القنقليز.. الثمرة السحرية والعيادة المتكاملة

208
pic01
Picture of إعداد: معتصم تاج السر

إعداد: معتصم تاج السر

عضو مؤسس لحركة السودان الأخضر


بقلم: د. حياة إبراهيم محمد
د. صيدلي حياة إبراهيم محمد سليمان – كلية الصيدلة جامعة الخرطوم

 

• القنقليز أو ثمره التبلدي،الاسم العلمي لها هو Adansonia digitata والاسم الشائع هو التبلدي أو الباوباب Baobab تنتمي للعائلة الخبازية (Malvaceae)..

وهي من الاشجار المعمرة والضخمة التي  تعرف بمقاومتها المذهلة للجفاف وتعد شجرة مثالية للمناطق المدارية وشبه المدارية.

القنقليز هو ثمره  مشحونه بالعناصر الأساسية والهامه لصحة الإنسان وغذائه. ثمرة القنقليز هي ثمره عضويه بالكامل حيث لا تحتاج شجرتها سوي للشمس والماء وتمتاز بمقاومتها المذهلة للجفاف حيث تخزن كميات ضخمة من الماء في جذعها الإسفنجي لمواجهة مواسم الجفاف الطويلة.

يتم تجفيف الثمرة بواسطة الشجره الام تحت الشمس داخل الوعاء الخشبي المحتوي علي حبوب ثمرة القنقليز التي تعرف في بعض المناطق بالحَبَحْبُوه.. من حيث المحتوي الغذائي فالثمره غنيه جدا بمضادات الاكسده والبروتينات والمعادن بالاضافه لعدد من الفيتامينات أهمها فتامين سي الذي يعادل-كما ورد في بعض الدراسات – عشره اضعاف أو أكثر من فيتامين سي الموجود في البرتقال. 

  يحتوي القنقليز أيضا  على 44% من وزنه ألياف ذايبه في الماء  وهي من المكونات العامة والتي تسهم في تعزيز صحة الجهاز الهضمي ووقايته، فمثلا تسهم في تعزيز انتظام حركة الأمعاء مما يسهم في مكافحة الامساك خصوصا لكبار السن أو ممن يعانون من التهاب الامعاء المصحوب بالامساك (IBD-C). كما تدعم الباكتريا النافعة بالامعاء (Gut Microbiome) حيث تسهم في مدها بالغذاء (Prebiotics) . أيضا هذه الألياف تسهم في منح شعور بالشبع والامتلاء مما يقلل  الرغبة في تناول الطعام وتساعد في تنظيم الوزن والتحكم في السعرات الحرارية المستهلكة.

ثمره القنقليز تتميز بغنائها الوافر  جدا بمركبات نباتيه مضاده للإجهاد التأكسدي (Oxidative sress) الذي يعتقد أنه يلعب دوراً رئيسياً في التسبب أو المساهمة في تطور العديد من الأمراض المزمنة، منها، الشيخوخة المبكرة، امراض القلب والأوعية الدموية ، الأمراض التنكسية العصبيه مثل الزهايمر وباركنسون واخيرا الأمراض السرطانية.

لا تقتصر فوائد القنقليز على ذلك وانما كما ثبت بعدد من الابحاث العلميه المنشوره في مجلات عالميه محكمه  ومن ضمنها البحث الذي  تم في كلية الصيدله جامعة الخرطوم

(مرجع رقم ١ ) وفيه تمت دراسة تأثير القنقليز على متلازمة الايض وهي تمثل مجموعة من الاضطرابات التي تعتبر مؤشراً خطيراً على وجود خلل في طريقة معالجة الجسم للطاقة (الأيض) مما يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية ويتم عادة تشخيصها إذا  كان الشخص يعاني من ثلاثة (أو أكثر) من عوامل الخطر الخمسة التالية: ارتفاع الدهون الثلاثية (Triglycerides)، انخفاض الكوليسترول الحميد (HDL-C)، ارتفاع ضغط الدم وارتفاع سكر الدم الصائم إضافة لزيادة محيط الخصر أو سمنة البطن. خلصت تلك الدراسة المشار إليها بكلية الصيدلة الي  النتائج التالية وبنسب احصائيه عاليه ان القنقليز:

يخفض الكوليسترول العام وكذلك  الدهون الثلاثيه، كما ادي لتخفيض الكوليسترول منخفض الكثافه (LDL-C)

وزيادة مستوى  HDL-C. 

أظهرت نتائج الدراسة انخفاض  مستوى مؤشر تصلب الشرايين و سكر الدم بنسبة مرتفعه.

من المهم أيضا الإشارة إلي هناك ابحاث أخري عديدة  أشارت إلي أن القنقليز  يقلل الاحساس بالجوع كما أشرنا اعلاهويخفض الوزن بنسب تتراوح من %4 الي 11% مما يجعل مشروبا مثاليا وصحيا وزهيد الثمن لمن يرغبون في خفض الوزن.

 أيضا إثبتت دراسة كلية الصيدلة تأثيرا واقيا على أنسجة القلب والكبد والكلى بدراسة تشريح الانسجه لهذه الاعضاء، حيث لوحظ أن القنقليز  يعيد خلايا القلب والكلى الي الحاله الطبيعيه ويحسن بقدر كبير التغيير  في أنسجة الكبد كما أنه يعيد  انزيمات الكبد الي مستوياتها الطبيعيه. لوحظ أيضا خلو الانسجه بعد العلاج من وجود آثار الارتشاح  البكتيري في الكبد مما يثبت فعاليتة كمضاد للبكتريا. و في الكلى تم خفض الكرياتين واليوريا الي المستوى الطبيعي. أيضا تجد الإشارة إلي أن  بعض الدراسات أوضحت  تأثير القنقليز الخافض لارتفاع ضغط الدم (مرجع 2).

من المهم جدا الإشارة إلي غني القنقليز بالكثير من المعادن والفيتامينات فمثلا هو غني جدا بالكالسيوم والبوتاسيوم والمغنيسيوم وغيرها من المعادن ، ولذلك بعد علاجا مثاليا للجفاف خصوصا في الاطفال الناتج من الاسهال وقد تم اعتماده في مستشفى جعفر ابن عوف لعلاج الجفاف في الأطفال  وكذلك هو معتمد كبديل لملح الترويه في مالطا (ORS) 

  آلاليه التي يعمل بها القنقليز في جلب كل تلك الفوائد المذكورة والتي تم توضيحها من خلال دراسة كلية الصيدلة جامعة الخرطوم  تعتمد بصورة كبيرة على غناه بمضادات  الاكسده خصوصا فيتامين سي الذي يقاوم الإجهاد التأكسدي ويعمل على حمايه الخلايا.  ايضا يعمل القنقليز على منع امتصاص وهضم السكر  والكربوهيدرات من الأمعاء بتثبيط عمل الانزيمات التي تقوم بذلك.

نأتي الي الجزء المهم من هذا المقال وهو كيفيه الحصول علي كل تلك الفوائد الغذائية والعلاجية للقنقليز؟! هذا الأمر يتطلب في المقام الأول حفظ ثمرة القنقليز بصورة سليمة حتي يتثني لها الاحتفاظ بكل مكوناتها الغذائية الهامة.

عادة تحتفظ ثمرة القنقليز بكل مكوناتها لمدة  عام أو أكثر اذا تم الحفاظ عليها داخل غلاف الثمره الخشبي اي دون استخراج لب الثمرة (مرجع 3)، أو إذا تم  إخراج لب الثمرة يجب حفظها   مبرده في إناء محكم في درجة حراره ٤ مئويه حيث تشير بعض الدراسات الي  أن لب الثمره تقل فائدته حسب ظروف التخزين وذلك لان مضادات الأكسدة تنخفض فعاليتها اذا لم يتم حفظها بصورة جيدة. 

  تحافظ الثمره علي فعاليتها  كمضاد للأكسدة   خلال التخزين حتى درجة حرارة 6 °C، لكنه يتراجع بعد 42 يوما .

  مشروب القنقليز بدون مواد حافظة في الثلاجة (4 °C)،  يحافظ على جودته لمدة تصل إلى 4 ايام ، رغم أنّ التعتيق يؤثّر بشكل طفيف على اللون أو الطعم . كما أن الاحتفاظ بالمشروب لمدة ١٤ يوما يتأثر  بظهور تكأثر البكتريا. أيضا  من المهم الإنتباه الي  أن جزءا من العصير يتحول الي كحول بعد ٤ ايام حتى في التلاجه.

 أشارت الدراسات الي ان مشروب القنقليز التقليدي (قنقليز زايد سكر مثلاً ) ينخفض محتواه من  فيتامين C ويتغير اللون بعد مرور ٤ ايام  فقط من التحضير في ظروف تخزين تقليدية .

أشارت بعض الدراسات أن معاملة بودرة الثمره بدرجات حراره 60 مئويه (بستره) تخفض بشكل كبير مستوى فتمين سي ومضادات الأكسدة الأخري.

في الختام نود الإشارة إلي بعض التوصيات العملية للاحتفاظ بفوائد  بودرة القنقليز الغذائية والعلاجية كاملة:

٠أفضل ظروف التخزين:

*  حافظ على لب الثمره داخل الوعاء الخشبي لها. 

*  المسحوق أو البودرة يحفظ في ثلاجة باردة (درجة 4 °C أو درجة التجميد) للحفاظ على خصائصه لأطول فترة.

٠ تجنّب تخزين البدره في حرارة الغرفة (خاصة في بيئات حارّة مثل السودان).

*ستخدام سريع بعد استخراج لب الثمرة من وعائها الخشبي و تحضيره في هيئة مسحوق يحفظ في علبة محكمة (ومظلمة) تحفظ في درجة حراره ٤ مئويه أو تجمد.

٠اللب المحضر كمشروب يُستهلك خلال ٤ ايام مع  التبريد. 

كلمة الإعداد: الوعدُ والمُنى

في ثمرةِ القنقليز تلك اللؤلؤة البيضاء الجافة في ظاهرها، النابضة بالحياة في باطنها.

وعدٌ قديمٌ بين الإنسان والطبيعة وعدٌ بأنّ الشفاء لا يزال يُزهر على أغصان الأرض الطيبة وأنّ في كل ثمرةٍ خضراء سرّاً من أسرار البقاء.

هي مُنى الفقراء والأصحّاء على السواء إذ تهب الجسد ما يُقوّيه والروح ما يُعزّيها فهي عيادةٌ متكاملةٌ في رُوح شجرةٍ وحيدةٍ تصمد أمام الجفاف كما يصمد الأمل في قلوب السودانيين أمام قسوة الزمن.

القنقليز ليس مجرّد غذاء بل رمزٌ لكرم الأرض وحنانها ودليلٌ على أنّ الخير لا يموت ما دام فينا إيمانٌ بالشمس والماء واليد التي تزرع.

ومن هنا تنبثق رؤية حركة السودان الأخضر في الاهتمام بالمحاصيل السودانية ذات الخصوصية التي لا تتوفّر إلا في السودان، بما تمتاز به من خصائص غذائية وطبية فريدة.

رؤيتنا للتغيير الإيجابي الإنسيابي الإبداعي الأخضر أن نجعل من هذه الثمار الغنية منتجاتٍ ذات جودةٍ اقتصاديةٍ عالية، تُسهم في تنمية المجتمعات الريفية وتضع السودان في موقع التفضيل العالمي بين الدول المنتجة للأغذية العضوية والمستحضرات الطبيعية.

فالقنقليز وسواه من كنوز الأرض السودانية ليس مجرّد ثمرة…!

بل وعدٌ بأنّ السودان قادر أن يُصدّر الغذاء والعافية للعالم.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *