هجوم أمريكي خارج القانون

4
معاذ أحمد طه ت

معاذ أحمد طه

كاتب صحفي

• فعلها المتغطرس ترامب ونفَّذ وعيده بالهجوم على المفاعلات النووية الإيرانية «فوردو» و«نطنز» و«أصفهان» بضربات قنابل نفَّذتها طائرات الشبح العملاقة (B2). دُمِّرت منشآت المفاعلات بالكامل، ولا يُعرف مصير ما بداخلها من اليورانيوم حتى الآن.

الهجوم الأمريكي الغادر يُعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وسيادة الدول وسلامة أراضيها.. بل حتى يُعتبر مخالفاً للدستور الأمريكي نفسه.. إذ كان يتعيَّن على ترامب أخذ إذن الهجوم من الكونغرس أولاً، وذلك حسب تصريحات السيناتور بيرني ساندرز وعضو مجلس النواب نانسي بيلوسي.. 

قرار اتخذه المجنون ترامب بمفرده بعيداً عن المؤسسية، وهو ما يُتوقع أن يجرَّ عليه الويلات والمحن في مقبل الأيام من قبل الكونغرس الأمريكي بغرفتيه: مجلسي النواب والشيوخ.

أظن أن إيران لم تتفاجأ بالهجوم الأمريكي، فقد كان متوقعاً للجميع وسبقته تهديدات ترامب الواضحة والصريحة.. ولذلك فإن الحديث عن أن إيران قد نقلت كميات اليورانيوم المخصب قبل يومين إلى مكان آخر آمن يبدو صحيحاً ومنطقياً.. وأنها -أي إيران- ليست بهذا الغباء أن تترك حصاد سنين يضيع هباءً منثوراً.. كما أن عدم وجود تسريب إشعاعات نووية في الجو حتى الآن فإن ذلك يدعم فرضية نقل إيران لليورانيوم المخصب إلى مكان آخر خارج المفاعلات التي تم ضربها.

المنطق والعدل يقولان إن إيران تملك حق الرد.. من باب العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم.. ولكن كيف ومتى يكون الرد الإيراني؟ الله أعلم.. ولكن أغلب الظن أنه سيوجَّه إلى القواعد الأمريكية في دول الخليج القريبة.. وقد يمتد إلى قفل مضيق هرمز وباب المندب بالتنسيق مع حليفها الحوثي في اليمن.. هذا بخلاف التصعيد بصواريخ جديدة ضد المدن الإسرائيلية.

إن صَدَقَت رواية أن إيران قد سحبت اليورانيوم إلى مكان آمن قبل الهجوم، فإن حسرة كبيرة ستصيب أمريكا وإسرائيل.. ويبقى دمار المنشآت يمكن تعويضه وبناء منشآت جديدة أكثر أمناً وحداثة واردٌ وفي الإمكان.

يمكن لإيران أن تكون أكثر ذكاءً وتستفيد من هذا الهجوم في أي مفاوضات قادمة مع وكالة الطاقة الذرية بأن تنفي امتلاك قنبلة نووية.. بحجة أنها كانت ستنفجر أو يتسرب إشعاع نووي من المفاعلات المدمرة.

على عكس ما توقع البعض أن الصين وروسيا ستدخلان الحرب إلى جانب إيران إذا تدخلت أمريكا.. ولكن يبدو أنهما عرفتا أن الضربة محدودة وأنها غير مؤثرة طالما أن إيران سحبت اليورانيوم.. وربما لتقديرات أكثر حكمة وعقلانية، وهي أن دخولهما مباشرة يعني تحول الحرب إلى حرب عالمية لا تبقي ولا تذر.. 

أما باكستان، الجارة النووية الأقرب لإيران، فأخشى أن تكون الهدف الثاني لأمريكا وإسرائيل بعد إيران.. وعندها ستُردد (أُكِلْنَا يَوْمَ أَكَلَ الثَّوْرُ الْأَبْيَضُ). أما الدول العربية والإسلامية فهم كُثْرٌ، ولكنهم كغُثَاء السيل للأسف الشديد.

وأخيراً، نتمنى من أمريكا وإسرائيل أن تكتفيا بهذا النصر المزيف حتى لا تتوسع دائرة الحرب وتنجر المنطقة إلى ما لا يُحمَد عُقباه.. لأن إيران، وحتى إن لم تنتصر، فإنها لن تخسر وإن طالت الحرب سنين عددا.. فهي تملك مخزوناً جيداً ومتنوعاً من السلاح والعتاد مع النفس الطويل، كما كانت في حربها مع جارتها العراق.. فهل تملك إسرائيل مثلها؟!

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *