الارتباط والتوافق المجتمعي لنهضة السودان

52
sudan
Picture of د. عبدالرحمن بابكر

د. عبدالرحمن بابكر


قال الله جلّ في عليائه: (وجعلناكم شعوباً و قبائل لتعارفوا  إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم). 

أولاً: الارتباط المجتمعي:

الارتباط المجتمعي قيمة إنسانية عالية، ومسافة للضو في عتمة العالم المتهور والمتضور والمنحدر نحو سحيق التفكك والشك والريبة في محيط العلاقات الاجتماعية. 

المجتمعات لا تتطور ولا ترقى ولا تنهض إلا بتماسك أعضائها، وترابط علاقاتهم، وتضامنهم  وتكاتفهم، ورأب الصدع الذي قد ينشب في الجسد الاجتماعي. 

السودان بلد مفتوح عبر بواباته ونوافذه على العالم الخارجي عبر أكثر من ثمان دول، ولديه ميناء عالمي على البحر الأحمر،  بالإضافة إلى فضائه الواسع، وهو محط أنظار لكثير من دول العالم بما حباه الله من موارد مختلفة. 

الأمر الذي يفرض على أهل السودان أخذ الحيطة والحذر، و الالتفات لمنع تسرب المياه من بين الأصابع. في فضاءات السودان ألوان وأشكال وأصناف من الطيور القادمة من الشرق والغرب والجنوب، جاءت تحمل معها أناشيدها وتغريداتها، فاختلطت وامتزجت بنبت الأرض ورائحة ترابها، حتى تغيّرت كثير من الملامح، وتشكّلت الثقافة بما فيها من سلبي وإيجابي، والسودان يمتاز بثقافة راكزة، وقيم راسخة، وسوف تظل بهية عطية وندية. 

رغم الظروف الحرجة التي يمر بها السودان من حرب قضت على الكثير من الأخضر واليابس، ودمرت وخربت كثيراً من الأعيان، ودمرت كثيراً من القيم الراسخة، وجاءت المليشيا المتمردة بممارسات لا يعرفها أهل السودان من انتهاك للأعراض، ونهب للممتلكات، وتشريد للناس.. 

وبعد أن تضع هذه الحرب أوزارها، ستظل ركائز وموروثات أهل السودان شامخة سامقة، مرافقة محلقة في فضاءات البلد بما فيه العطاء وصحة التعاطي. 

وبإذن الله يظل بريق ركائز أهل السودان وقيمه وأخلاقه لا يخبو ولا ينطفئ أمام سيول النوازف والمناسف ومعاول الهدم والدمار، التي جاءت بها مليشيا آل دقلو الحاقدة، ومن ورائها أعداء السودان والطامعون في ثرواته وتحطيم إنسانه. 

وسيظل الارتباط المجتمعي لأهل السودان وعلاقاته الإنسانية راكزة راسخة، لا تتزحزح ولا تتكسر بمعاول هذه الحرب المدمرة للأعيان، والمستفزة لمشاعر الإنسان السوداني، وسيحيا على أرضه إلى الأبد دون هذه المنغصات والمركبات والمكدرات التي أحاطت به. 

السودان بلد مسالم ومتلائم ومنسجم، بحكم  العادات والتقاليد والصفات المشتركة بين السودانيين، وأواصر الدين الإسلامي، كما أنّ السودانيين تربطهم علاقات المواطنة بين المسلمين والأقليات المسيحية بمحبة واحترام…. ويرتبط المجتمع السوداني بنسيج اجتماعي قوي، يستمد قوته من الصفات الكريمة التي تميز المجتمع السوداني، من كرم وشجاعة وتكافل وإعانة الضعفاء. 

ويتمثل الترابط المجتمعي السوداني في كثير من المظاهر. حيث يبدأ من ارتباط الأسرة والعائلة والعشيرة والقبيلة والمناطق والجهات ووفود الحج والعمرة.

وفي العلاقات الزواجية بين الأسر القريبة والبعيدة. والعلاقات الزوجية التي تتم بين قبائل السودان المختلفة، والتي تتم في ولايات السودان المترامية. 

وكذلك يتجسّد الارتباط المجتمعي في مناسبات الأفراح والمسرات والأتراح، ومناسبات الأعياد الدينية والوطنية، وعلى مستوى المؤسسات التعليمية من الروضة حتى الجامعة. 

وكذلك ارتباط السودانيين في أرض المهجر، 

وجميعها ارتباطات مجتمعية متماسكة، كانت ميزة تفرد بها أهل السودان عن باقي شعوب العالم. 

المجتمع السوداني منصهر ومتماسك بهذه القيم والمعاني الإنسانية الأصيلة الملازمة له.

والمجتمع السوداني ما كان يعرف مثل هذه الجرائم الشنيعة التي أفرزتها هذه الحرب اللعينة. 

ولكي يحافظ الإنسان السوداني على قيمه وعاداته التي تربطهم ببعضهم بعضاً بعد انتهاء هذه الحرب، لا بدّ له من تنظيم في العلاقات، وترتيب في شكل التعامل مع الآخر، بحيث لا يَظْلِم ولا يُظْلَم، وبحيث لا يمنح الفرصة لآخر يستغل هامش التسامح والحرية الواسع، ولا يستبد ويهدر طاقات المجتمع السوداني الساعي دوماً إلى تحقيق نهضته بسواعد لا تفتك بأمنه واستقراره. 

الإنسان السوداني بحاجة إلى من يحترم قيمه وعاداته وتقاليده المستمدة من الدين الحنيف. الإنسان السوداني بحاجة إلى من يكنّ له الحب والاحترام.

التسامح ارتباط سامٍ 

بين أفراد المجتمع السوداني:

التسامح واحدة من السجايا التي اختص بها المجتمع السوداني عبر أجياله المتعاقبة، وهو ارتباط مجتمعي عالي المستوى.

فقد ربطت الدراسات الاجتماعية والإنسانية التسامح بأبعاده الاجتماعية والثقافية والحضارية بالمجتمع السوداني، مبرهنة على قدرته على التسامح والانفتاح و التعايش السلمي. وهذا ما كان له إن يكون دون تربية اجتماعية وثقافية  وفكرية.

التسامح في السودان له جاذبية خاصة، وبالذات بعد أن أصبح التسامح جزءاً من السلوك الاجتماعي.

يعدّ السودان نموذجاً للتعايش الحضاري بين الثقافات والديانات المختلفة.

ويتميز تاريخ السودان الديني والاجتماعي بطابع السلم والتعايش، ويتمثل ذلك في المناسبات الاجتماعية الخاصة بحوادث القتل والفدية والدية، وسرقات المواشي،  وحوادث الاعتداءات التي تحدث بين المزارعين والرعاة وبين فئات المجتمع المختلفة، وفي الحوادث تتجلى الروابط الاجتماعية، متمثلة في لجان الأجاويد ولجان المساعي الحميدة لتآلف القلوب وتقريب وجهات النظر، والتفاوض والصلح بين طرفي النزاع، وتنتهي هذه المساعي بالعفو والتسامح بين الفرقاء… وهذا من شيم المجتمع السوداني، ومن موروثاته الحميدة عبر التاريخ.

وتبادل المصالح والمنافع بين فئات المجتمع المختلفة وقبائله ومناطقه المتباينة، بمختلف تركيبات المجتمع الاجتماعية والإثنية والثقافية، يشكل قاعدة كبرى في تحقيق الترابط المجتمعي.

المجتمع السوداني في أصوله الروحية والثقافية والفكرية مجتمع ترابطي، يتجسد في الكيانات الثقافية والعرقية،  التي شكلت في النهاية خصائص الشخصية الحضارية السودانية.

فالهوية الثقافية للمجتمع السوداني نتاج للتنوع والتمازج بين الأصول الإسلامية والعربية والأفريقية.. تصوغ من التنوع والتمازج ثقافة سودانية واحدة.

السودان يمرّ بمنعطف خطير، بسبب هذه الحرب المفزعة، وآثارها المدمرة، التي لا تتفق وطبيعة المجتمع السوداني، لذا يتحتم على النخب السودانية المثقفة أن تأخذ بزمام المبادرة بكل شجاعة ومسئولية، لحماية هذا الكيان البشري من الانقسام والتفتت، إذ إن البلاء إذا نزل عمّ المجتمع، ولا يستثني أحداً صغيراً كان أم كبيراً، عالماً أو جاهلاً، متطرفاً أو معتدلاً، بل سيكون سيلاً جارفاً يأخذ في طريقه كل شيء.

فغياب التسامح السياسي أخطر ما يواجهه المجتمع السوداني بعد الحرب. 

وعلى النخب السودانية أن تتبنى استراتيجية جديدة بالانفتاح على المكونات الاجتماعية والسياسية والثقافية، للوقوف في وجه هذا العداء الخطير، ورفض كل أشكال الانقسام، والتشديد على وحدة السودان، والتركيز على فلسفة التسامح السياسي، التي هي سمة بارزة من سمات المجتمع السوداني، وتمثل الميزة الخاصة التي يتميز بها المجتمع السوداني، ويفاخر بها، ويعدها من خصائص وثوابت المجتمع السوداني.

الترابط والتوافق المجتمعي لنهضة السودان

ثانياً: التوافق المجتمعي 

مفهوم التوافق المجتمعي:

هو مجموعة من الاستجابات المختلفة، التي تقوم على أساس شعور الفرد بالأمن الاجتماعي، والتي تعبِّر عن علاقات الفرد الاجتماعية، كما يتمثل في معرفة الفرد المهارات الاجتماعية المختلفة، والتحرر من الميول المضادة للمجتمع والعلاقات الأسرية الطيبة، والعلاقات الحسنة في محيط البيئة المحلية. 

التوافق هو الميل إلى التوازن، ومواءمة الفرد لنفسه من جهة، وبينه وبين بيئته من جهة أخرى. 

والفرد المتوافق هو الذي يحقق حاجاته ومتطلباته المادية والنفسية ضمن الإطار الثقافي الذي يعيش فيه، وهو على قدر من المرونة والقدرة على التشكل ضمن البيئة التي يعيش فيها.

التوافق الاجتماعي:

هو تكيّف الفرد مع مجتمعه، أي مع البيئة الخارجية سواء أكانت مادية أم اجتماعية. 

ويقصد بالبيئة المادية: كل ما يحيط بالفرد من عوامل مادية، كالطقس والتضاريس، ووسائل التواصل، ووسائل المواصلات، ووسائل التقنية الحديثة. 

ثمرة التوافق الاجتماعي، هي  حدوث نوع من التسامح والتراضي و الصلح الاجتماعي، وغالباً ما يحدث الصلح أو التوافق الاجتماعي عندما تتهدّد منظومة الأمن والسلم الاجتماعي في حالة الصراع والتنافس، سواء كان على مستوى الأفراد أم المؤسسات أم الجماعات، أم على مستوى المجتمع كامله. 

ويهدف التوافق المجتمعي إلى وضع حدٍّ للصراعات  التي تضيق الحياة الاجتماعية، كما يهدف إلى نوع من التراضي الداعم لتجاوز المشكلات وأسباب النزاع والخلاف والصراعات المختلفة. 

 أوضاع الحماية الاجتماعية

وأثرها في التوافق المجتمعي السوداني:

تعمل العديد من المؤسسات الاجتماعية في السودان في مجال الحماية الاجتماعية، منها:

ديوان الزكاة، مفوضية مكافحة الفقر، هيئة التأمين الصحي، صندوق المعاشات، الصندوق القومي للتأمين الاجتماعي. 

 1/ أوضاع الحماية الاجتماعية قبل الحرب:

معظم مؤسسات الحماية الاجتماعية في السودان لم تكن فعّالة بالصورة المطلوبة، وذلك لغياب التنسيق والترابط الاجتماعي بين مؤسسات الحماية الاجتماعية. وعدم وجود استراتيجية للحماية الاجتماعية. وهذه تعدُّ من العقبات الأساسية أمام فعالية نظام الحماية الاجتماعية بالسودان. 

لذلك لم تقم هذه المؤسسات بالتأهيل الكافي والاستعداد الكامل، الذي يجعلها تمتلك القدرة على مجابهة تحدي الأزمات والكوارث والطوارئ، مثل هذه الحرب التي تدور رحاها، وانعكاساتها على المجتمع السوداني ككل. 

لذلك لا تتوفر نظم معلومات دقيقة، لتوفير خدمات الحماية الاجتماعية لمستحقيها من السودانيين في مثل هذه الظروف.

 2/ أوضاع الحماية الاجتماعية عقب الحرب:

 منذ اندلاع الحرب تعطلت مؤسسات الدولة المركزية، بما فيها المؤسسات العاملة في مجال الحماية الاجتماعية، باستثناء بعض المؤسسات، مثل الزكاة في بعض الولايات، بل وتعطلت قدرة الدولة على تأمين مرتبات العاملين في القطاع العام، خاصة مع توقف النظام المصرفي  بنسبة كبيرة للغاية داخل ولاية الخرطوم وولايات دارفور الخمس، وولاية الجزيرة وجزء كبير من ولاية سنار. 

وقد توقف أيضاً دور مؤسسات الحماية الاجتماعية، والصندوق القومي للمعاشات، ومركز التأمين الصحي، وغير ذلك من المؤسسات التي تقدّم تحويلات نقدية أو معونات اجتماعية للمواطنين.

الحماية الاجتماعية عبر الأدوات التقليدية بعد اندلاع الحرب:

شهدت ولاية الخرطوم وبعض ولايات السودان الأخرى عندما اندلعت الحرب، موجة كبيرة من نزوح المواطنين إلى المناطق الآمنة، خوفاً على أرواحهم وأعراضهم، وطلباً للمأوى الآمن، وما  يسد الرمق لهم ولمن يعولون. 

موجة النزوح كانت إلى مناطق داخل السودان، وموجة نزوح كانت خارج السودان. 

فمعظم الذين نزحوا داخل السودان سكنوا مع معارفهم وأقاربهم، أو في موطنهم الأصلي، والقليل منهم سكنوا في معسكرات نزوح في مناطق البلاد المختلفة، واكتظت مباني الجامعات والمدارس بالنازحين الوافدين من مناطق الحرب. 

وقد وجد جميع النازحين المعاملة الكريمة سواء كان من أقاربهم أو داخل معسكرات النزوح بوسائل الحماية الاجتماعية التقليدية، وذلك بالدعم العائلي والقبلي والجهوي، ودعم الخيرين من أبناء السودان. 

وامتازت هذه الوسائل التقليدية بالفعالية والسرعة في إغاثة الوافدين، وتوفير ما يحتاجونه من أساسيات الحياة من مأكل ومشرب وملبس ومسكن وعناية صحية.

وفعالية هذه الأدوات التقليدية كانت أسرع من أجهزة الدولة الرسمية والمنظمات الإنسانية داخل السودان أو خارجه، أو الإغاثات من الدول الصديقة. 

وتجلى التوافق المجتمعي في أزهى وأجمل صوره، وذلك بإقامة مجمّعات التكافل الاجتماعي داخل الأحياء والمدن وأماكن الإيواء، وقد نشط أهل الخير في تقديم الوجبات للوافدين، مستفيدين من تجربة الصوفية في المسيد والتكيّة. 

وأقيمت التكايا وأدت دورها في تقديم الوجبات الصباحية والمسائية. 

وكذلك السلال الغذائية من بعض الجماعات والمنظمات المجتمعية المختلفة. وتمثل التوافق الاجتماعي السوداني في أبهى صوره، من إطعام وملبس ومشرب وإيواء، وقبل ذلك جبر خواطر الوافدين، مما كان له الأثر الطيب في جبر كسر نفوسهم، وتطييب خواطرهم. 

كذلك لعبت تحويلات المغتربين دوراً مهماً في توفير احتياجات ذويهم داخل السودان وخارجه، رغم التحديات الكبيرة التي تواجه عمل النظام المصرفي. 

كذلك لعبت التطبيقات البنكية دوراً مهماً في تخفيف آثار الحرب لمعظم السودانيين. وذلك بتوفير المال لشراء حاجياتهم الضرورية.

 القطاع الخاص  وأثره على الحماية الاجتماعية بعد اندلاع الحرب:

نتيجة لسياسات الخصخصة، التي اتبعها السودان في بداية التسعينات، فإن القطاع الخاص والقطاع غير المهيكل يقومان بالدور الأكبر في عملية التشغيل في السودان. فللقطاع الخاص دور مهم في توفير الحماية الاجتماعية للعاملين في مؤسساته. 

تأثر القطاع الخاص بشكل كبير نتيجة للحرب. ويتركز معظم القطاع الخاص ومؤسساته التجارية والصناعية في العاصمة الخرطوم. حيث تتمركز معظم المصانع العاملة بالبلاد. 

وقد تعرضت العديد من مؤسسات القطاع الخاص للاعتداء والتخريب والنهب، الأمر الذي عطل عملها بالكامل. 

وعليه بدأت العديد من المؤسسات الخاصة الكبرى باتخاذ إجراءات الانسحاب من قطاع العمل، مما يشكل تهديداً كبيراً لمئات الآلاف من العاملين، وأنهت  مؤسسات كثيرة خدمة العاملين فيها، أو منحتهم إجازة بدون راتب، أو خفضت المرتبات والمخصصات. 

وانعكست تلك الإجراءات على مئات الآلاف من العاملين، الذين يعانون أصلاً من ويلات الحرب من نهب لممتلكاتهم وأعيانهم وأموالهم. 

هذه الإجراءات المجردة من الإنسانية، جعلت شريحة كبيرة من المجتمع السوداني هائمة على وجهها، تعاني الحاجة والفقر المدقع. 

وذلك ما كان ليكون لو تحلّت إدارات هذه المؤسسات بالمهنية الإنسانية وروح المسئولية. 

وجميع هذه المؤسسات رابحة، ولكن نرجسية إداراتها، وانعدام الضمير الإنساني، فهي لا ترى إلا نفسها.

وهي متمسكة بلوائح وقانون وضعية، ولم تراعِ روح القانون الذي هو من صميم الدين الإسلامي. 

لكن للأسف الدين عند أولئك المديرين يتمثل في العبادات فقط، ولم يعرفوا أن الدين هو المعاملة والتكافل. 

والاهتمام بالإنسان واجب ديني وأخلاقي. 

هذه المعاملات الإنسانية طبّقتها دولة اليابان غير المسلمة في أيام حربها، وطبقت التكافل الإسلامي في جميع مناحي الحياة لكل شرائح المجتمع. 

كما أرجو أن يتضمن الدستور الثابت للسودان. 

أن يكون رؤساء المؤسسات من الذين يتمتعون بالأفق الواسع، وممن تنبض ضمائرهم بالرأفة والإنسانية، وأن يطبقوا في عامليهم روح القانون لا مواد القانون. 

 القطاع غير المهيكل

والحماية الاجتماعية في السودان:

يشكل العاملون في القطاع غير المنظم ما يقارب 60% من العاملين بالدولة. وكانوا قبل اندلاع الحرب يفتقرون إلى الحماية الاجتماعية، على الرغم من وجود بعض المبادرات التي تحاول إدماجهم في نظم الحماية الاجتماعية، إلا أنها لا تزال محدودة التأثير. 

ويعتمد أغلب العاملين من هذه الشريحة على العمل اليومي، لتوفير القدرة على تلبية احتياجياتهم الحياتية من غذاء وصحة. ومعظمهم ليسوا من الذين تغطيهم شبكة التأمين الصحي، وليس لديهم رواتب ثابتة، أو تأمين اجتماعي ومعاشات تقاعد. 

 هذه الشريحة فقدت لما يقارب العامين مصدر رزقهم اليومي، دون توفر بدائل تجعلها تنجو من الانزلاق إلى الفقر والحاجة الشديدة. 

وهذه الشريحة كانت من الشرائح التي شملها التضامن والتكافل الاجتماعي السوداني الفريد، من الإغاثات والتكايا المنتشرة في الأحياء والقرى والمدن السودانية. 

وكان للتوافق والتكافل الاجتماعي السوداني الأثر الإيجابي في حماية هذه الشريحة من ممارسة الأعمال السالبة، ولم تضطر إلى التسول أو السرقة لسد حاجتها من أساسيات الحياة، بفضل هذا التكافل والتكايا وأهل الخير الذين يعملون بالخفاء، محتسبين جهدهم وإنفاقهم لله الوهاب الرزاق ذي القوة المتين جل في عليائه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *