أسلوب التنشئة له أثره.. التربية الخاطئة تدفع إلى جرائم خطيرة

10
مدرسة
Picture of نعمات مصطفى عبد الرحمن

نعمات مصطفى عبد الرحمن

• التربية عملية منهجية، تحتاج إلى معرفة ومهارات وصبر على المتابعة. ولأسلوب التنشئة الاجتماعية الذي يسلكه الوالدان في الأسرة أثرُه الفعال في الصحة النفسية لأبنائهما، فالأسلوب القائم على الشورى والتقبل يولّد شعوراً إيجابياً لدى الناشئ تجاه ذاته أولاً، ويساعده على التكيف مع الأسرة والمدرسة والمجتمع والأصدقاء ثانياً.

بينما الأسلوب القائم على القهر والتسلط والإلزام الدائم يولّد شعوراً سلبياً عند الناشئ تجاه ذاته أولاً، ثم تجاه الأسرة والمدرسة والمجتمع والأصدقاء ثانياً، بل ويزيد من احتمالات ظهور مشكلات سلوكية لديه. 

كما تظهر نتائج البحوث أن هناك مجموعة من المهارات التي يسهم الوالدان في تعليمها لأولادهما تحدد مستوى نجاح الطفل أو فشله في مرحلة الرشد. وتقع هذه المهارات في ثلاثة مجالات:

المجال الاجتماعي، والمجال المعرفي واللغوي، والمجال السلوكي.

المجال الاجتماعي

تتضمن مظاهر النمو السوي في المجال الاجتماعي ما يلي:

التفاعل الناجح مع الآخرين والتعاون معهم، وغياب السلوك العدواني في العلاقة مع الآخرين، ووجود علاقات صداقة بين الطفل وأقرانه، وفهم مشاعر الآخرين والتعاطف معهم، واستخدام أسلوب حل المشكلات عند مواجهة تلك المشكلات. 

تقديم النموذج الحي في تلك المجالات الثلاثة يجب أن تقوم الأسرة بواجبها في التنشئة الإسلامية، من خلال تقديم نموذج حي في هذه المجالات الثلاثة، فالوالدان يتصرفان مع الآخرين بطريقة تعاونية، ويبديان  تعاطفاً وتفهماً لسلوك الآخرين. كما يقدمان نموذجاً حيّاً للتفكير المنطقي البعيد عن الغلو والانفعالات؛ باستخدام أساليب حل المشكلات في فهم أفكار الآخرين وتوصيل الأفكار إليهم.

كما يكون الوالدان مثالاً حيّاً في ضبط الرغبات، والضبط الذاتي، والتحكم بالانفعالات، وتأجيل الإشباع للحاجات والمشتهيات. وتعزيز السلوك الصحيح لدى الأبناء في المجالات الثلاثة، والإشادة به والمكافأة عليه. وإيجاد القناعة لدى الأطفال بأساليب التنشئة الصحيحة، ورفع مستواهم الثقافي في معرفتها ومعرفة فوائدها. وتدريب الناشئة على المهارات اللازمة في المجالات الثلاثة من خلال دورات متخصصة، أو مراقبة سلوكية دائمة تعزز الصواب، وتدل على الخطأ برفق. 

والوالدان هما المثل الحي أمام الأبناء في ظهور السلوكيات الدالة على وجود هذه المعاني الإيمانية في نفوسهم، مع التذكير بها دوماً، وربط المتربي بها في السلوك اليومي. 

وإذا كانت الثقافة في هذا المجال ضعيفة؛ فأضعف منها الإحساس بالحاجة إلى تكوين هذه المهارات، فضلاً عن البحث عن تحصيل هذه المهارة، والانخراط في برنامج منتظم لتحصيلها.

فأكثر الناس يعتمد في أساليبه التربوية على محاكاة ما كان يعامله به والداه، أو ما يسمعه من أقاربه وأصدقائه، أو ما يشاهده من بعض الممارسات الإيجابية.

وعلى هذا؛ فهو يخوض معركة ليس معه سلاحها، ويكون ضحية هذا التفريط براعم هذه الأسرة، وقد لا يدرك الوالدان كثيراً من أخطائهما إلا بعد فوات الأوان.

من أخطر الأشياء: الاتكال على المؤسسات المجتمعية الأخرى؛ كالمدرسة والظن بأن هذه المؤسسة أو تلك تكفي للقيام بكل المهمة، ومن ثم يضعف الشعور بالمسؤولية لدى الوالدين، ويكلان أمر التربية إلى جهة خارجية. 

أساليب التربية الأسرية

تتراوح أساليب التربية الأسرية – كما يذكر بعض الباحثين – بين ثلاثة أساليب:

* أسلوب الحرص المبالغ فيه، الذي يقف فيه الوالدان بكل دقة وراء تصرفات أفراد الأسرة، متبعين ذلك بسيلٍ من الإرشادات والتوجيهات وألوان من العتاب والعقاب؛ بغية النشأة التي يتصورون أنها خير نشأة، وربما اصطحبوا تربية الوالدين لهم، ونصبوا أمامهم آمالهم التي يبتغون وصول ولدهما إليها.

* والأسلوب الثانٍي غير مبالٍ بتصرفات الأولاد، تاركاً للآخر أن يقوم بالدور، وربما ظن أن عوامل السن التي يصير إليها المتربي كافية في اختفاء السلبيات وحصول الإيجابيات. وقد يكون هذا النوع من الأساليب استراتيجية دائمة عند المربي، وربما سلكه بعد يأس اعتراه إثر محاولات لم يكتب لها النجاح.

* والأسلوب الثالث مزيج من الحدب والحرص على المتربي؛ مع قسوة أحياناً، وإهمال أحياناً، وذلك ناشئ من فقد الآلة المناسبة التي يرجو المربي أن يصل بها إلى مبتغاه.

أهمية التثقيف الذاتي

وإذا كانت هذه المقترحات عامة تقوم بأكثرها أجهزة مساعدة خارج الأسرة؛ فذلك لا يغني عن مبادرة الأسرة إلى جملة من الأسباب، منها:

التثقيف الذاتي، وبلورة رسالة مستقبلية يشترك في رسمها أفراد الأسرة كافة، وتعويد الأولاد على تحمل المسؤولية وتدريبهم على ذلك، وتكثيف الاستشارة من الوالدين للخبراء في التربية؛ لعلاج المشكلات الطارئة. 

 

شارك التقرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *