الإبادة الجماعية في مدينة الفاشر بالسودان وسقوط الشعارات الغربية

21
دكتور عادل عبدالعزيز

د. عادل عبدالعزيز حامد

كاتب صحفي.

• تعتبر المجازر الجماعية في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور في السودان، واحدة من القصص المحزنة التي تبرز الجانب القاسي للطبيعة البشرية.  على مدى سنوات عديدة، شهدت هذه المدينة أحداثاً مأساوية وعمليات قتل مروعة، مما يثير تساؤلات عميقة حول دور المجتمع الدولي، وبالأخص الدول الكبرى في الغرب، التي تدعي الالتزام بحقوق الإنسان. سوف نناقش في هذا المقال التواطؤ بين هذه القوى الاستعمارية العظمى، والتي تُعرف في وسائل الإعلام باسم المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان المختلفة، وتأثير ذلك على السكان في الفاشر، لنختتم بفحص ما قد يعنيه التقاعس الدولي أمام الإبادة الجماعية والقتل القائم على الهوية. وقد سبق ذلك وقوع إبادة جماعية في مدينة الجنينة، ولم يقدم المجتمع الدولي سوى الإدانة والتنديد، بينما ظل يغض الطرف عن الجهات التي تدعم قوات الدعم السريع بالمال والسلاح والمرتزقة من مختلف المناطق.

المجازر الجماعية في الفاشر: واقع مأساوي كبير

إذ كانت مدينة الفاشر محاصرة لأكثر من سنتين، واتخذت قوات الدعم السريع سياسة التجويع سلاحاً ضد المدنيين والنساء والأطفال. لقد صدت القوات المسلحة السودانية والقوات المشتركة المتحالفة معها والمستنفرون أكثر من ٢٨٠ هجوماً على هذه المدينة، وتم قتل الآلاف من قوات الدعم السريع على أبواب هذه المدينة الباسلة الصامدة.

شهدت عمليات قتل جماعي وتهجير قسري. هذه الجرائم ليست مجرد أعمال عشوائية، بل هي نتيجة استراتيجية ممنهجة تهدف إلى إضعاف مقاومة السكان المحليين واستهداف هويتهم.

تواطؤ الدول الغربية ومنظمات حقوق الإنسان

على الرغم من أن الدول الغربية الكبرى تدعي أنها تدافع عن حقوق الإنسان، وتحرص على احترام القانون الدولي، فإن لديها تاريخًا من التواطؤ والمصالح الذاتية. يتمثل ذلك في انغماس هذه الدول في صفقات اقتصادية أو استثمارات تتجاهل ما يحدث من انتهاكات خطيرة.

تقول الأستاذة جانت ماكلوقت المعلقة السياسية الأمريكية والمفاوضة الدولية بين الصين وأمريكا، وصاحبة مبادرة جرائم الحرب فى السودان، فى تسجيل صوتي وصورة في حسابها في انستقرام، وبصوت يبدو عليه التأثر الشديد والغضب المكتوم، تقول إن الأستاذ ريموند مدير معمل الأبحاث الإنسانية قال إنه يمتلك أدلة قاطعة بأن هذا التدمير الإنساني للفاشر بواسطة قوات الدعم السريع كان متوقعاً، وأنه أبلغ مجلس الأمن بذلك ٦ مرات وقبل أسبوع من الأحداث ذكرهم مرة أخرى، وإن الأقمار الصناعية صورت قوات الدعم السريع تقتل المواطنين في منازلهم، وأنه أبلغ الولايات المتحدة بكل هذه المعلومات. ولكن لم يتحركوا ولم يعملوا أي شيء.

والآن وبعد أن تحرك كل الشرفاء في العالم بالمظاهرات في كل العواصم الغربية، يخرج علينا وزير الخارجية الأمريكي مطالباً بأن تصنف قوات الدعم السريع منظمة إرهابية. بعد أكثر من سنتين وبعد أن أدت المهمة التي سكتوا عنها. لم يدخلوا أي مساعدات للفاشر، مما اضطر السكان لأكل علف الحيوانات.

وتقول: مجتمع دولى؟ مجتمع دولى؟

تعكس تلك الرسائل الصارخة العجز الدولي عن حماية المدنيين. إذا كانت هذه التحذيرات قد أُرسلت دون أي إثارة لردود فعل فعالة، فهذا يعني أن النظام الدولي الذي يزعم حمايته لحقوق الإنسان بات يفقد مصداقيته.

إن تهاون المجتمع الدولي في معاقبة الجناة ممن يرتكبون هذه المجازر يعكس حقيقة مؤلمة: سقوط الأقنعة عن الحكومات التي تدعي العداء للظلم. إن عدم اتخاذ إجراءات حقيقية يشير إلى تناقض حاد بين الأقوال والأفعال. هذا الفشل في حماية المستضعفين يبرز قضية أخلاقية عميقة، تعكس الانحيازات السياسية والمصالح الاقتصادية على حساب الحق والضمير الحي.

ختامًا، يظهر أن المجازر الجماعية في الفاشر ليست مسألة بسيطة، بل هي نتاج لسياسات تنظيمية ودولية معقدة، تتضمن تواطؤًا واضحًا بين القوى الكبرى. ما يحدث في الفاشر يجب أن يكون ناقوس خطر للعالم للتفكر في مسؤولياته. العرض المتمثل في إرسال رسائل تحذير بلا إجراءات فعالة يكشف عن الانهيار الأخلاقي للنظام الدولي.

وحده العمل الجاد الذي يتعدى البيانات الصحفية يمكن أن يعيد الأمل للمدنيين في الفاشر، مؤكداً أن القيم الإنسانية ليست مجرد شعارات تُرفع في المناسبات، لكنها أساس يجب الالتزام به والقيام بالواجبات تجاه هذه الشعارات.

لقد وثقت هذه القوات هذه الجرائم بأنفسهم، وادعى أحد قواد الدعم السريع بأنه قتل أكثر من ألفي شخص من المدنيين، واستباح البيوت، وتم إثبات ذلك بواسطة الأقمار الاصطناعية، وتمت رؤية حمامات وبرك الدم. فماذا ينتظرون؟

يعتقد البعض أن قادة العالم لا يفكرون إلا في مساعدة فئة صغيرة من الأغنياء ذوي النفوذ، يُطلق عليهم اسم «المليار الذهبي»، والذين يبلغ عددهم حوالي 500 مليون. يرون هؤلاء الناس حكامًا، بينما يُنظر إلى الخمسمائة مليون الآخرين كعمال أو خدم. للأسف، يعتقد بعض هؤلاء القادة أن سكان الدول الفقيرة أقل أهمية أو إنسانية، لذا قد يؤذونهم أو يقتلونهم بطرق مروعة، كالحروب أو الأمراض أو غيرها. لكن تذكروا، القوة والقدرة الحقيقية لا تأتي إلا من الله، وهو الأعظم والأسمى.

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *