متى يجب استشارة الطبيب بشأن تأخر أو إعتلال في نمو وتطور طفلك؟ 

 

• ينمو الأطفال ويتطورون بوتيرة مختلفة، وقد يكون هناك تفاوت طبيعي بين طفل وآخر. لكن في بعض الأحيان، قد تشير بعض التأخيرات أو الاختلافات في المعالم النمائية (developmental milestones) إلى وجود مشكلة صحية أو تأخر في النمو العقلي أو الحركي أو اللغوي. من هنا، يصبح من الضروري أن يعرف الأهل متى يجب القلق ومتى يجب استشارة الطبيب.

هذا المقال يُقدِّم لك دليلًا متكاملًا حول مراحل النمو الطبيعية، والعلامات التي تستوجب القلق، والتوجيهات الرسمية من المنظمات الصحية العالمية، وكيفية التحرك الصحيح عند ملاحظة أي تأخر أو سلوك غير معتاد.

أولًا: ما هي معالم النمو عند الأطفال؟

معالم النمو هي المهارات والسلوكيات التي يُتوقَّع من الطفل أن يكتسبها في عمر معين، وتشمل:

1. المعالم الحركية:

الجلوس، الحبو، الوقوف، المشي.

2. المعالم اللغوية:

المناغاة، أولى الكلمات، تكوين الجمل.

3. المعالم الاجتماعية والعاطفية:

التفاعل مع الآخرين، الابتسامة الاجتماعية، اللعب التخيلي.

4. المعالم الإدراكية:

فهم الأوامر البسيطة، اللعب بالأشياء بطريقة هادفة.

ثانيًا: تباين النمو الطبيعي مقابل التأخر الحقيقي

من الطبيعي وجود فروق فردية، ولكن هناك حدود زمنية معينة لتطور كل مهارة. تأخر المهارة خارج هذا الإطار قد يكون إنذارًا يستدعي التقييم الطبي.

مثال:

طفل بدأ المشي في عمر 18 شهرًا قد يكون طبيعيًا إذا لم تظهر أي علامات أخرى.

لكن طفل لم يجلس بمفرده حتى عمر 10 أشهر أو لا ينطق أي كلمات حتى 18 شهرًا، فهذا يستوجب القلق.

ثالثًا: مؤشرات تدعو لزيارة الطبيب فورًا

فيما يلي قائمة بالإشارات التي تعتبر علامات حمراء تستدعي مراجعة الطبيب:

حديثو الولادة (0 – 3 شهور):

لا ينظر إلى وجه الأم أو لا يثبت نظره.

لا يستجيب للأصوات العالية.

لا يتحرك عند الضوضاء أو الضوء الساطع.

يبقى جسمه مرتخيًا جدًا أو مشدودًا جدًا طوال الوقت.

في عمر 4 – 6 أشهر:

لا يحاول رفع رأسه عند الاستلقاء على البطن.

لا يصدر أي أصوات (مناغاة).

لا يتفاعل مع الوجوه المألوفة.

لا يمسك الألعاب بيده.

في عمر 6 – 9 أشهر:

لا يجلس بمساعدة.

لا ينقل الألعاب من يد إلى أخرى.

لا يبتسم أو لا يتجاوب مع الآخرين.

لا يصدر أصوات موجهة أو يستجيب لاسمه.

في عمر 10 – 12 شهراً:

لا يزحف أو لا يحاول الوقوف.

لا ينطق كلمات بسيطة مثل «ماما» أو «بابا».

لا يستخدم الإيماءات مثل الإشارة أو التلويح.

في عمر 18 شهراً:

لا يمشي.

لا يتكلم على الإطلاق.

لا يتفاعل مع الأطفال أو لا يقلد الأفعال.

لا يستجيب للأوامر البسيطة.

في عمر سنتين:

لا يستطيع تكوين جمل من كلمتين.

لا يعرف أعضاء الجسم.

لا يظهر أي نوع من اللعب التخيلي.

يُظهر سلوكيات غريبة (مثل الدوران المستمر، خبط الرأس).

في عمر 3 – 4 سنوات:

لا يستطيع تكوين جمل مفهومة.

صعوبة في التفاعل الاجتماعي.

لا يستطيع استخدام المرحاض نهارًا.

لا يستطيع صعود أو نزول الدرج بمفرده.

رابعًا: أهم الأسباب المحتملة لتأخر المعالم النمائية

1. أسباب عصبية أو عضوية:

الشلل الدماغي.

مشاكل في السمع أو البصر.

متلازمات وراثية (مثل متلازمة داون).

2. أسباب بيئية أو نفسية:

قلة التحفيز أو الإهمال العاطفي.

سوء التغذية.

التعرض لصدمات أو عنف منزلي.

3. اضطرابات نمائية محددة:

اضطراب طيف التوحد (ASD).

اضطراب اللغة أو الكلام.

اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة (ADHD).

خامسًا: ماذا تفعل إذا لاحظت تأخرًا؟

1. لا تنتظر وتراقب فقط:

الوقت مهم جدًا، وكلما تم التدخل مبكرًا كانت النتائج أفضل.

2. توجه إلى طبيب الأطفال أو الطبيب العام: سيقوم الطبيب بعمل تقييم مبدئي، ثم يحولك إلى متخصص في النمو أو الأعصاب أو السمع أو العلاج الطبيعي حسب الحاجة.

3. اطلب تقييمًا تنمويًا شاملاً: يشمل هذا تقييم القدرات الحركية، التواصل، السلوك، التفاعل، واللغة.

4. شارك في برامج التدخل المبكر: في بعض الدول، توجد برامج مجانية أو مدعومة لتأهيل الأطفال الذين يعانون من تأخر في النمو.

5. تفاعل أكثر مع طفلك: الألعاب، القراءة، التحدث المستمر، التواصل البصري واللمسي لها تأثير كبير على تطوير المهارات.

سادسًا: متى لا يكون التأخر مدعاة للقلق؟

إذا كان الطفل متأخرًا في مهارة واحدة فقط، ولكن باقي المجالات طبيعية.

إذا كان هناك تاريخ عائلي لتأخر مشابه في الطفولة، مع نمو طبيعي لاحق.

إذا كان الطفل قد عانى من مرض مؤقت أو عدوى حديثة أثرت على نشاطه.

سابعًا: الإرشادات العالمية والمراجع الرسمية

وفقًا لتوصيات منظمة الصحة العالمية (WHO) ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) والجمعية الأمريكية لطب الأطفال (AAP):

يجب على الأهل متابعة النمو بشكل دوري في زيارات التطعيم.

استخدام جداول النمو النمائية المتوفرة مجانًا على المواقع الرسمية.

كل طفل يحتاج إلى فحص نمائي دوري عند:

عمر 9 شهور.

18 شهرًا.

24 أو 30 شهرًا.

وأي وقت يثير فيه الأهل أو الطبيب شكًا.

روابط مفيدة:

CDC Developmental Milestones – بالعربية

WHO: Early Childhood Development

خاتمة:

الطفولة مرحلة حرجة لبناء مستقبل الطفل. الانتباه المبكر لأي تأخر في معالم النمو يساعد في تقديم الدعم اللازم في الوقت المناسب. لا تتردد في طلب المساعدة، ولا تعتمد على الانتظار الطويل، فكل يوم قد يصنع فارقًا كبيرًا في حياة طفلك.

• تذكر: كل طفل يتطور بطريقته، لكنك كأب أو أم، أنت الأدرى بتفاصيل طفلك. استمع لحدسك، واطلب الاستشارة الطبية عند الشك.

 

شارك المقال