الغذاء .. مدخلنا للتغيير الإيجابي

250
pic04

في قلب العتمة .. يولد «الضوء الأخضر» لإنقاذ السودان

Picture of إعداد: م. معتصم تاج السر

إعداد: م. معتصم تاج السر

عضو مؤسس لحركة السودان الأخضر

• يُحتفل بيوم الغذاء العالمي في 16 أكتوبر من كل عام، وهو اليوم الذي تأسست فيه منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO). ويهدف هذا اليوم إلى تسليط الضوء على أهمية الأمن الغذائي، والتغذية السليمة، وإنتاج الغذاء المستدام لكل إنسان على وجه الأرض.

يأتي شعار يوم الغذاء العالمي لعام 2025 تحت عنوان: «يداً بيد لأغذية أفضل ومستقبل أفضل»“Together for Better Food, Better Future”.. وهو شعار يدعو إلى تكاتف الجهود المحلية والعالمية لمواجهة التحديات البيئية والمناخية والاقتصادية التي تهدد منظومة الغذاء العالمي.

ويرتبط هذا اليوم بعدة أهداف من أهداف التنمية المستدامة (SDGs) أبرزها: القضاء التام على الجوع وسوء التغذية بحلول عام 2030.وضمان أنماط استهلاك وإنتاج مسؤولة ومستدامة. وإتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة تغير المناخ وآثاره، وكذلك حماية النظم البيئية البرية والتنوع البيولوجي.

يأتي شعار يوم الغذاء العالمي لعام 2025 تحت عنوان: «يداً بيد لأغذية أفضل ومستقبل أفضل»

“Together for Better Food, Better Future” وهو شعار يدعو إلى تكاتف الجهود المحلية والعالمية لمواجهة التحديات البيئية والمناخية والاقتصادية التي تهدد منظومة الغذاء العالمي.

ويرتبط هذا اليوم بعدة أهداف من أهداف التنمية المستدامة (SDGs) أبرزها:

– القضاء التام على الجوع وسوء التغذية بحلول عام 2030.

– ضمان أنماط استهلاك وإنتاج مسؤولة ومستدامة.

– إتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة تغير المناخ وآثاره.

– حماية النظم البيئية البرية والتنوع البيولوجي.

الفجوة الغذائية العالمية وتحديات الغذاء في القرن الحادي والعشرين

على الرغم من التقدم التقني والزراعي، إلا أن العالم يعيش مفارقة مؤلمة…!!!

وفرة في الإنتاج وجوع في البطون.

فبحسب تقارير الأمم المتحدة أكثر من 673 مليون شخص يعانون الجوع المزمن.

2.3 مليار شخص يعيشون في حالة انعدام أمن غذائي.

2.6 مليار شخص لا يستطيعون تحمّل كلفة نظام غذائي صحي.

بينما يُهدر سنوياً 1.3 مليار طن من الغذاء (أي ما يعادل ثلث الإنتاج العالمي).

وفي القارة الأفريقية، يعاني واحد من كل خمسة أشخاص من الجوع.

وهذه الأرقام لا تعبّر فقط عن نقص الغذاء، بل عن خلل في العدالة الغذائية، وعن الحاجة لإصلاح شامل في أنماط الإنتاج والاستهلاك وتوزيع الموارد.

وضع السودان قبل الحرب وبعدها من حيث الغذاء

كان السودان قبل حرب 15 أبريل 2023 يملك كل مقومات أن يكون سلة غذاء أفريقيا والعالم العربي:

أكثر من 200 مليون فدان من الأراضي الزراعية الخصبة.

شبكة أنهار ومياه جوفية غزيرة.

تنوع مناخي نادر يسمح بإنتاج محاصيل متعددة في كل المواسم.

ورغم هذه الإمكانيات، عانى السودان من فجوات غذائية متكررة بسبب ضعف التخطيط الزراعي، وغياب سياسات الاستدامة، ونقص البنى التحتية.

ومع اندلاع الحرب، تدهور الوضع بشدة:

تعطلت المشاريع الزراعية الكبرى في الجزيرة والشمالية والنيل الأبيض.

نزح آلاف المزارعين عن أراضيهم، وتراجع إنتاج الغذاء بنسبة تجاوزت 60%.

ارتفعت الأسعار، وانعدمت بعض السلع الأساسية في الأسواق.

أصبح ملايين السودانيين بين نازح ولاجئ يبحث عن لقمة عيش كريمة.

لكن في قلب هذه العتمة، وُلد الضوء الأخضر…

ضوء حركة السودان الأخضر التي جعلت من الزراعة والإنتاج رسالة حياة ومقاومة.

مبادرات حركة السودان الأخضر نحو الاكتفاء الذاتي

أطلقت حركة السودان الأخضر عدداً من المبادرات النوعية التي جعلت من الغذاء مدخلًا حقيقياً للتغيير والنهضة، منها:

1. مبادرة بنك البذور

انبثقت عقب اندلاع الحرب كخطوة إسعافية لتأمين الغذاء في مراكز الإيواء.

غطت المبادرة أكثر من 100 مركز في الجامعات والمدارس والخلاوي، واستهدفت آلاف الأسر النازحة.

تميز المشروع بأنه تشاركي، حيث ساهمت الأسر في الزراعة والحصاد، مما عزز ثقافة الزراعة المنزلية ونشر الوعي بالاكتفاء الذاتي، وخلق روابط اجتماعية بين النازحين تقوم على التعاون وتقاسم المحصول والمعرفة.

وبعد خطتها الإسعافية هناك ثلاث مستويات من المبادرة وهي خطة قصيرة المدى ومتوسطة وطويلة.

2. مبادرة التشجير المثمر «مانجول»

وتعني ثلاثي الحوش: مانجو – جوافة – ليمون.

تهدف إلى تحويل المؤسسات التعليمية إلى بيئات خضراء مثمرة تربط الجيل الجديد بالأرض والإنتاج.

بدأت التجربة في مدرسة الصديق القرأنية الابتدائية المتوسطة – دوكة- القضارف، ثم انتشرت إلى مدارس في الجزيرة والخرطوم، في رحلة نحو تحويل كل فناء مدرسي إلى حديقة مثمرة للأمل والمعرفة.

3. مبادرات خضراء نوعية أخرى

القرية النموذجية الخضراء: 

تحويل كل قرية إلى وحدة إنتاج غذائي مكتفية ذاتياً.

الجيش الأخضر: 

مبادرة لإستيعاب المُسرحين من منتسبي القوات النظامية المختلفة في مدن وقرى إنتاجية ومجالات مختلفة ومشاريع تشجير المدن والطرق واستزراع المساحات الكبيرة بطرح مشاريع واعدة.

4-إعادة إعمار الحديقة النباتية بالخرطوم: 

كرمز لاستعادة التوازن البيئي.

5-  وعدد من النداءات مثل نداء إنقاذ الغابات السودانية وسلسلة النداءات البيئية الأخرى، التي تسعى لحماية الغطاء النباتي وموارد البلاد الطبيعية.

رؤية حركة السودان الأخضر للتغيير الإيجابي الإنسيابي الإبداعي الأخضر

تستند رؤية الحركة إلى إيمان عميق بأن التغيير الحقيقي لا يُفرض بالقوة، بل يُزرع في الوعي كالبذرة.

وأن السودان قادر على النهوض من جديد إذا توفرت الإرادة الشعبية والوعي الجمعي القائم على العمل والاتحاد لا التناحر.

وصف الحركة للتغيير بأنه إيجابي، إنسيابي، إبداعي، أخضر يحمل معاني متعددة:

الإيجابي: 

تحويل الألم إلى طاقة، واليأس إلى فعل.

الإنسيابي: 

أن يكون التغيير طبيعياً متدفقاً في روح المجتمع دون عنف أو إقصاء.

الإبداعي: 

إدخال الحلول الذكية والمبتكرة في كل مبادرة، مهما كانت الموارد محدودة.

الأخضر: 

أن تكون البيئة والزراعة والإنتاج النظيف هي جوهر التنمية والنهضة.

هذه الفلسفة جعلت من حركة السودان الأخضر تياراً وطنياً جامعاً يوحد بين الفكرة والممارسة، بين الحلم والعمل، وبين الإنسان والأرض.

الوعد والمنى

وفي اليوم العالمي للغذاء ترفع حركة السودان الأخضر وعدها ومنّاها:

وعدٌ بأن يظل المشروع الأخضر ممتدًاً لا تحده حدود ولا توقفه حرب.

ومنى بأن يرى كل بيتٍ سودانيٍ شجرةً مثمرةً، وكل فناءٍ خضراءً تبهج القلب والعين.

الوعد أن نواصل الزرع رغم القحط، وأن نحرس الأمل كما نحرس السنابل.

والمنى أن يصبح السودان بما يملك من أرض وماء وإنسان منارةً خضراء تفيض عطاءً على القارة والعالم.

فالغذاء ليس فقط قوتاً للاجساد.

بل هو كرامة للأمة، وهوية للوطن، وحبٌ يُزرع ليُثمر حياة.

ولهذا، تبقى راية الحركة خفّاقة بشعاراتها الدائمة:

«ما يخصني لن يكون بدوني»

«سوا بنقدر».

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *