• أتمنى أن نهتدي نحن أهل السودان بتجربة هذه الدولة الصغيرة… والتي مرّت بتجربة من أصعب التجارب التي مرّت بها الإنسانية… والتي تفوق بدرجة كبيرة ما يمر به شعب السودان من حرب عبثية لعينة، والتي أصابت الجميع باليأس والإحباط… وفي هذه السانحة أردت أن أبعث الأمل والرجاء في النفوس وشحذ الهمم والإرادة، ذلك أن دولة رواندا-رغم المآسي والآلام والجراح- إلا أنها استطاعت أن تنهض.. وتتجاوز جراحاتها والمرارات التي خلفتها الحروب… وتجاوزت الماضي، وتوجهت إلى التخطيط لمستقبل مشرق من أجل الأجيال القادمه.
كما أتمنى أن أرى بول كيجامي في الخرطوم مخاطباً الشعب السوداني لعكس تجربة بلاده بعد انقشاع الأزمة إن شاء الله… في كيفية النهوض من الركام، ويمكن إعادة القراءة المتأنية إلى آخر خطاب للرئيس الرواندي – بول كيجامي إلى شعبه عبر إذاعة رواندا..
«إذا كانت بلادنا قد أحرزت المكانة الأولى في إفريقيا، ولفتت أنظار العالم بأسره اليوم، فليس ذلك بوجود الفاتيكان أو الكعبة أو البيت الأبيض أو تاج محل عندنا.
وليس لأن عندكم بول كيماجي كرئيس. بل إن السبب هو أبناء رواندا وبناتها.
إنهم الروانديون وخاصة الشباب والنساء الذين سامحوا أنفسهم (بشأن الماضي)، وأخذوا زمام المبادرة لتقرير مصير بلدهم من خلال روح العمل والابتكار والوطنية كمفتاح للرقي والتنمية.
ما ننجزه في رواندا الآن ليس معجزة أو أمراً مستحيلاً في بلدان أخرى، إنه ببساطة ثمرة لالتزام أمّة بأكملها – شباب رواندا ونسائها. لكنه أيضاً نتاج لإرادة سياسية.
قريباً ستكون عندنا أفضل جامعة في العالم (تنافس جامعات نيويورك وهارفارد، ومدرسة لندن للعلوم الاقتصادية).
وستصبح مستشفياتنا من بين الأفضل في العالم.
فذكاء أبنائنا وبناتنا وقدراتهم ستماثل أو تفوق أقرانهم في الدول العظمى، وبلدنا سيصبح بوابة للفرص بالنسبة لأبناء إفريقيا والعالم في مجالات التكنولوجيا والابتكار، لمن يرغبون في التعلّم منا أو في أن نتعلم من بعضنا.
رواندا سوف لن تكون فقط ملتقى للحضارات، بل أيضاً للعلوم والتكنولوجيا، ولكل الثقافات المتفوقة في العالم.
بمقدور إفريقيا أن تنجز أكثر منا في مجال الاكتفاء الذاتي من الأغذية الأساسية. فالأمر كله يعتمد على الاهتمامات الوطنية، وعلى إرادة شعوب إفريقيا.
رغم أننا قطعنا أشواطاً بعيدة بالمقارنة مع ما كنّا فيه، دعونا نحسن استغلال الحاضر لكي نحلّق نحو المستقبل. لأن المرحلة الأصعب الآن لم تعد تلك التي قطعناها، بل تلك التي نرغب ونحلم في قطعها.
في رواندا نحلم بالمضي بعيداً بفضل وعي هذا الشعب وهؤلاء الشباب».
شارك المقال