الأمن السيبراني.. حارس السيادة في العصر الرقمي

16
د. حاتم محمود عبدالرازق

د. حاتم محمود عبدالرازق

لواء شرطة متقاعد - محام ومستشار قانوني

• في عالم متسارع تُديره التكنولوجيا وتتحرك مفاصله عبر الإنترنت، لم يعد الأمن السيبراني ترفاً تقنياً، بل أصبح ضرورة وطنية ومجتمعية لحماية الأفراد والدول من الاختراقات والهجمات الإلكترونية.

فالهجمات السيبرانية لم تعد تستهدف فقط البنوك أو المؤسسات الكبرى، بل باتت تهدد الأمن القومي، وتخترق الخصوصيات، وتعطل الخدمات، وتستنزف الثروات، وتستخدم أحياناً سلاحاً في الصراعات الدولية.

ما هو الأمن السيبراني؟

هو مجموعة من الإجراءات والتقنيات التي تهدف إلى حماية أنظمة المعلومات والشبكات والبيانات من الهجمات الرقمية، ومنع التسلل أو التلاعب أو التلف أو التعطيل.

ويشمل الأمن السيبراني حماية الشبكات، وتأمين البرمجيات، وضمان سلامة البيانات، ومكافحة البرمجيات الخبيثة، والتصدي لعمليات التصيد والابتزاز الرقمي.

ظهرت أولى ملامح الأمن السيبراني في الستينيات، ثم تطورت بشكل ملحوظ بعد انتشار الإنترنت في التسعينيات، حيث ظهرت فيروسات وهجمات مثل «ILOVEYOU» و»Melissa»، مما شكّل تحوّلاً جذرياً في التفكير الأمني داخل المؤسسات والدول.

ومع تطور الهجمات وتعقيدها، أصبحت الحروب الإلكترونية جزءاً من التنافس الجيوسياسي بين الدول، وبرزت أهمية الأمن السيبراني كركيزة لحماية السيادة الرقمية.

أنواع التهديدات

من أبرز التهديدات التي يواجهها العالم:

فيروسات الفدية

التصيد الاحتيالي

اختراقات قواعد البيانات

هجمات حجب الخدمة (DDoS)

التجسس الرقمي

التحديات العالمية

التطور السريع في أساليب الهجمات، ونقص الكفاءات التقنية، واتساع رقعة التحول الرقمي، عوامل تفرض تحديات كبيرة أمام الأمن السيبراني.

كما أن الجهات المهاجمة لم تعد فقط أفراداً أو عصابات، بل دول ومنظمات تستخدم الهجمات الإلكترونية لتحقيق مصالح سياسية واقتصادية.

السودان والأمن السيبراني: التحديات والواجبات

في ظل الظروف الاستثنائية التي يعيشها السودان، تتزايد أهمية تبني استراتيجية وطنية للأمن السيبراني.

فمع تشتت مؤسسات الدولة، وهشاشة البنية التحتية الرقمية، وازدياد الاعتماد على المنصات الإلكترونية، يصبح الأمن السيبراني مسؤولية قومية.

ما الذي يجب علينا فعله في السودان؟

1. إصدار تشريعات سيبرانية واضحة، تحمي الخصوصية، وتنظم الفضاء الرقمي.

2. إنشاء هيئة وطنية مستقلة للأمن السيبراني، تُعنى برسم السياسات والرقابة والاستجابة للطوارئ.

3. رفع الوعي المجتمعي عبر الإعلام والتعليم حول مخاطر الفضاء السيبراني.

4. تدريب الكفاءات الشابة وتأهيلهم لشغل وظائف في هذا المجال الحيوي.

5. حماية بيانات المؤسسات الحكومية والسجلات الحيوية، وتحديث الأنظمة المعتمدة.

6. التعاون الإقليمي والدولي لمواجهة الهجمات ذات الطابع العابر للحدود.

الأمن السيبراني في السودان ليس ترفاً، بل ضرورة وطنية لحماية المعلومات والمصالح الاستراتيجية للدولة، وضمان عدم استغلال الثغرات الرقمية في فترات الضعف.

كيف نحمي أنفسنا؟

سواء كنت فرداً أو مؤسسة، فإن الأمن السيبراني يبدأ منك:

لا تستخدم كلمات مرور ضعيفة أو مكررة.

لا تفتح روابط مشبوهة.

فعّل خاصية التحقق الثنائي لحساباتك.

حدّث برامجك وأنظمتك باستمرار.

لا تشارك معلوماتك الشخصية إلا للجهات الموثوقة.

في عالم تتحرك فيه الحروب من ساحات القتال إلى شاشات الحاسوب، يصبح الأمن السيبراني خط الدفاع الأول عن الأفراد والمجتمعات والدول.

وحين تتعطل شبكة أو تُسرق بيانات، لا يكون الضرر تقنياً فقط، بل وطني أيضاً. لذا علينا جميعاً أن نكون جزءاً من ثقافة الوعي الرقمي، وأن نُدرك أن الأمن لم يعد فقط في الميدان، بل أيضاً.. في الفضاء السيبراني. 

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *