ديوان أصداء النيل نموذجاً.. نقد النقد بين عبد الله الطيب وطه حسين والشاعر محمد محمد علي

19
عبدالله الطيب
Picture of عز الدين ميرغني

عز الدين ميرغني

• الدكتور عبد الله الطيب ، من أكثر الذين دافعوا عن القصيدة التقليدية العربية ، بل هو يفضلها على الشعر الانجليزي . خاصة ، والاوربي عامة . بقول في مقدمة ديوانه ( اصداء النيل) ، ( هذا وقد قلبت نظري في كثير من الدواوين العربية والإنجليزية واستقر في نفسي بعد الموازنة ، أن الشعر العربي ليس كمثله مما قرأته في الانجليزية . حتى ولا شعر شكسبير) . ومن ما يؤخذ على الشعر الاوربي، التطويل، وضعف النغم، وكثرة التفصيل، مما لا حاجة الي لحاق البيان الوجداني الشعري) . ومن هنا كان تفضيلي للشعر العربي. وذكر الدكتور عبد الله الطيب أنه قد جرب شعر التفعيلة قبل نازك الملائكة،  والسياب،  وغيرهما من الذين شقوا عصا الطاعة وخرجوا عن عباءة القصيدة العربية التقليدية.  ولكنه اقلع عن ذلك وتاب. وانتقد كثيرا الفتنة بالشاعر الانجليزي تي اس اليوت.  

تعود العلاقة بين عبد الله الطيب والدكتور طه حسين ، الي مطلع الخمسينات، عندما قدم طه حسين لكتاب ( المرشد لفهم اشعار العرب وصناعتها )   ، وقال عنه ( هذا كتاب ممتع غاية الإمتاع،  لا أعرف أن مثله ، أتيح لنا في هذا العصر الحديث.  وهذا لم يمنع طه حسين من أن يقدم دراسة نقدية فيها بعض القسوة لأول ديوان يصدر للدكتور عبد الله الطيب.  بعنوان ( اصداء النيل ) . بصحيفة الجمهورية كما نشره في كتابه ( من أدبنا المعاصر ) . وفي أول المقال أثنى عليه وعلى شاعرية صاحبه . وهو شعر معاصرة في المعنى وليس في الشكل . ولكنه أخذ على الديوان ، أنه يقلد أسلوب الشعر القديم جدا ، ويكثر من استعمال المفردات الغميسة والعويصة،  أو ما تطلق عليه كتب اللغة ( الغريب من الألفاظ ) . وقال إن عبد الله الطيب ، لم يكتب بلغة عصره حيث لغة الحياة اليومية والكثير من هذه الكلمات، قد اندثرت ولا يعم استعمالها . ويقول ( لو كنت شاعرا لما سلكت طريق شاعرنا لاني اوثر أن أصل الي قلوب الناس واذواقهم.  ويضيف( اذا كنا نقول بأن البارودي وشوقي،وحافظ قد اسرفوا على انفسهم وعلى الناس، في تقليد العباسيين فكيف بمن يذهب مذهب الجاهليين ) .

ويضرب طه حسين أمثلة على المفردات الغريبة في ديوان اصداء النيل مثل كلمة ( الطخا،  والسبنتاة،  والشقور،  والمرير،  والصوان ) . وهي مفردات لا تفهم إلا بالرجوع المعاجم. ورد عليه الشاعر محمد محمد علي ، في مقال له نشر في كتابه( محاولات في النقد ) ، وذكر بأن الديوان لا يوغل في النقد ، وقال بأن اسلوب عبد الله الطيب يشبه أسلوب البارودي.  وان طه حسين لم يتحدث عن بناء القصيدة العام، ولم يحدثنا عن ترابط اجزاء القصيدة . وقال ليس معنى ذلك أنني ادافع عن استخدام الغريب في الشعر . وان هذا الديوان فيه من التجريب والتجديد ما فات على طه حسين أن يستشهد به . وقال بأن العامية السودانية بها الكثير من الفصحى القديمة . مثل كلمة ( الطخا) ، وتعني بها السحاب.  ورد عبد الله الطيب على طه حسين بقوله ( أن السبنتاة ليست من الغريب وتم ذكرها في شعر المحدثين.  وشن هجوما عنيفا على الذين تبنوا نقد طه حسين دون ذكر الأسماء،  وسماهم( غربان السياسة الناعقة،  وحمرها الناهقة،  وبغاثها ذو الصياح الرتيب.  وبعضها تعمد الظلم ، اما بروح نفاسة واما بسواد قلب حسود.  وهؤلاء قليل وشرهم كبير نستعيذ بالله منه ) . ومن الذين ناصروا عبد الله الطيب، الدكتور عبد الله علي ابراهيم ، بقوله لعبد الله الطيب قاموس ، من شأنه اثراء لغتنا الشعرية المعاصرة وهو يرد على كلمة لعبد القدوس الخاتم قال فيها بأن شعر عبد الله الطيب محض تشوف للأصول القشرية للغة العربية القديمة.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *