
محمد المهدي
مستشار التحرير وكاتب صحفي
• يمرّ الشعب السوداني بأزمات متتالية، ويعاني من شح في كثير من ضروريات الحياة، ما يترتب عليه ضرر بالغ على الناس في معاشهم وحياتهم وأعمالهم، ومن أبرز تلك الأزمات، مشكلة انقطاع الكهرباء عن ولايات كاملة الذي يستمر أياماً، وذلك بسبب استهداف مليشيا الدعم السريع سد مروي ومحطات الكهرباء باستمرار بالصواريخ والمسيَّرات، وما ينتج عن ذلك من أعطال. وقد تكرر ذلك الأمر كثيراً. وها نحن في ولاية الخرطوم نعيش في انقطاع تام للكهرباء مدة أسبوع، وقد حدث قبل ذلك أن انقطع التيار أسبوعين متواصلين، وعاش الناس معاناة لا تحتمل.
الكهرباء هي مفتاح الحياة، فمعظم الخدمات مرتبطة بوجود الكهرباء، وقد اضطر المواطنون إلى شراء الماء الذي ينقل بالبراميل ليباع لهم بمبالغ كبيرة، وأصبح من المألوف رؤية الصفوف الممتدة وسهر الليالي بغرض الحصول على الماء.
من جانب آخر، هناك من توقفت أعمالهم تماماً، لاعتمادها كلياً على الكهرباء، مثل أعمال الحدادة، والنجارة، والخياطة، وهؤلاء الذين يمارسون تلك المهن غالبيتهم أرباب أسر، ولا مصدر لهم للصرف عليها إلا من هذه الأعمال، علماً بأنّ لديهم أبناء في المدارس والجامعات يحتاجون إلى
مصروفات يومية.
فكيف تكون حياة هؤلاء الآباء وهم عاجزون عن توفير احتياجات أسرهم؟ وماذا يفعل الطلاب في مختلف المراحل الدراسية والامتحانات على الأبواب؟ وهم يأملون بحصاد عام درسوه تحت القصف والمعاناة وعدم الاستقرار.
إن الكهرباء لم تعد ترفاً، بل صارت ضرورة لا غنى لأحدٍ عنها، لذا لا بدّ من ابتداع حلول عملية تقود إلى توفيرها واستدامتها، بدلاً من الوقوف مكتوفي الأيدي، في انتظار عودة التيار. ولا ننسى أنّ قطاع الكهرباء يعاني مسبقاً قبل الحرب من مشكلات متكررة، تؤدي إلى قطوعات مبرمجة وغير مبرمجة.
إنّ الحل الذي أراه أن هذه البلاد حباها الله بكثير من النعم، إذا أحسنّا استغلالها سنكون من أفضل دول العالم، في مستوى الدخل والرفاهية، ومنها هذه الشمس الحارقة، فهي مصدر رخيص للطاقة، وقد شهدنا تجارب عدد من الدول في الاستفادة من الطاقة الشمسية، وخاصة في مجال الزراعة، فتجربة الصين المبثوثة صورها في الوسائط جديرة بالاطلاع عليها والاهتداء بها.
ومن هنا أطرح فكرة إنشاء شركة مساهمة عامة في كلّ ولاية من ولايات السودان، تُطرح أسهمها للمواطنين للاكتتاب، تختص بمجال الطاقة الشمسية من ألواح وبطاريات، وشبكات، وتوصيلها للمشاريع الزراعية والمصانع والشركات والمؤسسات والبيوت.
وإذا صدقت النيّات وصحّ العزم، فستتبدل الحال، وستخضر الأرض، وستنتج المصانع الكثير من احتياجاتنا التي نستوردها الآن وهي في الأساس من خاماتنا التي نصدرها بأقل الأسعار ونستوردها مصنعة بأضعاف مضاعفة، وسيرتفع ميزان الصادر، ولن يجلس الحرفيون منكسرين أمام أسرهم دون عمل.
الكرة الآن في ملعب أصحاب الشأن من الخبراء وأهل الشأن والدراية، للشروع في إنشاء شركات مساهمة عامة، لتكون لكل ولاية شركتها للطاقة الشمسية. ثم تعقبها شركة أخرى للغاز الذي يعاني المواطنون أشد العناء من تكرار انعدامه وارتفاع أسعاره.
شارك المقال