مطلوبات التحول الزراعي ومكوناته الرئيسية

29
عبدالمنعم علي قسم السيد

د. عبدالمنعم علي قسم السيد

المستشار الوطني لاستراتيجية التحول الزراعي المستدام SATS

• يواجه القطاع الزراعي في السودان تحديات هيكلية واقتصادية عميقة، تستدعي تبني نموذج للتحول الزراعي المستدام، باعتباره خيارًا استراتيجيًا لإنقاذ القطاع، وإعادة توجيهه نحو الإنتاجية والعدالة والاستدامة، كركيزة أساسية للاقتصاد الوطني. فقد أثبتت علاقات الإنتاج التقليدية (بنظام الحساب المشترك أو الفردي) فشلها في تحقيق أنظمة عادلة ومجدية وآمنة بيئيًا، كما ساهمت الخصخصة وبيع الأصول الإنتاجية في تدمير البنية التحتية خاصة شبكات الري، وأدى تحويل صلاحيات التخطيط الزراعي إلى تنظيمات المزارعين وإلغاء الدورة الزراعية إلى إضعاف دور الدولة، وحرمانها من عائدات النقد الأجنبي.

في ظل هذه الظروف، يصبح التحول الزراعي المستدام ضرورة وطنية عاجلة، إذ لم تعد أساليب التشغيل التقليدية ملائمة للتطورات التقنية والسوقية، كما أن إعادة تأهيل البنية التحتية يحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة، لا يمكن توفيرها محليًا أو عبر القروض الدولية. ويعتمد نجاح هذا التحول على ثلاثة محركات رئيسية:

1.  الجاهزية المؤسسية والسياسية:

بناء نماذح مؤسسية وهيكلية  فعالة، قادرة على التمويل الذاتي، وتطوير سلاسل قيمة للأنشطة الإنتاجية النباتية والحيوانية، مع التزام الدولة بمناخ سياسي داعم وإرادة سياسية قوية، إلى جانب أنظمة حوكمة شفافة.

2.  الخطة الاستراتيجية القومية: صياغة خطة طويلة المدى، بمشاركة جميع أصحاب المصلحة، تحدد أهدافًا واضحة مستمدة من رؤية تنموية متكاملة. 

3.  روافع الإنجاز: وضع آليات لاتخاذ القرار، ومعايير لقياس الأداء وتفعيل دور المزارعين الرواد كقادة للتغيير.

ولتحقيق هذه الرؤية، يتطلب التحول إصلاحات ومكونات أساسية، تشمل: مراجعة السياسات والقوانين، وتبني نماذج تمويل ذاتي مثل الشركات القابضة، إدخال تقنيات زراعية منخفضة التكلفة ومرتبطة بالبيئة المحلية، إنشاء صناديق تمويل زراعي للشركات والمزارعين، تطوير آليات تسويق عادلة، وربط المنتجين بالأسواق المحلية والعالمية، وتعزيز التصنيع الزراعي، ضمان عدالة توزيع الأراضي وحماية حقوق المجتمعات المحلية، تحسين البنية التحتية الريفية (الطرق، التخزين، الري، والطاقة)، وبرامج تدريبية للمزارعين في الإدارة والتسويق والتقنيات الحديثة.

إن التحول الزراعي المستدام ليس خيارًا تقنيًا فحسب، بل مسار وطني لإعادة البناء، يتطلب توحيد الرؤى والإرادة السياسية لتحقيق الأمن الغذائي والسيادة الاقتصادية.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *