«أفراح من غير سلاح»… حفاظاً  على الأرواح

122
محمد المهدي

محمد المهدي الأمين

مستشار التحرير وكاتب صحفي

• انتشرت في الفترة الأخيرة ظاهرة استخدام السلاح، والذي أصبح مظهراً معتاداً، حيث نرى السلاح محمولاً في الأسواق والأحياء والمواصلات. وأصبح من المعتاد أن نسمع أصوات الأعيرة النارية تعانق السماء ليلاً ونهاراً، فقد صار إطلاق الذخيرة مشهداً معتاداً للتعبير عن الفرح بتحرير مدينة من المدن، أو بعودة التيار الكهربائي بعد انقطاع، أو إعلان عقد قران، والأغرب من ذلك إطلاق الرصاص أثناء حفلات الزواج تعبيراً عن حالة البهجة التي وصل إليها مُطلق الرصاص. 

والناس في بلادنا يحاصرهم الموت من كل جانب،  بداية بالجنود الذين يقدمون أرواحهم في ميادين القتال دفاعاً عن الوطن، والمدنيون الذين تستهدفهم الدانات والمسيّرات والرصاص الطائش في الأسواق والبيوت، حتى المستشفيات لم تسلم من الاستهداف، هذا غير الإصابات المتفاوتة، والتي تتسبب لبعض المصابين بإعاقة دائمة. 

من جانب آخر، هناك الضلع الثاني الذي يحصد الأرواح، وهو الأمراض المستوطنة والمزمنة، إضافة إلى الأمراض الطارئة بسبب انتشار وباء أو جائحة، فكم من الأرواح التي فقدت بسبب سوء التغذية وخاصة بين الأطفال، وقد حصدت «الكورونا» الآلاف، وهاهو الفشل الكلوي والسكري وأمراض القلب تتابع حصد الأرواح، في ظل نظام صحي منهار، ومستشفيات تفتقد المعينات من الأجهزة الطبية، والأدوية والكادر الطبي والتمريضي المتمكن. 

أما الضلع الثالث الذي يحصد الأرواح، فيتمثل في الحوادث المرورية، فلا يمرّ يوم من دون أن نسمع بحوادث مرورية يروح ضحيتها العشرات، لا سيما على الطرق السفرية. ومن المعلوم ضعف البنية التحتية للنقل، فالطرق لا تتوافر فيها الاشتراطات ولا المواصفات، مع افتقارها إلى أبسط مقومات  

السلامة، إضافة إلى بعض وسائل النقل المتهالكة، التي لا تصلح للعمل، فهي تعرّض حياة الناس للخطر. ويكتمل المشهد ببعض السائقين الذين لا يتحلّون بالقدر اللازم من الانضباط والمسؤولية، فكثير من الحوادث التي أودت بحياة الناس كانت بسبب السرعة الزائدة، أو التخطي، أو الانشغال بالجوال، أو النوم أثناء القيادة. 

هذه الأضلاع السابق ذكرها أنشبت أظفارها، وضحياها أعدادٌ لا يستهان بها من الأطفال والشباب وكبار السن من الذكور والإناث.

 إنَّ البلاد في حاجة ماسة لما يوقف نزيف الدم وفقد الأرواح، بدلاً من توسيع دائرة الموت، نحن أحوج إلى تحكيم صوت العقل، وإلى تطبيق القانون على من يطلق الرصاص في المناسبات، فقد تجاوز الأمر حدَّ المعقول، وصار هاجساً مؤرقاً، فالبلاد فقدت من أبنائها من كانت تعدهم سواعد للبناء والتعمير، وليس أخطر على هذا السودان بمساحته الشاسعة وموارده المتعددة والضخمة، ليس أخطر عليه من ضعف مورده البشري. إنها دعوة صادقة من خالص القلب إلى كل أبناء السودان لتبنّي شعار (أفراح بلا سلاح)، الذي أطلقه نفر كريم دافعه مصلحة البلاد. والدعوة موجهة إلى الجميع للإسهام في التوعية والتبصير بالخطر المحدق، فالرسالة تشمل أهل الصحافة والإعلام، والدعاة وأئمة المساجد، وأساتذة الجامعات والمعلمين في جميع المراحل الدراسية. 

وندعو الجهات المعنية ممثلة في الشرطة والنيابة والقضاء للتشدد في تطبيق القانون على المخالفين من دون مجاملة، فما عدنا نحتمل مزيداً من الضحايا، ولم تعد فينا مساحة للأحزان. فلتكن مناسباتنا أفراحاً لا يعكّر صفوها رؤية سلاح، ولا صوت ذخيرة، ولا سقوط ضحايا.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *