دور ديوان المراجعة في الرقابة على المال العام في السودان
Admin 28 يونيو، 2025 77
أ. د. فكري كباشي الأمين العربي
خبير اقتصادي
• إن ديوان المراجعة القومي بجمهورية السودان كغيره من أجهزة الرقابة المالية العليا في العالم، اقتضت تكوينه الظروف الماسة للدولة ليكون رقيباً على المال العام من حيث كم الرقابة على الصرف لكي يتماشى مع الأهداف والقوانيين واللوائح المنظمة لذلك، والحفاظ على سلامة التحصيل، والتأكد من إيداعها في مأمن وحسب النظام والأسس الموضوعة لذلك. وتاريخياً أنشئ ديوان المراجعة القومي في العام 1920م تحت مسمى مصلحة المراجعة، وتتبع لسكرتارية الحاكم العام خلال فترة الحكم الثنائي، وفصلت من سكرتارية الحاكم العام بموجب قانون 1933م، وأصبحت مصلحة مستقلة يرأسها المراجع العام. وبعد حصول السودان على الاستقلال في العام 1956م ألغي قانون 1933م وصدر قانون المراجع العام وأجريت عليه عدة تعديلات. وتتمثل أهم المهمات التي يختص بها الديوان فيما يلي:
(أ) المراجعة النظامية:
ومن المهم الأخذ في الاعتبار رأي المراجع حول القوائم المالية التي تعزز مصداقية القوائم المالية، ولكن لا يضمن قابلية استمرار الوحدة الخاضعة للمراجعة مستقبلاً،
لا يضمن الفعالية والكفاءة التي تقوم بها إدارة الوحدة الخاضعة للمراجعة في معالجة قضايا الوحدة.
لا يضمن أن الوحدة الخاضعة للمراجعة خالية من الفساد، وتتمثل أهم أهداف المراجعة النظامية في أنها تحقق الآتي:
1. للحصول على توكيد معقول حول ما إذا كانت القوائم المالية خالية من الأخطاء الجوهرية، سواء كانت بسبب الأخطاء أو المخالفات. وبهذا تمكن المراجع من إبداء رأي حول ما إذا كانت القوائم المالية أعدت من كل النواحي الجوهرية وفقاً للإطار القانوني للتقارير المالية القابلة للتطبيق
2. التقرير عن القوائم المالية كما هو مطلوب بواسطة معايير المراجعة الدولية للمؤسسات العامة وفقاً لنتائج المراجع.
3. التوصيل للمستخدمين والإدارة والمسؤولين عن الحوكمة أو أي طرف خارج الوحدة الخاضعة للمراجعة المواضيع التي تخرج عن المراجعة ما هو مطلوب بالمعايير أو التشريعات.
4. لتحقيق هذه الأهداف على المراجع ممارسة الحكم المهني، والتحلي بالارتياب المهني خلال المراجعة، ومن بين الأشياء الأخرى.
(ب) مراجعة ضمان الجودة:
وتهدف مراجعة ضمان الجودة للتأكد من التزام الديوان في مراجعة الحسابات بالمعايير المهنية العالمية، وقواعد وأخلاق السلوك المهني. هذا وكان ديوان المراجعة القومي قد التزم مبكراً بتطبيق المعايير المهنية الدولية في تنفيذ إجراءات مراقبة جودة تقاريره وأعماله المختلفة.
(ج) مراجعة الالتزام:
تُعد مراجعة الالتزام تقييماً مستقلاً لمدى التزام موضوع معيّن بالمرجعيات المعمول بها باعتبارها معايير، ويقوم المراجعون على تقييم الأنشطة والمعاملات المالية والمعلومات، من كافة الجوانب الجوهرية وفق المرجعيات التي تحكم الجهة محل المراجعة، كما يقوم المراجعون في عملية مراجعة الالتزام بالبحث عن الانحرافات المادية، أو الاستغناء عن المعايير الثابتة التي قد تستند إلى كلٍّ من قوانين ولوائح ومبادئ الإدارة المالية أو الانضباط. وترفع مراجعة الالتزام من مستوى الشفافية، من خلال إعداد التقارير المعتمدة عما إذا كانت الأموال العامة تم إنفاقها بموجب المرجعيات المعمول بها أم لا، كما أنها تعزز من عملية المساءلة بالإبلاغ عن الانحراف عن المرجعيات ومخالفتها.
وتساعد مثل هذه المعلومات في اتخاذ الإجراءات الصحيحة، ومساءلة الموظفين الحكوميين عن أعمالهم، بينما تعزز مراجعة الالتزام من الحكم الرشيد، وذلك من خلال تحديد نقاط الضعف، والأعمال المخالفة للوائح والقوانين. وقد تُعنَى مراجعة الالتزام بالنظامية (التقيد بالمعايير الرسمية كالقوانين واللوائح والاتفاقيات ذات الصلة)، أو بالانضباط (مراعاة المبادئ العامة التي تحكم الإدارة المالية السليمة وسلوك الموظفين الحكوميين).
رغم أن النظامية تُشكّل محطَّ التركيز الرئيسي لمراجعة الالتزام، إلا أن الانضباط قد يكون وثيق الصلة بالموضوع كذلك، نظراً لسياق القطاع العام الذي تتحكم به توقعات معيّنة تتعلق بالإدارة المالية وسلوك الموظفين. وقد يشمل نطاق المراجعة بعض جوانب الانضباط وفقاً لتعليمات الجهاز الأعلى للرقابة، وطبيعة اللوائح والقوانين المعمول بها في القطاع العام. نتائج التقييم أو قياس الموضوع وفق المعايير.
(د) مراجعة الأداء:
تطور مفهوم الرقابة التي تمارسها الأجهزة العليا للرقابة المالية تطوراً كبيراً في السنوات الماضية. فلم يعد قاصراً على الرقابة المالية بمفهومها التقليدي فقط؛ بل امتد مفهوم المراجعة ليشمل رقابة الالتزام القانونية، والرقابة علي الأداء أو (مراجعة الأداء). وتعرف مراجعة الأداء بشكل عام بأنها (فحص هادف ومنتظم بغرض تقديم وتقييم مستقل عن أداء الجهة والمشروع أو البرامج أو النشاط والوظيفة الحكومية، لتوفير معلومات تؤدي لتحسين المساءلة العامة وتسهيل اتخاذ القرار). وكذلك التعرف على مدى تنفيذ المشروعات الاستثمارية بالتكلفة المقدرة، وطبقاً للتوقيت الزمني لها على الوجه المحدد في الخطة.
(ه) الإدارة العامة لمراجعة البيئة والتنمية المستدامة:
أصبحت المسؤولية البيئية إحدى أكبر التحديات التي تواجه العالم، مما دفع للاهتمام المتزايد بسلامة البيئة واستخداماتها. وانعقدت العديد من المؤتمرات الدولية والإقليمية للحد من ظاهرة التلوث البيئي، مثل مؤتمر قمة الأرض فى 1992م؛ المنعقد في ريودي جانيرو، ومؤتمر التنمية المستدامة فى جوهانسبرج عام 2002م.
ولذلك أعتقد أن المطلوب فقط تفعيل دور ديوان المراجعة في الرقابة على المال العام في السودان، وهذا وحده كفيل بمعالجة كل السلبيات التي بدأت تطفح على السطح.
شارك المقال