بورسودان تحت النار.. حينما تسقط أقنعة الصراع في السودان

157
محجوب الخليفة
Picture of محجوب الخليفة

محجوب الخليفة

كاتب صحفي

بينما كان كثير من السودانيين يظنون أن مدينة بورسودان – ثغر السودان الباسم وميناؤه الأول ومطاره الحيوي – قد نجت من أهوال الحرب التي أكلت أطراف البلاد وأحرقت قلبها، جاءت الضربة الأخيرة عبر طائرات مسيّرة لتدق ناقوس الخطر: لا منطقة آمنة في السودان، ولا خطوط حمراء تُحترم في هذه الحرب التي تتعقد كل يوم.
القصف الذي استهدف مطار بورسودان الدولي، والميناء البحري الاستراتيجي، وقاعدة عثمان دقنة العسكرية، وأكبر مستودعات الوقود في البلاد، يمثل تصعيداً غير مسبوق في طبيعة الحرب وأهدافها. هذه لم تعد حرباً بين الجيش ومليشيا الدعم السريع كما يُراد أن يُصدَّر للرأي العام، بل هي حرب ذات أبعاد إقليمية ودولية، تُدار فيها أدوات سودانية لخدمة مشاريع غير سودانية.

الدعم السريع أم طائرات دولية؟

المراقبون يستبعدون تماماً أن تمتلك مليشيا الدعم السريع، مهما بلغت قدراتها، الوسائل التقنية والاستخباراتية لتنفيذ مثل هذه الضربات الدقيقة والمعقدة. نحن أمام ضربات ذات طابع استخباراتي عالٍ، ودقة تقنية متقدمة، وهذا يطرح تساؤلات مشروعة: من يقف خلف هذه العمليات؟ ومن المستفيد من ضرب الموانئ والمطارات في شرق السودان؟
كل المؤشرات تقود إلى دور خارجي خفي – وربما لم يعد خفياً – تُشكل فيه الإمارات رأس الرمح في تنفيذ أجندات قوى كبرى، أبرزها إسرائيل وبعض الدول الغربية، وذلك في إطار إعادة رسم خرائط النفوذ والسيطرة في البحر الأحمر وشرق إفريقيا.

بورسودان ليست هدفاً عسكرياً فقط.. بل بوابة السودان إلى العالم

من يستهدف بورسودان، لا يستهدف موقعاً جغرافياً فحسب، بل يضرب شريان حياة اقتصادي، ومنفذاً سيادياً يمثل ما تبقى من سيطرة الدولة السودانية. وهذا يؤكد أن الحرب تجاوزت حدود السلطة، وبدأت تمس الكيان السوداني نفسه.

الحرب التي تُدار بالوكالة.. والأقنعة التي سقطت

ما يجري اليوم في السودان لم يعد حرباً داخلية فحسب، بل هو صراع إقليمي بين قوى دولية كبرى تسعى إلى تقسيم النفوذ، وتفكيك الدولة السودانية إلى كيانات تابعة، أو بالأحرى “ساحات خالية من السيادة”.
وإذا كانت الإمارات تُشكل واجهة معلنة، فإن الدور الإسرائيلي بات يتجلى في اختيار الأهداف، وتقديم الدعم الفني والتقني، ضمن ما يُعرف بـ”العقيدة الأمنية الاستباقية”، لحماية مصالحها على البحر الأحمر وممراته الاستراتيجية.

ماذا يريد الشعب السوداني؟

يريد الشعب حياة آمنة وكريمة، وسوداناً موحداً ومستقلاً، بعيداً عن المليشيات والأجندات الأجنبية. لكن لتحقيق ذلك، لا بدَّ من الخروج من أسر المعسكرين المتنازعين، اللذين لم يعد أيٌّ منهما يُمثل تطلعات الأمة.

نداء إلى الضمير الوطني مبادرة لإنقاذ السودان

لا سبيل أمام السودانيين سوى التكتل حول مشروع وطني بديل، يُنهي الحرب ويفتح صفحة جديدة:
1- وقف فوري لإطلاق النار في كافة أنحاء البلاد.
2- تشكيل مجلس وطني انتقالي مدني/ عسكري مؤقت، من شخصيات محايدة.
3- إخراج كافة القوى الأجنبية والمليشيات من المسرح الوطني.
4- تنظيم مؤتمر شعبي جامع، يضع أسس سلام دائم، بدعم من الاتحاد الإفريقي والدول الحرة.
▪️ آن الأوان لقول الحقيقة كما هي،
الحرب في السودان ليست قدَراً، بل مؤامرة يُراد بها تمزيق البلد لصالح قوى لا يعنيها لا السودان ولا شعبه. وما لم يتحرك أبناء السودان العقلاء والعارفون، فإن النيران ستأكل ما تبقى، وسيبكي الجميع على وطن أضعناه بأيدينا.

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *