محمد المهدي

محمد المهدي

مستشار التحرير وكاتب صحفي

• بعد إعلان نتيجة امتحانات الشهادة السودانية المؤجلة لعام 2023، نسوق التهنئة لأبنائنا الطلاب الذين حالفهم التوفيق وكان النجاح ثمرة جهدهم، وعاقبة بذلهم وعطائهم. 

أما الذين لم يكن النجاح حليفهم، فقد بذلتم الجهد، وكنتم قدر التحدي، يكفيكم أنكم أصحاب إرادة لا تقهر، وعزيمة لا تلين، وأنكم سعيتم بكل طاقتكم لتجتازوا هذه المرحلة، ونحن نعلم مدى صبركم وتحملكم، لكن قدر الله وما شاء فعل، إلا أن الأبواب مشرعة أمامكم لإعادة المحاولة، فالظرف الآن أفضل مما سبق، فقد عاد كثيرون إلى بيوتهم، التي أخرجوا منها مرغمين، أو غادروها حفاظاً على أرواحهم. هذه عودة ستوفر للطلاب الراحة النفسية، وستتيح لهم الخصوصية التي تمكنهم من الالتفات إلى الدراسة وتنظيم الوقت من دون حرج كما كان في أماكن النزوح. 

إن هذا البلد في أشد الحاجة إليكم، بعد أن تنهلوا من العلم، وتتسلحوا بشهاداتكم، لتعيدوا إعماره، ولتحسنوا إدارة الموارد الضخمة والثروات المتنوعة التي أنعم الله بها علينا، لكن كل الأجيال السابقة لم تنجح في هذا الامتحان، الآن الكرة في ملعبكم، والثقة بكم لا يدانيها شكٌّ، فقد ضحيتم بالغالي والنفيس، وقدمتم أرواحكم فداء للوطن مرتين، الأولى عندما رأيتم الحاجة إلى التغيير بعد فشل الحكومة في إدارة البلاد، وتفشي الفساد، وانسداد الأفق، فقد خرجتم تهتفون بحناجركم وواجهتم الرصاص بصدور عارية، وبشجاعة شاهدها كل العالم. 

والمرة الثانية التي قدمتم فيها أرواحكم عندما تعرضت البلاد إلى انتهاكات مليشيا الدعم السريع، التي أعملت آلة القتل في المواطنين، واستباحت المدن والقرى، فتناديتم للدفاع عن الأرض والعرض، وخضتم المعارك في الخطوط الأمامية، تحملون السلاح الذي كنتم في مواجهته، لتصدّوا  به عدواً يقاتل بلا أخلاق ولا مبادئ، فكنتم نعم الشباب صاحب العزيمة، الذي لم يتخلّ عن بلده، بل فداها بالروح. 

فكأن المتنبي يعني كل واحد منكم عندما مدح سيف الدولة بقوله:

وقفت وما في الموت شك لواقف ** كأنك في جفن الردى وهو نائم

تمــرّ بـك الأبطـــال كلمى هــزيمة ** ووجـهك وضـاح وثغـرك بـاسم

إن الشباب الذي قدم تلك التضحيات، والذي  ما احتاجه الوطن في ساعة عسرة إلا وجده حاضراً، ملبياً النداء، لهو جدير بأن نعقد عليه الآمال في انتشال هذه البلاد من القاع، والارتقاء بها إلى القمة، لتكون في مصاف الدول المتقدمة. إن رسولنا محمد – صلى الله عليه وسلم – لم ييأس من كفار قومه بمكة من صناديد قريش، وأبى أن ينزل عليهم العقاب، سائلاً الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله، وقد تحقق رجاء رسولنا الكريم، فقد خرج من أصلابهم من صار من كبار الصحابة والقادة. 

إننا نأمل أن تكونوا أبناءنا الذين يتحقق على أيديهم ما فشلت فيه الأجيال السابقة، إنكم أهل ثقتنا، وعشمنا وأملنا أن يكون النجاح حليفكم، إنكم جيل التضحيات  والنجاحات، جيل قلّ أن يجود الزمان بمثله، فكما كنتم جيل الفداء كونوا جيل نهضة السودان وإعماره.. 

شباب قنع لا خير فيهم ** وبورك في الشباب الطامحين. 

إلى أرواحهم سلام

رحم الله الشاب الطموح صهيب عوض، الذي أردته رصاصات الغدر والجبن التي أطلقتها يد آثمة، حملت السلاح بغرض السرقة، ففُقدت روح عزيزة، وترملت امرأة في ريعان شبابها، لتجد نفسها تعول ثلاثة أطفال تيتّموا في مهدهم. شُلتْ يمين من رماك فقيدنا صهيب (كهربا). 

تقبل الله ابننا الطالب محمد الخاتم عبد الحميد، الذي ارتقى شهيداً وهو يدافع عن وطنه. 

الفقيد منذر سبت أيضاً أحد طلابنا، كنا نرجو له مستقبلاً نضراً، لكنه رحل إلى الدار الآخرة شهيداً. فقد كنا في انتظاركما في امتحان الشهادة السودانية، لكنكما والفقيد صهيب فزتم ونلتم الشهادة الكبرى.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *