الحرب في السودان تضرب «مانشستر سيتي» في الصميم..!!

51
طارق عبدالله علي

طارق عبدالله علي

كاتب صحفي

• انتقلت الحرب في السودان إلى واجهة عالمية لم تكن متوقعة وهي عالم كرة القدم. فبينما يتربع نادي مانشستر سيتي الإنجليزي على عرش الأندية الأوروبية بفضل استثمارات مالكه الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، وجد النادي نفسه في مرمى نيران حملة توعية جماهيرية واسعة النطاق.

​لقد حققت حملة التوعية الجماهيرية التي تحمل وسم #SaveSudan اختراقاً مؤثراً، متجاوزة الحواجز السياسية والإعلامية التقليدية. هذه الحملة لم تكتفِ بإدانة المليشيا المتمردة، لتوجه سهامها نحو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، مالك النادي والمسؤول الإماراتي الرفيع. يأتي هذا الاستهداف بناء على تقارير تشير إلى دوره في تمويل وتسليح مليشيا الدعم السريع، وتأجيج الحرب التي أدت إلى مأساة إنسانية عنيفة يعيشها أهل الفاشر وبارا ومناطق أخرى، بسبب الاستهداف الممنهج لتلك المليشيا. هذا الربط المباشر بين المال الرياضي العالمي والتورط في تلك المأساة، هو ما نقل الضغط إلى الجمهور العريض الذي يشكل القوة الحقيقية للأندية.

​التحول الأبرز تجسد في منصات التواصل الاجتماعي. لم يقتصر الضغط على الناشطين، امتد ليشمل القاعدة الجماهيرية للنادي نفسه. فقد انتشرت تغريدة صادرة عن حساب «Man City Fever»، وهو حساب بارز يغطي أخبار النادي، لتمثل إدانة مباشرة وصريحة وغير مسبوقة لمالك النادي وحكومته. نصت التغريدة، التي حصدت  مليوني مشاهدة، على رسالة واضحة: «بينما نعجب جميعاً بكرة قدم مانشستر سيتي، من المهم رفع الوعي حول شيء خطير… تشير التقارير إلى صلة الشيخ منصور، مالك النادي ومسؤول إماراتي رفيع، بدور بلاده في الصراع السوداني حيث يستمر المدنيون في المعاناة. يجب إدانة أفعال مالكنا وحكومته. كرة القدم يجب أن تقف من أجل الخير». هذه الرسالة تمثل لحظة حاسمة؛ ترفض الفصل بين الإنجاز الرياضي والمسؤولية الأخلاقية، وتضع مفهوم الحياد السياسي للأندية الكبرى على محك أخلاقي صعب. إن غمر قنوات النادي الرسمية بالتعليقات يشكل ضغطاً إدارياً وضغطاً على السمعة يضع مسألة الحياد السياسي للنادي على المحك.

​ما حدث مع مانشستر سيتي هو دليل واضح على نجاح استراتيجية الضغط عبر ربط الحرب بالشخصيات المؤثرة عالمياً. وصول رسالة السودان إلى هذا العدد الهائل من المشاهدات، يؤكد أن القوة الدافعة للحملات الرقمية المنظمة أصبحت أداة فعّالة في مواجهة القوى الإقليمية المتورطة في الحرب السودانية. كما أشار الناشط محمد كمبال، أحد المشاركين في الحملة، أن «أثر الحملة بدأ يظهر سريعاً… نواصل الضغط حتى إسقاط المرتزق». هذا التصريح يلخص العزيمة الجماهيرية على مواصلة استخدام أدوات المقاطعة والضغط الرقمي، مدعومة بأوسمة قوية مثل #قاطعوا-الإمارات و #الإمارات-تمول-الحرب-في-السودان.

​لا يمكن لنادٍ بحجم مانشستر سيتي أن يتجاهل إلى الأبد تداعيات الحرب التي تلاحق مالكه. الضغط الجماهيري الذي ملأ قنوات النادي، يمثل دعوة أخلاقية صريحة ترفض الفصل بين الإنجازات الرياضية والمسؤولية الإنسانية. يواجه النادي الآن تحدياً حقيقياً وهو إما أن يبقى محاصراً بـ»حياده» السياسي، ويخاطر بسمعته العالمية، ويصم آذانه عن صرخات مدنيي السودان، أو أن يتبنى موقفاً ينسجم مع القيم التي تروج لها الرياضة عالمياً. الأمر بات واضحاً فالحملة مستمرة، وكرة القدم، التي تعتمد على شغف الجماهير، لن تسمح بأن يكون نجاحها الرياضي غطاء لتورط سياسي وإنساني خطير.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *