«لا ندم!».. آخر كلمات بونا ملوال قبل الرحيل يوجهها للشمال

165
بونا 000
Picture of محمد الشيخ حسين

محمد الشيخ حسين

mohed1618@gmail.com

• توفي الاحد 2 نوفمبر الحالي السياسي الجنوبي الفذ بونا ملوال عن 97 عاما قضاها في حب جنوب السودان وخدمة قضاياه.

غير أن يونا ملوال انهى حياته السياسية بعد اعلن انه عازم على التفرغ للكتابة والبحث بعد 46 عاما من الممارسة السياسية ورفض الربط بين قراره واعلان الحكومة السودانية فى الشمال انهاء تعاقداتها مع الموظفين الجنوبيين فى الخدمة العامة.

ونوه ملوال الى ان المنصب الذى يشغله كمستشار للرئيس يعتبر وظيفة سياسية يحق لرئيس الجمهورية انهائها وقتما يشاء.

وقال انه لايشعر باي ندم لمطالبته بالانفصال وكفالة حق تقرير المصير للجنوبيين منذ وقت بعيد. واشار الى أن الانفصال كان نتاجا لتجربته السياسية الطويلة و قرر على ضوئها الابتعاد عن الساحة السياسية محملا شخصه مسؤولية الاخطاء التى صاحبت التجربه ان كانت هناك اخطاء.

وفي عودة للتاريخ القريب اشار إلى عدم جلوس القيادة الشمالية ابان عهد جعفر نميرى (1969 – 1985) مع الجنوبيين لمناقشة حق تقرير المصير بجدية واعتبارها المطالبة (خيانة عظمى).

وقال ملوال انه لايشعر بالندم لمطالبته بتقرير المصير في السنوات الماضية مضيفا بان المجتمع السياسي الشمالي مرتب ولكنه لا يقبل الاخر لطبيعة النظام العربي الإسلامي السائد فيه.

ودعا بونا ملوال لانتظار تكوين دولة الجنوب الجديدة ومن ثم تقييمها مشيرا الي ان فشل الجنوب يعني ان يطول الشمال ايضا الاخفاق.

وطالب مستشار رئيس الجمهورية الشريكين بضرورة حل كافة القضايا العالقة بالداخل وعدم الجنوح الي الحلول الخارجية واصفا اتفاق ابيي بين الشريكين بالجيد ولكنه اشار إلى ان المشكلة تكمن فى التنفيذ خاصة بعد اعتياد الطرفين علي تفسير النصوص وفق اهوائهم.

وبدأ د.بونا ملوال حياته السياسية عام 1964م قبل إندلاع ثورة أكتوبر وتم إختياره أميناً عاماً منتخباً لجبهة الجنوب عام 1965م للإعداد لمؤتمر المائدة المستدير ولمع نجمه عندما عين وزيراً للإعلام في عام 1972م قبل ان يتخلى عن نظام نميرى عام 1983م ليتم إيداعه للمعتقل. 

ويعد ملوال، المنتمي إلى قبيلة الدينكا من الجيل الأول من الساسة الجنوبيين الذين لعبوا دوراً محورياً في المشهد السياسي السوداني منذ سبعينيات القرن الماضي، فقد شغل منصب وزير الإعلام في عهد الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري عام 1973م، كما عمل لاحقاً مستشاراً للرئيس السابق عمر البشير، وهو أحد مؤسسي برنامج السودان- أوكسفورد.

قاد بونا ملوال المنبر الديمقراطي لجنوب السودان المؤيد لاتفاقية السلام الشامل 2005م، كما لعب دوراً بارزاً خلال الانتخابات الرئاسية عام 2010م عبر قيادته حملة دعم الرئيس عمر البشير.

وامتدت مسيرة الراحل المهنية خلال الحرب الأهلية الأولى في السودان، واتفاقية السلام 1972م التي منحت الجنوب الحكم الذاتي، واتفاقية السلام الشامل 2005م، واستقلال جنوب السودان في نهاية المطاف عام 2011م.

وُلِد ملوال في بحر الغزال، وهو من تويك بولاية واراب، وكان من أوائل أبناء جنوب السودان الذين درسوا في الولايات المتحدة، وحصل على شهادات من جامعتي إنديانا وكولومبيا، وكان والده الراحل السلطان مادوت رينغ، الزعيم الأعلى لقسم أجاكواك.

بدأ مسيرته المهنية في الصحافة، حيث أسس وحرر صحفًا، منها ذا فيجيلانت وسودان ديمقراتيك 

غازيت، اللتين دافعتا عن حقوق جنوب السودان، ثم عن حق تقرير المصير.

بعد اتفاقية أديس أبابا 1972 التي أنهت الحرب الأهلية الأولى، انضم ملوال إلى الحكومة السودانية وزيرًا للثقافة والإعلام، وشغل المنصب من 1973 إلى 1978م، وبعد انقلاب يونيو 1989م فر إلى المنفى في بريطانيا، حيث واصل نشاطه السياسي وعمله في مجال النشر.

ويعد الراحل من الرواد المؤسسين لبرنامج السودان بجامعة أوكسفورد عام 2002م,

عاد إلى السودان عقب توقيع اتفاقية السلام الشامل 2005م، وعُيّن مستشارًا للرئيس عمر البشير آنذاك، وهو المنصب الذي شغله حتى انفصال جنوب السودان 2011م، وظل نشطًا في الحياة العامة حتى وفاته.

حسب معلومات الصحفي الجنوبي سوداني أتيم سايمون سيظل جنوب السودان يذكر بونا دائما خاصة حين (اختار بونا طريقته الخاصة به في العمل العام وترك بصمة لا ينكرها أحد في المشهد السياسي السوداني والجنوب سوداني بتقلباته العديدة).

ولعل الأهم في كل تلك التجربة هو ما قام بسرده بونا في كتابه السودان وجنوب السودان من واحد إلى اثنين حول كيفية نشأة وتأسيس حزب جبهة الجنوب إبان اندلاع ثورة أكتوبر 1964، التي أطاحت بحكومة الجنرالات السبعة بقيادة عبود، فهي سردية مهمة حول كيفية تلاحم الجنوبيين ومطالبهم في ظل تلاطم أمواج السياسة في السودان. كيف لا وجبهة الجنوب كانت بمثابة الحزب الطليعي. 

رحل بونا وترك خلفه مذكرات يحكي فيها تلك التجربة، كما كتب مؤلفات عديدة يوثق فيها تجربته ومنازعاتها بصورة اتسمت بالجرأة والشجاعة الكبيرة، قبل أن ينزوي عن المشهد تمامًا بعد مشاركته في جولات مؤتمر الحوار الوطني وما خرج به من نتائج وتوصيات لا يزال صداها يتردد في دهاليز المشهد السياسي الراهن.

الرحمة والمغفرة على روحه بقدر ما قدم لبلاده.

«نقلا عن موقع المحقق»

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *