العجب عبدالكريم

العجب عبدالكريم العجب

كاتب صحفي

• في تطوافي اليومي على ذاك الضل الذي أضحى منبرًا لفئات متباينة من سكان مدينتنا التي نعشق مدني. وصلت مقعدي الذي اعتاد مرتادو الضل على وجودي اليومي فيه، وجدته ودفء آخر جلوسي عليه ما زال كما هو، وكأنني قد بارحته قبل هنيهة. أرخيت ظهري عليه، متخلصًا من كم هائل من حمل الهم الذي أُقحمتنا فيه حرب فرضت قسرًا، خطأ واحد من التفكير لدى العامة.
لم تدع ضوضاء دواخلي أن أركز في الحوار الدائر بين رواد الضل، إلا بعد أن وصلتني قهوتي التي أعادتني لمسرح الضل حين قدمتها لي حليمة ست الشاي بصوتها الذي أيقظني. بعد احتساء الرشفة، كانت آخر كلمات المتحدث عن جلسة نيويورك: “الساعة كم؟”.

هذا السؤال أعاد لي بعضًا من خيال وددت أن أشرك فيه رفقاء الضل. فاعتدلت في جلستي، ممسكًا بيدي كلتيهما على قهوتي ملهمتي، موجهًا حديثي للجميع، وبصوت اجتهدت أن أجعله كأصوات الساسة عند المؤتمرات والندوات (يخالجني إحساس أنهم فيها يقلدون بعضهم بعضًا أو رمزًا اتخذوه نموذجًا). أعليتُ من صوتي حتى أحشد وأشحذ الانتباه: “يا أحباب، اليوم يشارك ممثلون عن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في مؤتمر حل الدولتين، ومثلما أعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية عن خارطة عمل واضحة لحل الدولتين، لماذا لا نطالب من هذا الضل بتحديد جلسة لحل الحكومتين في السودان، مع تحديد خارطة طريق واضحة لإنهاء الأزمة السودانية؟”.
قاطعني أحد الحاضرين: “يا أخ، هناك اختلاف في السياق السياسي للقضية الفلسطينية والأزمة السياسية في السودان، حيث إن أزمة السودان سياسية داخلية، والقضية الفلسطينية قضية وطنية وقضية حقوق إنسان”. أجبته، مواصلًا: “الأهداف تختلف… ففي الشأن الفلسطيني هناك تحديات سياسية كبيرة، على سبيل المثال نزع سلاح حماس، وتسليم المحتجزين يعد من القضايا الشائكة… كما نجد أن الحل السياسي في حل الحكومتين هناك من يراهن على الدمج باتفاق سياسي شامل لا يستثني أحدًا، والبعض يفرض الحل بالهيمنة على الأطراف الأخرى، وهناك رؤى تعبّر عن فئات يخذلها البعد الإعلامي في إيصال صوتها”.

وددت أن أستكمل فكرة الدعوة التي جاءت بطلب من تل أبيب ومصر وأمريكا والسعودية، وحددت لها ضاحية كافوري بإحدى المزارع المهيأة لاستقبال الوفود في منتصف الشهر القادم. من جانبنا، ندعو كافة الأطراف المعنية، بمن في ذلك الشعب السوداني بكافة أطيافه المؤتلفة والمختلفة، والدول التي يمكن أن تلعب دورًا بارزًا في حل الأزمة، وكل الكيانات الفاعلة في المشهد برؤاها. وتعدّ قضية حل الحكومتين قضية وطنية، حيث يسعى السودانيون إلى تحقيق وحدتهم واستقرارهم السياسي. ونجد أن هناك تحديات وطنية كبيرة، حيث يتعين على الأطراف إيجاد حلول ترضي جميع أطياف المجتمع السوداني. والحل السياسي قد يجعل هناك توافقًا إذا خلصت النيات حول القضايا الخلافية. كما يجب على المجتمع الدولي دعم المفاوضات بين الأطراف المختلفة، من خلال توفير الضمانات اللازمة لتنفيذ أي اتفاقات.

تمثل جلسة حل الحكومتين تحديًا سياسيًا ووطنيًا، لا بد من لملمة نقاط التلاقي في الحلول السياسية والوطنية المطروحة، للحفاظ على الوحدة الوطنية والاستقرار السياسي. كما أن دعم المجتمع الدولي يسهم في نجاح المفاوضات، وتحقيق حل سياسي وطني شامل.

عند وصولي لهذه النقطة، شعرت بسخونة كوب القهوة التي بدأت تسيل على يدي بفعل ترنحي على مقعدي الذي أسندت عليه ظهري وهمّي، وكانت كلمات سؤال آخر متحدث عن زمن جلسة حل الدولتين.
هل حل الحكومتين كما شهدتموه معي بقفوتي يمكن أن يوصل إلى سودان آمن مستقر؟
ودي وإلى لقاء في براحات ضل أرحب.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *