العودة الآمنة خطوة لرصف طريق الاستقرار والتنمية المستدامة

124
pic001

• في ظل التحديات التي يواجهها النازحون والمهجرون، تبرز الحاجة الملحة إلى وضع أسس واضحة تضمن لهم عودة كريمة وآمنة إلى ديارهم. فعودة الإنسان إلى موطنه ليست مجرد انتقال جغرافي، بل هي استعادة للهوية والانتماء وإعادة بناء للمجتمعات التي تأثرت بالنزوح والتهجير، بدءاً من المصالحة المجتمعية القاعدية الشاملة.

وانطلاقاً من مسؤوليتها الوطنية والمجتمعية، تتبنى حركة السودان الأخضر دليل العودة الآمنة، إيمانًا منها بأهمية تهيئة بيئة مستقرة ومستدامة للعائدين. ويأتي هذا الدليل ثمرة جهد مبارك من سعادة العميد شرطة (م) عمر محمد عثمان، الذي قدّم خلاصة خبراته لوضع إطار عملي يضمن عودة سلسة تحفظ كرامة الإنسان وتراعي الجوانب الأمنية والاجتماعية والاقتصادية.

إن نشر هذا الدليل يمثل خطوة محورية نحو تحقيق الاستقرار والتنمية، حيث يسهم في توعية العائدين بحقوقهم وواجباتهم وسلامتهم، ويضع الأسس التي تعزز من تماسك النسيج الاجتماعي لضمان عودة لا تقتصر على الأفراد فحسب، بل تمتد لتشمل إحياء المجتمعات وإعادة بنائها بروح من التعاون والتضامن، فالكل مسؤول.

ومن هنا، تؤكد حركة السودان الأخضر أن استدامة العودة تتطلب رؤية شاملة تشمل التنمية الاقتصادية والاجتماعية، عبر تمكين العائدين من الوصول إلى موارد الإنتاج، ودعم مشاريع الاكتفاء الذاتي، وتعزيز نماذج المدارس الإنتاجية الإبداعية الخضراء التي تسهم في خلق بيئة تعليمية وتنموية متكاملة.

وقد حان الوقت ليتقدم الشعب لاستلام مقاليد الحكم والإدارة في كافة أنحاء السودان، إذ أن «ما يخصني لن يكون بدوني» يجب أن يكون شعار المرحلة، ويترجم إلى واقع معاش عبر انتخاب مجالس بلدية/ريفية في كل حي وحارة وقرية في ربوع السودان، تمهيداً لاستلام الشعب للسلطة بدلاً من الاكتفاء بالتلاوم والنقد. فالمشاركة الفاعلة في إدارة الموارد واتخاذ القرار هي المفتاح لضمان استدامة السلام وإرساء دعائم التنمية الحقيقية.

دليل العودة الآمنة للمواطنين

إعداد العميد شرطة(م) عمر محمد عثمان

مقدمة:-

«العودة إلى البيت رغم أنها أكثر الأفعال اعتيادية، تبقى أجمل ما يمكن أن يفعله المرء على الإطلاق.»

«نسرين خوري»

تعد العودة إلى المنزل بعد فترة من النزوح أو اللجوء من أكثر اللحظات التي تحمل معاني عميقة بالنسبة لكل فرد. 

ورغم ما تحمله العودة من بهجة وسعادة، إلا أنها تتطلب أن يتم ذلك بحذر واهتمام لضمان السلامة والراحة. 

تعرض هذا الدليل بعض الإرشادات والتوجيهات التي يجب على المواطنين اتباعها عند العودة إلى مدنهم ومنازلهم التي تم تحريرها من قبضة المعتدين.

1- ضرورة الحذر أثناء العودة:

عند العودة إلى منطقتك أو منزلك بعد فترة من النزوحأو الصراع، من الضروري أن تكون حذراً وأن تلتزم بإجراءات السلامة والوقاية. 

قد تكون العديد من المناطق قد شهدت دمارًا أو تعرضت لعمليات عسكرية أدت إلى وجود مخاطر محتملة على الطريق أو في المحيط المباشر. لذلك، يجب عدم التسرع في العودة واتباع الإرشادات التي تقدمها السلطات المختصة الضمان عدم التعرض لأي خطر.

2- الوقاية من الألغام والذخائر غير المنفجرة:-

نظراً لأن مناطق النزاع قد تحتوي على ألغام أرضية أو ذخائر غير منفجرة، يجب على المواطنين أن يتحلوا بالحذر الشديد وعدم لمس أي جسم غريب قد يظهر في الطريق أو في منازلهم. 

في حال العثور على أي من هذه الأشياء، يجب الإبلاغ عنها على الفور للسلطات المختصة، وعدم الاقتراب منها أو محاولة نقلها.

3- التعامل مع الجثث والهياكل العظمية:-

قد يكون هناك جثث أو هياكل عظمية في بعض المناطق نتيجة للنزاع. 

من الضروري عدم لمس أو دفن أي جثة أو هيكل عظمي. 

يجب على المواطنين ترك هذا الأمر للسلطات المختصة مثل فرق التحقيق أو الطب الشرعي. 

تسليم الجثث إلى الجهات المختصة يضمن عدم التلاعب أو ضياع الأدلة التي قد تكون مهمة.

4- التعامل مع الحيوانات المصابة:-

قد تظهر بعض الحيوانات مثل الكلاب أو القطط التي ربما تكون قد أصيبت بأمراض مثل داء الكلب (السعار) بسبب الظروف غير الطبيعية في فترة النزاع. 

يجب تجنب الاقتراب منها أو لمسها، وكذلك الحذر من الفئران والقوارض التي قد تكون حاملة لأمراض. بالإضافة إلى ذلك، يجب الانتباه للأفاعي والعقارب التي ربما تكون قد تكاثرت خلال فترة النزاع في الأماكن المهجورة.

5- أهمية التعاون مع الشرطة المجتمعية:-

في ظل الظروف الحالية، يعتبر دور الشرطة المجتمعية ذا أهمية كبيرة في تأمين الأحياء السكنية. يمكنك المساهمة في هذه الجهود عبر التطوع في صفوف الشرطة المجتمعية، مما يعزز الأمن والاستقرار في الأحياء التي قد تكون عرضة للانفلات الأمني أو الاضطرابات الشرطة المجتمعية تساهم في تقديم الدعم المباشر للأسر والمواطنين وتعزيز التوعية بأهمية الالتزام بالقوانين.

6- تجنب نشر الشائعات والأخبار الكاذبة:-

يجب على كل فرد أن يتجنب تداول الأخبار غير المؤكدة أو الشائعات التي قد تساهم في إشاعة القلق والخوف بين المواطنين. 

تداول الأخبار الكاذبة قد يزيد من حالة الهلع، مما يؤثر سلبًا على المجتمع ويزيد من الصعوبات التي يواجهها. 

لذا، يجب التحلي بالمسؤولية والتحقق من الأخبار قبل نشرها، والرجوع دائمًا إلى المصادر الرسمية.

7- حمل الهوية والامتثال للتفتيش:-

يجب على كل مواطن حمل إثبات الهوية في جميع الأوقات. 

في حال طلبت السلطات المختصة مثل القوات المسلحة أو الشرطة أو نقاط التفتيش الأمنية التوقف للخضوع للتفتيش، يجب الامتثال لهذه الإجراءات بشكل كامل. التعاون مع الأجهزة الأمنية يعزز من استقرار الوضع ويقلل من احتمالية حدوث أي أحداث أمنية قد تؤثر على الأفراد والمجتمع.

8- ضرورة حمل رخصة القيادة والتأكد من سريان ترخيص المركبة:-

الظروف الإستثنائية التي تمر بها البلاد لا تعفيك من ضرورة حمل رخصة قيادة سارية الصلاحية. 

كما يجب التأكد من أن المركبة التي تقودها قد تم ترخيصها بشكل سليم. 

في حال كانت المركبة مظللة، يجب الحصول على تصديق من السلطات المختصة قبل القيام بذلك.

9- التعاون مع السلطات في الإبلاغ عن الفارين من السجون:-

إذا كنت على علم بأي شخص فار من السجن، سواء كان هذا الشخص من أفراد عائلتك أو من معارفك، يجب عليك أن تنصحه بتسليم نفسه إلى السلطات المختصة على الفور. 

إخفاء أو إيواء الفارين يعرضك للمسائلة القانونية. 

التعاون مع الأجهزة الأمنية في الإبلاغ عن الفارين يساهم في تعزيز استقرار الأوضاع الأمنية في المجتمع.

10 – تسليم المستندات والآثار:-

نظراً لما طال العديد من المرافق والمؤسسات الحكومية من تخريب ممنهج، قد تجد مستندات أو آثارًا قد تكون لها قيمة كبيرة. 

في حال العثور على أي مستندات أو آثار هامة أو وثائق سرية، يجب تسليمها . 

فوراً إلى أقرب مركز شرطة وعدم نشرها أو تصويرها أو الكشف عن محتواها. الحفاظ على سرية هذه الوثائق يسهم في حماية الأمن الوطني.

11 – التعامل مع الأموال والمنقولات :-

التسليم الفوري للممتلكات المفقودة في حال العثور على أموال أو منقولات لا تخصك داخل المنزل أو في الشارع، يجب عليك تسليمها فورتً إلى أقرب مركز شرطة. 

هذا لا يساهم فقط فى احترام القوانين بل أيضًا في الحفاظ على العدالة والنظام في المجتمع.

12 – عدم ارتداء زي القوات المسلحة أو الشرطة:-

يجب على المواطنين عدم ارتداء زي القوات المسلحة أو الشرطة أو جهاز المخابرات أو أي زي مشابه إلا إذا كانت لديهم التصريحات الرسمية من السلطات المختصة. 

ارتداء زي قوات النظام يعد خرقاً للقانون ويمكن أن يثير الارتباك ويعرض الشخص للمسائلة القانونية.

13- ترشيد استخدام الموارد الطبيعية:-

في ظل الظروف الحالية، من المهم أن نكون جميعًا حريصين على ترشيد استخدام الماء والكهرباء.

الاستهلاك غير المنظم للموارد قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة. 

يجب أن يتم استخدام المياه والكهرباء بشكل معقول وتوفيرها قدر الإمكان لضمان استمرار إمدادات هذه الموارد للمواطنين.

14- الإبلاغ عن الجرائم والمخالفات:-

إذا كنت شاهداً على أي جريمة أو مخالفة، سواء كانت تتعلق بالأمن العام أو بالموارد الطبيعية، يجب عليك الإبلاغ عنها فوراً للسلطات المختصة.

التعامل مع الجرائم بجدية يساهم في استقرار المجتمع ويؤكد على أهمية تطبيق القانون في كافة الأوقات.

15 – دور المتقاعدين في دعم الأمن:-

الضباط وضباط الصف والجنود المتقاعدون من القوات المسلحة، الشرطة، والمخابرات هم جزء لا يتجزأ من المجتمع المدني. 

ينبغي عليهم أن يكون لهم دور إيجابي في تعزيز الاستقرار الأمني ودعم السلم الإجتماعي، خصوصاً في هذه الأوقات الاستثنائية. 

خبراتهم القيمة ومهاراتهم العملية يمكن أن تسهم بشكل كبير في مكافحة الجريمة وتعزيز الأمن في الأحياء والمناطق المحررة. 

وعليهم التنسيق مع السلطات المختصة لضمان تنفيذ الجهود الأمنية بشكل فعال ومتسق، مما يعزز من استقرار المجتمع ويسهم في بناء بيئة آمنة ومستدامة للجميع.

16 – الأدوية والعلاجات:-

احرص على توفير كمية كافية من الأدوية لأفراد الأسرة الذين يعانون من أمراض مزمنة، مع التأكد من أن بعض أفراد العائلة على دراية بالإسعافات الأولية.

17 – واخيرا :-

عند وصولك إلى المنزل، تأكد من فحص توصيلات الكهرباء والمياه لضمان سلامتها وخلوها من أي خلل.

الوعد والمُنى

إن العودة الآمنة ليست مجرد خطوة لإنهاء النزوح، بل هي بداية جديدة لإعادة بناء السودان على أسس من السلام والتسامح والتنمية المستدامة. ولن يتحقق ذلك إلا بتكاتف الجميع، حكومةً وشعباً ومجتمعاً مدنياً، للعمل معاً بروح المسؤولية الوطنية. 

إن التغيير الإيجابي الإنسيابي الإبداعي الأخضر لا يصنعه انتظار الحلول من الآخرين، بل ينبع من إرادة الشعب وإيمانه بقدرته على النهوض بوطنه. 

فلنبدأ من مجتمعاتنا المحلية، ونرسم معاً طريقاً نحو سودانٍ موحد، آمن، ومنتج.

اللهم إنا نسألك أن تحفظ السودان وأهله، وأن تنزل عليه الأمن والسلام، وتجمع شمله على الوحدة والمحبة. اللهم ارزقه الاستقرار والرخاء، وأزل عنه الفتن والفرقة، وبارك في أرضه وخيراته، وانصره على كل من أراد به شراً. 

اللهم اجعل أهله متحابين متعاونين، ووفقهم لما فيه الخير والصلاح، واجعل مستقبل السودان مشرقاً مزدهراً بأيدي أبنائه الصادقين.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *