تجفيف الفاكهة والخضروات والفرص الواعدة في السودان

301
pic01
Picture of إعداد: م. معتصم تاج السر

إعداد: م. معتصم تاج السر

عضو مؤسس لحركة السودان الأخضر

 

يُعد تجفيف الفاكهة والخضروات من أقدم وسائل حفظ الغذاء وأكثرها صداقة للبيئة.

إذ يهدف إلى خفض المحتوى المائي للثمار والخضروات لمنع نشاط الكائنات الدقيقة وإطالة فترة صلاحيتها مع الحفاظ على قيمتها الغذائية ونكهتها الطبيعية. 

ويتميز السودان بتنوعه البيئي والمناخي الذي يجعله من أغنى الدول في الإنتاج الزراعي من حيث التنوع والكمية مما يتيح فرصاً هائلة للاستفادة من التجفيف كوسيلة للحد من الفاقد وتحويله إلى منتجات ذات قيمة مضافة.

إنتاج السودان من الفواكه والخضروات (منتجات طازجة)

أ. التمور: 

تزرع في الشمالية (دنقلا، مروي، دلقو) ومناطق نهر النيل ويقدر إنتاجها السنوي بين 450,000 – 500,000 طن مع فقدان حوالي 20 – 25% بعد الحصاد.

ب. المانجو: 

تنتج في النيل الأزرق، سنار، القضارف، الجزيرة والخرطوم، ويصل الإنتاج السنوي إلى 300,000 – 350,000 طن، مع فقدان يتراوح بين 30 – 35%.

ت. الموز: 

يزرع في الجزيرة، النيل الأبيض، كسلا والقضارف ويبلغ الإنتاج السنوي حوالي 200,000 طن مع فقدان 35 – 40%.

ث. الجوافة: 

تزرع في الخرطوم، النيل الأبيض، الجزيرة وكسلا، ويقدر الإنتاج بين 150,000 – 180,000 طن مع فقدان 25 – 30%.

ج. الباباي: 

تنتج في البحر الأحمر، كسلا والجزيرة ويبلغ الإنتاج السنوي 50,000 – 70,000 طن مع فقدان حوالي 30%.

ح. الموالح:

(برتقال، قريب فروت، ليمون): 

تنتج في النيل الأزرق الجزيرة، سنار وكسلا ونهر النيل ويصل الإنتاج إلى 250,000 – 300,000 طن، مع فقدان 20 – 25%.

خ. الطماطم: 

متوفرة بكميات كبيرة في مواسم الحصاد في الجزيرة، الخرطوم، القضارف وكسلا، ويقدر الإنتاج السنوي ب 300,000 – 350,000 طن، مع فقدان 40 – 45%.

جميع هذه المنتجات تُباع طازجة في الأسواق المحلية ولا توجد عمليات تجفيف كبيرة حالياً في السودان.

تقنيات التجفيف:

التقليدية:

التجفيف الشمسي المفتوح: فرد الثمار والخضروات تحت أشعة الشمس المباشرة الأرخص لكنه عُرضة للغبار والحشرات وفقدان الجودة.

التجفيف بالهواء الطبيعي: يعتمد على تهوية المنتج بطيء وغير مناسب للثمار والخضروات الطرية.

الحديثة:

المجففات الشمسية المحمية: مثالية للمانجو، الجوافة الطماطم، تعمل بالطاقة الشمسية، تحافظ على الجودة وتقلل الفاقد.

المجففات الصناعية بالهواء الساخن: 

جودة عالية تحكم كامل بالرطوبة والحرارة مناسب للتصدير.

التجفيف بالتجميد (Freeze Drying) :

يُعد من أحدث وأفضل الطرق العالمية للحفاظ على الفاكهة والخضروات.

وهو أسلوب متطور يعتمد على التجميد السريع للمنتجات عند درجات حرارة منخفضة جداً ثم تعريضها لعملية التسامي (Sublimation)

حيث يُزال الماء مباشرة من الحالة الصلبة (الثلج) إلى الحالة الغازية (بخار) تحت ضغط منخفض باستخدام غرف تفريغ خاصة. 

هذه التقنية تُمكّن من الاحتفاظ بشكل الفاكهة والخضروات وقيمتها الغذائية بنسبة تفوق 90% مقارنة بالطرق التقليدية مثل التجفيف الشمسي أو الحراري. 

كما أنها تمنع فقدان اللون الطبيعي والنكهة والفيتامينات الحساسة للحرارة، مثل فيتامين C وA.

من مزايا هذه الطريقة أيضاً أن المنتجات النهائية خفيفة الوزن وسهلة النقل والتخزين ويمكن إعادة ترطيبها بسرعة عند إضافتها إلى الماء لتعود تقريبًا إلى حالتها الأصلية.

وقد أصبحت هذه التقنية رائجة في الصناعات الغذائية الحديثة خاصة في إنتاج الفواكه المجففة الفاخرة، المكونات المستخدمة في صناعة الأدوية، الأغذية المخصصة لرحلات الفضاء والجيش، وكذلك الأغذية الصحية ذات القيمة العالية.

التجفيف بالأشعة تحت الحمراء والمايكروويف:

تقنيات سريعة ومحدودة الاستخدام حالياً في السودان.

مبادرة حركة السودان الأخضر للمجففات الشمسية:

أطلقت حركة السودان الأخضر مبادرة لتوفير المجففات الشمسية في مناطق الإنتاج، بهدف:

تقليل نسبة الفاقد بعد الحصاد بشكل كبير (من 30 – 45% إلى أقل من 15%).

تحسين جودة المنتجات لزيادة فرص التصدير.

خلق فرص عمل للشباب والنساء في الريف.

دعم إنتاجية السوق المحلية، وتحويل الفائض إلى منتجات مجففة صالحة للتخزين لفترات طويلة.

وتقدم حركة السودان الأخضر الدراسات والدعم الفني اللازم في مجال التخفيف وتقنياته المختلفة.

نماذج أفريقية وعربية وعالمية:

لقد نجحت العديد من الدول في تطبيق نماذج متقدمة لتجفيف الفاكهة والخضروات يمكن الاستفادة منها في السودان:

أفريقيا:

كينيا: 

استخدمت المجففات الشمسية المحمية لتجفيف المانجو والبابايا، مما أدى إلى تقليل الفاقد بنسبة 40% وزيادة فرص التصدير إلى أوروبا والشرق الأوسط.

جنوب أفريقيا: 

اعتمدت على المجففات الصناعية بالهواء الساخن لتجفيف الطماطم والفواكه الاستوائية، مع استخدام تقنيات التعبئة والتغليف المطورة للحفاظ على الجودة.

العالم العربي:

مصر: 

طورت مجففات صناعية متقدمة لتجفيف الطماطم والموالح مع إنشاء مصانع متخصصة لضمان المعايير الصحية والجودة للتصدير.

المغرب: 

استخدمت تقنيات تجفيف الشمس المحمي لتجفيف التمور والمشمش، ودمجت تقنيات التبريد للحفاظ على اللون والنكهة.

العالمية:

الولايات المتحدة الأمريكية:

إعتمدت على التجفيف بالتجميد والأشعة تحت الحمراء لتجفيف التوت والفواكه الطرية مع الحفاظ على القيم الغذائية وتوسيع نطاق التصدير العالمي.

أستراليا: 

طورت تقنيات تجفيف باستخدام المايكروويف والطاقة الشمسية المركزة للفاكهة الاستوائية والخضروات مع معايير أورجانيك للتصدير للأسواق الأوروبية.

اليابان: 

استخدمت التجفيف بالتجميد المتقدم لتقديم منتجات غذائية عالية الجودة مع دمج تقنيات التعبئة الذكية لزيادة مدة التخزين والحفاظ على الطعم والنكهة الطبيعية.

الجدوى الاقتصادية والبيئية:

القيمة المضافة: 

الفاكهة والخضروات المجففة تباع بأضعاف الطازجة (كيلو المانجو الطازج ≈ 1 دولار، المجفف ≈ 8 – 12 دولار).

التصدير: 

منتجات طبيعية وأورجانيك تناسب الأسواق الأوروبية والخليجية والأمريكية.

التشغيل المحلي: 

مشاريع التجفيف توفر فرص عمل للشباب والنساء إضافة إلى وظائف في النقل والتعبئة والتسويق.

الإستدامة: 

يقلل التجفيف من الخسائر الموسمية ويعزز اقتصاداً أخضر مستداماً.

التحديات والحلول

ضعف التكنولوجيا:

(إدخال وحدات المجففات الشمسية المحمية والمجففات الصناعية).

غياب معايير الجودة:

(إنشاء مختبرات ومعايير للتعبئة والتغليف).

محدودية التمويل:

(شراكات بين القطاع الخاص والمزارعين).

البنية التحتية الضعيفة:

(الاستثمار في الطرق والطاقة البديلة).

الوعد والمنى

رؤية حركة السودان الأخضر في التغيير الإيجابي الإنسيابي الإبداعي الأخضر تتبنى كل الأفكار الواعدة لدعم المنتجين وتعظيم قيمة منتجاتهم.

حيث يأتي مشروع تجفيف الفاكهة والخضروات المدعوم بالمجففات الشمسية كخطوة استراتيجية لاستيعاب الفائض الكبير في مواسم الإنتاج وتحويله إلى منتجات عالية الجودة وقيمة اقتصادية.

الوعد :

أن يرى المزارع ثمرة جهده محفوظة ومثمرة. 

والمُنى:

أن يتحول الفائض من مجرد محاصيل فائضة إلى صناعات غذائية واعدة تخلق فرص عمل وتُسهم في بناء اقتصاد أخضر مستدام لا يستثني أحداً.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *