مقترح.. مدن الصناعات التحويلية في السودان بشراكة استراتيجية مع السعودية

28
محجوب الخليفة

محجوب الخليفة

كاتب صحفي

• مدن الصناعات التحويلية في السودان مقترح شراكة استراتيجية مع المملكة العربية السعودية، بطاقة إنتاجية تعيد هندسة المستقبل، 

فالعالمٍ يتغيّر بسرعة في جميع الاتجاهات والأنشطة، لذا  أصبحت الصناعات التحويلية الركيزة التي تُبنى عليها الاقتصادات القوية، والمحرّك الأساسي لقيمة مضافة تعزز الناتج المحلي، وتخلق فرص العمل المستدامة. ولأن السودان أرض واسعة الموارد، والمملكة العربية السعودية قوة استثمارية وصناعية صاعدة عالميًا، فإن الجمع بينهما ليس مجرد مشروع، بل استراتيجية اقتصادية قادرة على إعادة تشكيل الخريطة الإنتاجية للمنطقة بأكملها.

لماذا الصناعات التحويلية في السودان؟

يمتلك السودان مجموعة من الخصائص التي تجعله من أنسب البيئات لإنشاء مدن صناعية تحويلية ضخمة:-

1- المواد الخام الوفيرة:-

الزراعة، الثروة الحيوانية، المعادن، القطن، الصمغ العربي، الفواكه، الحبوب الزيتية — كلها مواد خام قابلة للتحويل إلى منتجات ذات قيمة مضاعفة عشرات المرات.

2- الموقع الجغرافي الاستراتيجي:-

قرب السودان من الخليج، وقلب إفريقيا، ومنفذه البحري المفتوح يمنحه ميزة لوجستية نادرة.

3- القوة البشرية الشابة:-

شريحة واسعة من العمالة الفنية والمهندسين يمكن تدريبها وتوظيفها وتحويلها إلى طاقة إنتاجية عالية.

4- تكلفة تشغيل منخفضة:-

توفر الطاقة الشمسية، الأراضي الواسعة، وانخفاض تكلفة الأيدي العاملة، تمنح السودان ميزة تنافسية عالمية.

هذه العوامل تجعل السودان مرشحًا طبيعيًا ليكون مركزًا إقليميًا للصناعات التحويلية، خاصة إذا ارتبط بشريك يمتلك التمويل والخبرة والرؤية المستقبلية… وهو ما تمثله المملكة العربية السعودية.

لماذا السعودية الشريك الأمثل؟

المملكة اليوم ليست مجرد دولة منتجة للنفط، بل قائدة إقليمية في الصناعة، والتحول الرقمي، والطاقة المتجددة، وسلاسل الإمداد المتقدمة. وتأتي أهمية الشراكة من عدة محاور:-

1- رؤية السعودية 2030 التي تعتمد على تنويع الاقتصاد، ودعم الأمن الغذائي، وتوطين الصناعات.

2- القدرات الاستثمارية الهائلة لصندوق الاستثمارات العامة والشركات السعودية الكبرى.

3- الخبرة في بناء المدن الصناعية الذكية مثل مدن «مدن»، الجبيل، ينبع، رأس الخير، ونيوم الصناعي.

4- الاهتمام المتزايد بالأمن الغذائي العربي والإفريقي، وهو ما يجعل السودان خيارًا استراتيجيًا.

شراكة من هذا النوع تمنح السعودية مصادر مستقرة من المواد الخام والغذاء، وتمنح السودان مصانع ضخمة وفرص عمل وإيرادات متزايدة.

كيف يمكن تصميم نموذج مدن الصناعات التحويلية؟

1- مدن متخصصة حسب الموارد

كل مدينة تُبنى بالقرب من المورد الأساسي، وتُدار بأنظمة ذكية. مثلاً:

مدينة صناعات زراعية في الجزيرة

– طحن حبوب

– زيوت نباتية

– مصانع نشا ومشتقات. 

– تعبئة وتغليف متطور. 

مدينة لصناعات الثروة الحيوانية في كردفان أو دارفور

– مسالخ حديثة. 

– منتجات لحوم مجمدة. 

– جلود، جيلاتين، أعلاف، أدوية بيطرية. 

مدينة لصناعات الصمغ العربي في النيل الأزرق

– مشتقات صيدلانية وغذائية. 

– مواد لاصقة. 

– بودرة صمغ للاستعمال الصناعي. 

– مكملات غذائية. 

مدينة صناعات معدنية في الشمالية

– معالجة ومعادن. 

– صناعات كهربائية. 

– صناعات الألمنيوم والحديد. 

مدينة صناعات غذائية في النيل الأبيض

– تعبئة ألبان. 

– منتجات غذائية سريعة. 

– سكر ومشتقاته. 

2- إدارة سعودية — تشغيل سوداني — ملكية مشتركة

نموذج ناجح يقوم على:-

تشغيل فني وإداري سوداني بنسبة عالية. 

إدارة سعودية  سودانية متقدمة لضمان الجودة. 

ملكية واستثمار مشترك حكومي/خاص. 

3- ربط المدن الصناعية بالموانئ والمطارات

السعودية يمكن أن يساهم في:-

تطوير ميناء بورتسودان. 

إنشاء موانئ جافة. 

خطوط نقل سكك حديد تربط المدن ببعضها. 

مناطق لوجستية للتصدير المباشر إلى الخليج وأفريقيا.

 العائد الاقتصادي المتوقع للسودان

1- زيادة القيمة المضافة للمواد الخام بدل تصديرها رخيصة.

2- خلق عشرات الآلاف من الوظائف.

3- زيادة إيرادات الدولة من الضرائب والجمارك.

4- بناء خبرات صناعية وطنية.

5- زيادة الناتج المحلي بنسبة قد تصل إلى 30% خلال 10 سنوات.

6- تحقيق اكتفاء ذاتي في كثير من السلع الاستراتيجية.

الفائدة الاستراتيجية للمملكة العربية السعودية

1- تأمين مصادر غذائية مستقرة بتكلفة منخفضة.

2- توسيع النفوذ الصناعي والاقتصادي في إفريقيا.

3- تنويع الاستثمار الخارجي بعيدًا عن التقلبات العالمية.

4- تعزيز سلاسل الإمداد للمملكة وخفض تكلفتها.

5- استقرار شريك استراتيجي مهم (السودان) اقتصاديًا وسياسيًا.

الأثر الإقليمي والدولي

شراكة بهذا الحجم تعني:-

تكوين محور اقتصادي «سعودي – سوداني» مؤثر عربيًا وإفريقيًا.

تحويل السودان إلى منصة تصدير للعالم العربي وإفريقيا.

دعم الأمن الغذائي الخليجي والعربي.

خلق نموذج اقتصادي جديد يعتمد على تكامل الموارد والتمويل والخبرة.

التوصيات العملية لإنجاح المبادرة

    1- إعداد خارطة موارد تفصيلية للسودان.

2- تكوين مجلس سعودي–سوداني للصناعات التحويلية.

3- تحديد 10 مشاريع صناعية أولية للبدء الفوري.

4- توفير قوانين محفزة للاستثمار مثل الإعفاءات الضريبية.

5- إنشاء مركز تدريب صناعي سعودي–سوداني داخل المدن الصناعية.

6- تمويل مشترك بين حكومتي البلدين والقطاع الخاص.

7- ضمانات سيادية لحماية الاستثمارات.

 مشروع يعيد هندسة المستقبل

 إنشاء مدن الصناعات التحويلية في السودان بشراكة استراتيجية مع المملكة العربية السعودية، ليس خطوة اقتصادية فقط، بل مشروع نهضوي شامل، يغيّر شكل الاقتصاد السوداني، ويمنح السعودية بوابة صناعية وغذائية مستقرة نحو إفريقيا، ويعيد رسم التوازن الاقتصادي الإقليمي.

إنه مشروع يستحق أن يبدأ اليوم…

لأنه ببساطة.. مشروع المستقبل.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *