رؤية المستقبل: التغيير الإيجابي الانسيابي الإبداعي الأخضر… العودة الخضراء

155
pic02
Picture of إعداد: معتصم تاج السر

إعداد: معتصم تاج السر

عضو مؤسس لحركة السودان الأخضر

• من بين ركام المدن وأحزان القرى التي مزقتها الحرب اللعينة تلوح في الأفق بشائر الأمل وبزوغ عهد جديد في السودان حيث تتهيأ الأرض لاستقبال أبنائها النازحين واللاجئين بعد سنوات من الفقد والشتات والمعاناة.

هذه العودة المنتظرة ليست مجرد عودة لأرض مألوفة أو جدران قديمة بل عودة لروح السودان الخضراء لعهد جديد يعيد بناء الوطن على أسس راسخة من السلام، الإنتاج، العدل، والاستدامة.

في هذا السياق تطرح حركة السودان الأخضر رؤيتها الشاملة لما تسميه بـ «العودة الخضراء» وهي ليست فقط مشروع إعمار ما دمرته الحرب بل مشروع وطني حضاري متكامل لإعادة صياغة الوعي والاقتصاد والعلاقات الاجتماعية في كل شبر من السودان على قواعد جديدة تضمن العدالة البيئية، والسيادة الغذائية، والتنمية المستدامة.

فلسفة العودة الخضراء

العودة الخضراء ليست شعاراً عاطفياً عابراً بل رؤية عميقة تنطلق من قناعة أساسية مفادها:

أن الحرب دمرت الحجر والبشر معاً وبالتالي فإن البناء يجب أن يبدأ من الإنسان قبل أن يصل إلى الجدران..!

وتؤمن حركة السودان الأخضر بأن كل عودة إلى قُرى ومدن وولايات السودان يجب أن تحمل مضموناً جديداً في كيفية العيش والتفكير والتخطيط حيث يصبح احترام البيئة، والمصالحة المجتمعية، وتحقيق السيادة الغذائية وهو حجر الأساس في رسم معالم المستقبل.

مرتكزات العودة الخضراء

أولاً: 

الاقتصاد الأخضر المنتج:

العمل على تحويل كل قرية وكل حي إلى وحدة إنتاجية مستقلة تعتمد على مواردها المحلية.

دعم الزراعة العضوية كأساس لإنتاج غذاء نظيف وصحي يلبي احتياجات الإنسان ويحترم الأرض.

تحفيز الصناعات التحويلية الصغيرة والمتوسطة القائمة على منتجات الأرض مثل التمور، الصمغ العربي، الفواكه، الحبوب، الأعشاب الطبية.

دعم منظومات الاقتصاد الاجتماعي التضامني كبديل حقيقي للأنظمة الريعية والهشة التي جعلت الاقتصاد السوداني عرضة للتقلبات والحروب.

وكما كانت البداية العملية لهذا التوجه، أطلقت حركة السودان الأخضر مبادرة بنك البذور التي شرعت فعلياً في تنفيذ مرحلتها الأولى الإسعافية حيث ركزت المبادرة على رفع المسغبة وتخفيف معاناة آلاف النازحين في مراكز الإيواء بالمدارس، والأعياد المدنية، والقرى، بمختلف ولايات السودان.

وقد حققت هذه المبادرة أثراً عميقًا اقتصاديًا واجتماعياً حيث أسست عملياً لمفهوم العودة الخضراء وقدّمت نموذجاً واقعياً للاكتفاء الذاتي من خلال «حوش المنزل» ليكتشف النازحون بأن بإمكانهم إنتاج غذائهم بأقل جهد ومن أقرب مساحة متاحة لهم مما فتح لهم أبواب الأمل وخفف عنهم الشعور بالعجز ورسّخ لديهم قناعة تامة بأن التنمية تبدأ من حيث يقفون ومن حيث يعيشون وبإمكانهم أن يكونوا منتجين حتى في أقسى الظروف.

ثانياً: 

تعليم أخضر معاصر :

إدماج مفاهيم البيئة والتنمية المستدامة وأخلاقيات العيش مع الطبيعة في المناهج الدراسية بدءاً من التعليم الأساسي وحتى الجامعي.

تأسيس مدارس إنتاجية إبداعية خضراء في القرى والمدن، تقوم بدور مزدوج كبيئة تعليمية ومزرعة تطبيقية نموذجية، تدمج بين التعلم والإنتاج والمواطنة البيئية.

الاستثمار في الشباب وتمكينهم علميًا وعمليًا ليكونوا قادة المستقبل ورواد التنمية الخضراء في مجتمعهم.

ثالثاً: 

صحة خضراء وقائية :

إعادة بناء النظام الصحي على أساس وقائي وليس علاجي فقط مع التركيز على الغذاء العضوي الصحي كمصدر أساسي للوقاية من الأمراض.

تطوير البنية التحتية الصحية في القرى والمدن وفق معايير صحية بيئية حديثة تضع النظافة، التهوية، والتخطيط الأخضر في قلب التصميم.

دعم برامج الرعاية الصحية المجتمعية والتوعية البيئية لمكافحة الأمراض الناتجة عن التلوث وسوء التغذية.

رابعاً: 

بيئة خضراء متجددة :

إطلاق مشاريع قومية كبرى لإعادة تشجير المدن والقرى واستصلاح الأراضي المتدهورة بسبب الحروب والرعي الجائر والتصحر.

حماية الموارد الطبيعية من النهب والاستنزاف العشوائي ووضع خطط وطنية لإدارتها بصورة مستدامة.

تحويل كل مجتمع إلى شريك في حماية البيئة عبر حملات توعية وتشجيع السلوكيات البيئية المسؤولة.

خامساً: 

نظام اجتماعي متماسك :

ترسيخ قيم السلام والتسامح والتعايش، ونبذ العنصرية والجهوية.

تشجيع العمل التعاوني والمبادرات المجتمعية في الإعمار والإنتاج.

بناء شبكات دعم اجتماعي قوية تعزز التكافل والتكامل بين العائدين.

وتعتمد حركة السودان الأخضر في رؤيتها على إرساء المصالحة المجتمعية القاعدية الشاملة التي تنطلق من القرى والأحياء ومجتمعات النازحين، وتُبنى على الاعتراف، العدل، جبر الضرر، والتسامح الحقيقي، كمدخل أساسي لإعادة لحمة المجتمع وترميم النسيج الوطني الذي مزقته الحرب ليعود أكثر تماسُكاً وصلابة أمام التحديات.

سادساً: 

مبادرة «شتلة لكل عائد»:

وفي إطار دعم العودة الخضراء وترسيخ ثقافة البناء بالأمل والعمل تعلن حركة السودان الأخضر عن طرح مبادرة جديدة تحت شعار:

«شتلة لكل عائد».

تهدف هذه المبادرة إلى أن يعود كل نازح ولاجئ إلى بيته، مدينته أو قريته، وفي يده شتلة شجرة مثمرة، يرعاها في ساحة منزله أو حديقة قريته، لتكون رمزاً حياً ودائماً للسلام، والإنتاج، والاستمرارية.

هذه الشتلة ليست مجرد نبتة شجرة بل رسالة بأن العودة تبدأ بزرع الأمل، وبأن البناء والإعمار لا ينطلق فقط من الطوب والحجارة، بل من الشجرة، ومن كل بذرة خضراء تمنح الظل والثمر، وتعيد الارتباط العاطفي والوجداني بين الإنسان وأرضه.

«شتلة لكل عائد» تمثل وعداً جديداً وعهداً أخضر بأن مستقبل السودان سيُزرع بالأيدي السودانية، وسيثمر للأجيال القادمة.

رؤية الشعب هي أساس البناء

تضع حركة السودان الأخضر الشعب السوداني في صميم رؤيتها وتؤمن بأن:

«الشعب هو أساس التغيير، وهو سيد التغيير، وهو مرجعية كل تخطيط للحاضر وصناعة كل تفاصيل المستقبل».

وتُؤكد الحركة التزامها الكامل بفلسفة شعارها:

«ما يخصني لن يكون بدوني»

في تأكيد واضح على أن لا قرارات فوقية، ولا مخططات قسرية بل تغيير تشاركي ينبع من صميم المجتمع وبإرادته ليصنع هو مستقبله بنفسه ويعيد كتابة قصة نهوض السودان بيده وعقله وقلبه.

الوعد والمنى

العودة الخضراء ليست مجرد تحرك سكاني نحو الديار بل هي مشروع وطني متكامل لإعادة الحياة بصورة صحيحة ومستدامة تنطلق من الوعي بالموارد، والإيمان بالقدرات المحلية، والعمل المشترك بين الإنسان وأرضه ومجتمعه.

هي دعوة لعودة جديدة في المفهوم والسلوك، نحو سلام حقيقي، تنمية عادلة، وإنتاج نظيف، يصون السودان وطنًا وشعبًا وأرضًا.

التحرير الأخضر قادم والعودة الخضراء حتمية بالارادة والادارة والعلم والعمل.

تفجير الطاقات البشرية بالعلم والوعي وامتلاك وتسخير الآليات والتقانات الحديثة لاستغلال الموارد العظيمة المتاحة بمنهحية علمية واساليب ابداعية مبتكرة نحقق من خلالها التطور والنماء والازدهار في كل المناحي ارتقاءاً لحياة حرة كريمة.

التحرير الأخضر قادم والعودة الخضراء حتمية.

والمستقبل لنا طالما آمنا أن السودان لا يُبنى إلا بسواعد أبنائه وبحبهم لهذه الأرض الخضراء.

 

شارك الموضوع

1 thought on “رؤية المستقبل: التغيير الإيجابي الانسيابي الإبداعي الأخضر… العودة الخضراء

  1. مشروع رائد يحقق التنمية والاستقرار ويغير نظرتنا الي مواردنا الغير مفعلة. ومستغلة بصورتها الحقيقية من تربة صالحة ومياه وعقول بشرية تعمل علي ادارة هذا التحول بكل صدق ووطنية بارك الله فيكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *