• بأجفان تذرف الدمع وأيدي ترفع الدعوات، شيّعت مدينة واو اليوم أحد أبرز وجوهها الإنسانية، الصيدلي عبدالرحمن عمر صاحب صيدلية السودان الجديد، الذي انتقل إلى رحمة الله في جوبا بعد معاناة قصيرة مع المرض. نُقل جثمانه إلى المدينة التي أحبها وأحبته، ليدفن في تربتها كما أوصى، وسط حشد كبير من المحبين والذين عرفوا فضله وعطاءه.
عُرف الفقيد بتواضعه النادر وقلبه الكبير الذي لم يغلق بابه أمام محتاج. كانت صيدليته أشبه بعيادة إنسانية تقدم الدواء والنصح للمرضى، خاصة الفقراء منهم الذين كان كثيراً ما يعالجهم مجاناً. لم يكن مجرد صيدلي، بل كان صديقاً للحي، أباً للفقراء، وعوناً للمحتاجين.
ترك الراحل أثراً طيباً في قلوب أهل واو الذين عرفوه إنساناً قبل أن يعرفوه صيدلياً. كان وجهه البشوش وقلبه الكبير علامة مميزة في المدينة، حيث لم يبخل بعلمه ولا بوقته في خدمة المجتمع. شارك في العديد من المبادرات الخيرية، وساهم في دعم الأسر المحتاجة، وكان دائماً في الصفوف الأولى عندما يتعلق الأمر بمساعدة الآخرين.
في أيامه الأخيرة، أوصى بأن يدفن في واو، المدينة التي عاش فيها سنوات عمره، وقال عنها: (هنا بيتي وهنا أحبابي). وقد لبى الأهل والأصدقاء وصيته، فشيّعوه اليوم في موكب مهيب عبّر عن حجم الحب والتقدير الذي يكنه الناس له.
رحل عبدالرحمن عمر جسداً، لكن ذكراه الطيبة وإرثه الإنساني سيبقيان حيين في قلوب من عرفوه. لقد علم الناس أن قيمة الإنسان فيما يقدمه للآخرين، وأن المحبة والوفاء هما أجمل ما يمكن أن يتركه المرء في هذه الدنيا.
ستظل ذكرى الصيدلي الإنسان عبدالرحمن عمر نبراساً يضيء دروب العطاء والإنسانية في مدينة واو، شاهدة على أن بعض الناس يرحلون بأجسادهم لكنهم يبقون بقلوبهم وأعمالهم.