معتصم تاج السر

م. معتصم تاج السر

كاتب صحفي

• في زمنٍ ضاق فيه الأمل، وأنهكت الحرب أرواح السودانيين وُلدت فكرة تشبه القصائد اسمها «حركة السودان الأخضر». 

لم تكن مشروعاً سياسياً، ولا تنظيماً مجتمعياً عابراً، بل قصة حُبٍّ كبيرة وطنية وعاطفية وإنسانية، تنبع من التراب وتمتد إلى السماء.

ومن القلب إلى الحقل، ومن الحلم إلى العمل.

بدأت الحكاية بشخصٍ حلم نيابة عن أربعين مليون سوداني…!

كتب د. فخر الدين عوض حسن عبدالعال على صفحته في فيسبوك: «لدي حلم»…!!

بكلمتين فقط أشعل فتيل الأمل في قلوب الآلاف.

فتقاطر الحالمون من كل فجٍّ يحملون بذور النية، وأكفّهم ممتلئة بالعطاء، وقلوبهم تنبض بوطنٍ أخضر يستحق الحياة.

لهذة الحركة رؤية ليست شعاراً، بل نبض جديد للسودان «التغيير الإيجابي، الانسيابي، الإبداعي، الأخضر».

رؤية تبدأ ببناء الإنسان منذ طفولته، وتؤمن بأنَّ التعليم هو التربة الأولى لغرس الحُلم. ولهذا جاءت المدرسة التعاونية الإنتاجية الإبداعية الخضراء، لتجعل من كل طفل بذرة لوطنٍ مختلف، مثمر، منتج، وحرٍّ.

في قلب الفكرة المنزل الأخضر المكتفي ذاتياً، حيث الغذاء يُزرع في الحوش، والماء يُحترم، والطاقة تُنتج، والكرامة لا تُشترى. 

من البيت ينطلق الحلم إلى القرية النموذجية، ومنها إلى دولة ذات سيادة غذائية لا تعتمد على الاستيراد، بل تنتج وتصدّر وتشارك العالم خير أرضها.

للحركة مبادرات تضيق عنها هذه السطور من كثرتها، من بنك البذور إلى المدرسة الخضراء، ومن بلابل الحوش إلى مراكز الإيواء المنتجة وغيرها.

كل مبادرةٍ كأنها همسة حُبٍّ في أذن السودان تقول له: «نحن هنا… نحبك ونرعاك ونؤمن بك».

إنَّ حركة السودان الأخضر ليست حركة زراعيةً أو بيئية، بل هي حركة شاملة، تحمل رؤية متكاملة ومختلفة لكل قضايا السودان.

من الحكم والسياسة إلى الاقتصاد والصحة،

من التعليم والتربية إلى التنمية والبيئة والاستدامة.

تتقدم الحركة بفكرٍ يحترم الإنسان، ويقدّس الأرض ويعيد بناء الوطن على أسسٍ منسية، فيها السيادة للعدالة، والكرامة للإنتاج، والسلام ناتج عن الوفرة لا عن السلاح.

ولقد جاوبت الحركة عن سؤال السودان الجدلي والمُعلَّق منذ الاستقلال: «كيف يُحكم السودان..؟». 

ذلك السؤال الذي كانت له الحركة بلسماً لا تنظيراً…!! إذ أفردت له رؤية واضحة تنطلق من البناء القاعدي للحكم، حيث تبدأ السلطة من المواطن لا من القصر، ومن القرية لا من العاصمة، ومن القاعدة لا من القمة، في هرم مقلوب قاعدته الشعب، وقمته الخدمة لا التسلط، وشعارها الوحيد هو «ما يخصني لن يكون بدوني»، في إشارة واضحة إلى إنَّ الشعب هو صاحب السلطة الأوحد والتشريع والدستور.

إن الخُضر ليسوا فقط أعضاء في حركة، بل هم عشّاق وطن، قرروا أن يكون الحُب عملاً، والتنمية شغفاً، والسيادة قسماً لا يُحنث.

يحملون معاولهم بدلاً عن البنادق، ويمشون نحو الحقول لا نحو الثكنات، يبنون بقلوبهم قبل أيديهم.

وإن سألوهم:

من أنتم؟

يقولون:

نحن أبناء الحُلم الأخضر…! 

الذين زرعوا السودان في قلوبهم قبل أن يزرعوا في أرضه.

يقولون نحن ننتظر فجراً نتمشى فيه معاً تحت ظلال المانجو والجوافة،

في بيت أخضر، بقرية نموذجية، في وطن اسمه سودان العزّة والكرامة والوفاء.. «السودان الأخضر».

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *