من شوفتي عارفاك بتفتِّش في كرسي الملك بتاعك دا».

ضحكنا أنا وصديقي، وجلسنا في انتظار القهوة. بدأ حولنا نقاشٌ جانبي عن الكرة وخروج الأهلي مدني الذي أعاد (مدني الكفر والوتر) لوضعها الطبيعي في كرة القدم. وبطبيعة حوارات الكرة، يطفو التعصب والاختلاف، مما يفقد الحوار محتواه… لم أعر بالًا لنقاش الكرة، وتوجهت بسؤالي للصديق عما سمعته من أخبار حول ضم الهيئة لوزارة الزراعة، هل الموضوع حقيقي؟!

اعتدل في جلسته، وبدا أن هذا الأمر لامس عنده جرحًا! أخذ في تنهيدة عميقة خلته أتى بها من باطن قدمه لطولها. وقال: «يا أخ، أنا عندي كم سؤال للمسؤولين… هل الضم دا بتم بقرار سياسي أم بدراسة؟ وهل ضم هيئة لوزارة قانونيًا يصح؟ وهل الهيئة بعد ضمها سوف تعتمد على مواردها كما كان سابقًا؟». 

طرح عليَّ هذه الأسئلة تباعًا، لم يمنحني فرصة الرد عليها كلًا على حدة تفصيلًا. حاولت أن أبيّن وجهة نظري له إجمالًا: «الضم الإداري لوحدة أو هيئة إلى وزارة معينة يتطلب توافقًا قانونيًا، ومبررات موضوعية مقنعة، خاصة إذا كانت الوزارة لا تملك صلة مباشرة بنشاط الهيئة العملي (نوع العمل). قد تكون هناك صعوبات قانونية وإدارية أمام هذا الضم، حيث يتم ضم الهيئات أو الوحدات إلى الوزارات ذات الصلة المباشرة بنشاطاتها، لتسهيل التنسيق والرقابة. وإذا كانت الأنشطة لا تتناسب مع اختصاصات الوزارة، قد يُفضل إبقاء الهيئة تحت إشراف جهة أخرى، أو تعديل هيكلها بما يتناسب مع أهدافها».

كما أن هناك اعتبارات قانونية لا يمكن إغفالها: الاختصاصات الوزارية عادة ما تُحدد القوانين اختصاصات كل وزارة، والهيئات التابعة لها. الغرض من الضم يجب أن يكون هناك مبرر منطقي للضم، مثل تعزيز التكامل، أو تحسين الأداء.

ولا أريد أن أفنّد التقاطعات القانونية، لكن شروط الخدمة تختلف في الهيكل التنظيمي والإداري والدورة المحاسبية… كل هذه الاختلافات تجعلنا نؤكد بأن قرار الضم ما هو إلا قرار يفتقد الدراسة، وهناك ما يُرى خلف الأكمة باتخاذه.

شكرني صديقي، وعاهدني على مواصلة بحثه للحصول على إجابات أسئلته لو سَخا المسؤولون. واحتملنا قهوتنا، وافترقنا… وديّ وإلى لقاء في براحات ضلٍ أرحب.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *