مصطفى هاتريك

مصطفى عمر مصطفى (هاتريك)

كاتب صحفي

• فردت (صفية) ثوبها الجديد، ذاك الذي اختارت بعناية ألوانه، ثم أخذت تلفه حولها بفرحة واحترافية اكتسبتها عبر السنوات، لم يكن الأمر مرهقاً، فرغم تجاوزها الخمسين إلا أنها ما زالت تتمتع بذلك القوام المبروم كأنها ابنة ثلاثين.
أطلقت (ليلى) زغرودة طويلة قبل أن تخاطب (صفية) بدندنة: (ده اليوم الدايرنو ليك يا صلاح مبروك عليك).
ثم تضيف بفرحة بادية على وجهها:
-الليله يا أم العريس كأنك العروس، ما شاء الله تبارك الله..
وترد عليها (صفية) بزغرودة
حماسية خماسية بنكهة الكمان، ثم احتضان بحب وبعض دمعات فرح لا حابس لها ولا مانع، فمن ذا الذي يُستودَع الضحكات والدمعات سوى الأخت الشقيقة.
نشأت (صفية) و(ليلى) في بيت أرضه المحبة، وسقفه الحنان، فكانتا شقيقتين صديقتين لا تفترقان، حتى عندما تزوجت كلتاهما لم ينقطع حبل التوادد والتقارب بينهما…
اليوم عقد قران (صلاح) ابن صفية البكر وشقيق الملائكة في الطباع، كانت كل المنطقة فرحة كأنما أمطرت السماء عليها قطرات حب وانتشاء وسعادة…
كانت (الصفقات) المرسومة بالأخضر المتدرج على
أرضية الثوب الأبيض الذي ارتدته (أم العريس) لوحة، تمنح الناظر إعجاباً وتملأه تفاؤلاً، فالألوان تبوح بالأسرار وتبادلنا الأحاسيس والمشاعر، فما بالك إذا ما التفت على جسد يفيض بالجمال ويجيد لغة التأنق، مخطئ متوهمٌ من ظن أن السنوات تهزم التمسك بالجمال..
قالت (ليلى):
التوب (مبالغة) يا صفية…
بس لو كانت عليه مع (الصفقات) وردة بالأحمر،
وعلى عجل ردت صفية:
عارفاني ما بحب اللون الأحمر… ارتبط عندي بلون الدم… ثم أضافت بضحكة لها مغزى (والباقي عارفاه براك)…
جاء استقبال أهل العروس لوفد أهل العريس القادم لائقاً كما ينبغي، فقط عكر صفو وبشاشة الاستقبال تلك الطلقات المزعجة التي أطلقها (عبد الشكور) المنتشي بحمل سلاح يعطيه رجولة متوهمة قد تسد رمق ما انتقص عنده، يرتجف عبد الشكور فتطيش الطلقات.. تزغرد (صفية) زغرودة لا تكتمل… تشهق
(ليلى) حين ترى اللون الأحمر يتوهط بين الصفقات الخضر في ثوب شقيقتها، وتسقط مغشياً عليها، صمت غريب يلف المكان، ولا تكاد تسمع سوى همهمات تردد.. لا حول ولا قوة إلا بالله…
إطار حزين:
أوقفوا هذا العبث… حاربوا هذه الرجولة الزائفة
ثمّ:
محاربة ظاهرة الأعيرة النارية في الأفراح مسؤولية المجتمع… أم مسؤولية الدولة؟

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *