• عُرِفَت الشلوخ في الجزء الشمالي من السودان، خاصة في بلاد النوبة منذ العهد المروي (750 ق.م – 350م) على أقل تقدير، إذ اكتشف علماء الآثار بعض التماثيل والنقوش لأشخاص مُشلَّخين ترجع إلى ذلك العصر. وتمثّل تلك الشلوخ أنماطاً مُختلفة فبعضها على هيئة خطوط أفقية مستقيمة، وأخرى مائلة، وبعضها هلالية الشكل، وقد استمرَّت هذه العادات منذ ذلك التاريخ حتى شملت معظم أجزاء السودان الشمالي.
فالشلوخ هذه العادة السودانية القديمة، كانت تجرى للفتاة للدخول إلى مرحلة النضج وفقاً للمعايير الاجتماعية السائدة حينها، وهي جروح ترسم في الخدود على جانبي الوجه أو على الصدغ (طولية أو عرضية).
وتختلف هذه العادة من قبيلة إلى أخرى في شمال وأواسط السودان.
وتتم عملية الشلوخ بفصد أو جرح الخد بالموس بشكل معيّن ومعروف ومتفق عليه، ليلتئم الجرح مخلّفاً وراءه أثراً دائماً لهذا الشكل.
شلوخ الرجال
تتم عملية الشلوخ عادة للرجال في سن مبكرة، وتؤخر عند الإناث حتى يبلغن العاشرة من العمر، حيث تقام طقوس احتفالية لهذه المناسبة.
ويعدّ الرجل أو المرأة المشلخة انتقل من طور الصبا إلى مرحلة الرجولة. وتكون البنت قد أصبحت فتاة مؤهلة للزواج.
شلوخ الجعليين
هي شلوخ ذات ثلاثة خطوط عمودية. وتنتشر عند قبيلة الجعليين في شمال السودان.
وكذلك هناك شلخ (السلم) ذو الدرجة الواحدة، ويشبه الحرف (H)،
وكذلك نجد عند الجعليين شلخ (الواسوق) وهو كالحرف (T).
ويسميه البعض (درب الطير).
وقد اكتسب شلخ الواسوق أو (درب الطير) مفهوماً طائفياً فيما بعد.
شلوخ الشايقية
لقبيلة الشايقية شلخ خاص بهم،
وهو عبارة عن ثلاثة خطوط أفقية متوازية، يمتد أوسطها من عند الفم حتى أقصى الخد.
شلوخ العبدلاب
نجد هذه الشلوخ في شمال السودان الغربي، وهي عبارة عن ثلاثه خطوط عمودية، تستند على خط أفقي يسمّى (العارض).
ومن نساء العبدلاب انتقل العارض إلى المناطق الأخرى. حيث فضلته كثير من النساء على غيره لجمال منظره.
المضمون الديني للشلوخ
أول من اقترن اسمه بفكرة الشلوخ ذات المضمون الديني هو الشيخ إدريس ود الأرباب. ولقد كان مشلخاً ثلاثة مطارق.
وسمِّيت أيضاً بالفصود، مفردها (فصدة)، وهي أقل حجماً من الشلخ.
ويشتهر أتباعها بشلخ خاص يتميزون به، ويعرف بشلخ الشيخ الطيب.
واشتهر زعيمها الشيخ العبيد ود بدر بشلخ الحرف (T)، ويعرف ب (مدقاق ود بدر).
الشلوخ والشعراء
مجّّد الشعراء عادة الشلوخ، وصوّروا المرأة المشلخة في أبهى صور الجمال،
كما أسهم فن الغناء في السودان في انتشار تلك العادة، وذلك بالتغني والغزل في الخدود المشلخة.
ومن أمثلة ذكر الشلوخ في الشعر والغناء نورد قول الشاعر محمد ود الرضي:
طَابِقْ البُوخَة قَامْ نَدَا يَهَتِّفْ
نَامْ مِن الدُّوخَة
أيدُو عَاقْبَاهُو الجَّدْلَة مَمْلُوخَة
لَى مَعَالقَ الجُوفْ مُوسُو مَجْلُوخَة
وجاء في أغنية (الوافر ضراعو) التي تغنى بها الفنان إبراهيم عوض:
يا فرع الرمان والشلوخ مطارق
لون البرتكان لي دمي حارق
بيني وبينو بس مية ألف فارق
يا قمر دورين يا ضو المشارق
خاتمة
على الرغم من اندثار هذه العادة،
إلا أنها لا تزال ماثلة في وجوه كبار السن،
تحكي خطوطها وآثارها عن حقبة حافلة من تاريخ الإنسان السوداني،
كما تحكي مفهوماً آخر للجمال والزينة والتميز والهوية السودانية.