دبلوماسي غربي: على بريطانيا أن توضّح كيف سترد على مجازر الأطفال وعمال الإغاثة، وهي تستضيف الإمارات في مؤتمرها
Admin 16 أبريل، 2025 73
لندن- «الغارديان»
نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرًا أعدّه الصحفي مارك تاونسند، قالت فيه إن تقريرًا مسرّبًا لخبراء في الأمم المتحدة يُسلّط ضوءًا جديدًا على دور دولة الإمارات العربية المتحدة في السودان.
وجاء الكشف عن التقرير عشية مؤتمر مهم عُقد في لندن من أجل إيجاد حل للأزمة السودانية، التي دخلت عامها الثالث يوم الثلاثاء.
وذكرت الصحيفة أنها اطّلعت على التقرير، الذي أثار تساؤلات حول “عدة” رحلات جوية إلى القواعد العسكرية في تشاد. وأضافت أن الضغوط تتزايد على الإمارات، التي شاركت في مؤتمر الثلاثاء الهادف إلى وقف الحرب، رغم اعتبارها لاعبًا مؤثرًا في دعم أحد أطرافها.
وتُتّهم الإمارات بتقديم أسلحة سرًّا إلى قوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ونقلها عبر الجارة تشاد، وهي اتهامات نفتها الإمارات مرارًا.
مع ذلك، كشف التقرير السري، الذي اطّلعت عليه “الغارديان”، عن رحلات جوية “متعددة” من الإمارات، استخدمت فيها طائرات نقل تجارية، يبدو أنها تعمّدت تجنّب الرصد خلال تحليقها نحو قواعد في تشاد، ثم نُقلت حمولتها برًّا إلى داخل السودان.
وكان وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي قد دعا 19 دولة لحضور المؤتمر المنعقد في لانكستر هاوس، والذي تزامن مع الذكرى الثالثة لاشتعال الحرب بين الجنرالين دقلو وقائد القوات المسلحة السودانية عبد الفتاح البرهان.
وقد تسبّبت الحرب في أكبر كارثة إنسانية في العالم حاليًا، حيث يعاني نحو 25 مليون شخص من الفقر، فيما نزح 12 مليونًا إلى دول الجوار.
وقال دبلوماسي رفيع مطّلع على التقرير المسرّب، طلب عدم الكشف عن هويته: “على بريطانيا أن توضّح كيف سترد على مجازر الأطفال وعمال الإغاثة، وهي تستضيف الإمارات العربية المتحدة في مؤتمرها بلندن”.
ويتكوّن التقرير من 14 صفحة، وقد أُنجز في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وأُرسل إلى لجنة عقوبات السودان التابعة لمجلس الأمن الدولي.
وأعد التقرير فريق من خمسة خبراء تابعين للأمم المتحدة، وثّقوا فيه نمطًا ثابتًا من الرحلات الجوية التجارية باستخدام طائرات “إليوشن إل-76 تي دي”، أقلعت من الإمارات إلى تشاد، حيث حددوا منها ثلاثة طرق برّية على الأقل يُحتمل استخدامها لتهريب الأسلحة إلى السودان.
وخلص التقرير إلى أن رحلات الشحن من مطارات إماراتية إلى تشاد كانت منتظمة بدرجة جعلتها تُشكّل “جسرًا جويًا إقليميًا جديدًا”.
غير أن الخبراء رصدوا نمطًا مريبًا، إذ غالبًا ما تختفي الطائرات في مراحل حرجة من الرحلة، وهو نمط قالوا إنه “يثير تساؤلات حول عمليات سرية محتملة”.
ومع ذلك، أضاف الخبراء أنهم لم يتمكّنوا من تحديد محتويات الطائرات، ولم يعثروا على أي دليل يؤكد أنها كانت تنقل أسلحة.
كما لم يتضمّن التقرير النهائي للجنة خبراء الأمم المتحدة المعنية بالسودان، والمقرر نشره خلال أيام قليلة، أي نتائج تتعلق برحلات الشحن العديدة من الإمارات العربية المتحدة إلى تشاد.
ولم يُشر إلى الإمارات في التقرير النهائي، المكوّن من 39 صفحة، سوى في سياق محادثات السلام.
وتأتي هذه التساؤلات حول الدور الإماراتي المحتمل في دعم قوات “الدعم السريع”، بعد عطلة نهاية أسبوع شهدت مقتل أكثر من 200 مدني على يد مقاتلي هذه القوات، خلال موجة عنف استهدفت جماعات عرقية ضعيفة في مخيمات النازحين وحول مدينة الفاشر، آخر مدينة رئيسية ما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني في دارفور، غربي البلاد.
وقال دبلوماسي: “سيكون من العار ألا يُوفّر المؤتمر حماية ملموسة للمدنيين في ظل الإبادة الجماعية المستمرة.”
وكانت إدارة الرئيس جو بايدن قد أعلنت في وقت سابق من ولايتها أن قوات “الدعم السريع” ارتكبت أعمال إبادة جماعية خلال الحرب.
في الوقت ذاته، أكدت الإمارات التزامها بحل سياسي شامل و”سلام دائم” في السودان.
وقد حقّق خبراء الأمم المتحدة في احتمال خرق حظر تصدير الأسلحة إلى منطقة دارفور، وذلك في تحديث تقريرهم في تشرين الثاني/نوفمبر، حيث سجلوا هبوط نحو 24 طائرة من طراز “إليوشن إل-76 تي دي” في مطار أم جراس، بتشاد.
وأشاروا إلى أن هذه الرحلات تزامنت مع تصعيد القتال في الفاشر، لا سيّما زيادة نشاط الطائرات المسيّرة التي تستخدمها قوات “الدعم السريع” في العمليات القتالية والاستخباراتية. واعتبر الخبراء أن وصول الطائرات بدون طيار إلى السودان يمثل مرحلة تكنولوجية جديدة في إدارة النزاع المسلح.
كما ورد في التقرير أن بعض الرحلات الجوية المُحددة ارتبطت بمشغلين سبق أن عملوا في مجال اللوجستيات العسكرية ونقل الأسلحة غير المشروعة، وقد أُبلِغ عن اثنتين منها سابقًا لانتهاكهما قرار حظر تصدير الأسلحة.
وفحص الفريق أيضًا رحلات منتظمة من مطاري رأس الخيمة والعين في إمارة أبوظبي إلى تشاد، ووجدوا أن الطائرات غالبًا ما تختفي من الرادار في مراحل حرجة من رحلة العودة.
وفي حالة واحدة، وصف التقرير كيف أقلعت طائرة من رأس الخيمة، ثم اختفت في منتصف الرحلة، قبل أن تظهر مجددًا في العاصمة التشادية نجامينا، ثم تعود إلى أبوظبي.
ومع ذلك، لم يُثبت التقرير أن هذه الرحلات كانت تنقل أسلحة، وأكد أن عدم توفر معلومات حول “محتويات محددة تم نقلها” يعني غياب الدليل القاطع.
وقد اتفق أربعة من أصل خمسة خبراء أمميين على أن هذه الرحلات، رغم كونها تشكّل “توجهًا جديدًا ومهمًا”، فإن ما توصلوا إليه “لا يرقى إلى مستوى الأدلة المطلوبة لإثبات نقل الأسلحة”.
ورغم شهادات سكان مدينة نيالا، جنوبي دارفور، حول نشاط غير معتاد لطائرات الشحن، ونسب المخبرون هذا النشاط إلى العمليات اللوجستية لقوات “الدعم السريع”، إلا أن الأدلة الإضافية التي توضح طبيعة الشحنات كانت غائبة.
لذا، خلص التقرير إلى أنه “من المبكر جدًا الاستنتاج بأن هذه الرحلات الجوية كانت جزءًا من شبكة لتهريب الأسلحة”.
وأضاف الخبراء أن ارتباط عدد من الرحلات الجوية وشركات الشحن باللوجستيات العسكرية وسوابق انتهاك حظر الأسلحة، لا يُعد دليلاً حاسمًا على أنها تقوم بنقل أسلحة حاليًا.
غير أنهم أشاروا إلى أن الأنماط الشاذة في مسار الرحلات، واختفاءها من الرادار، وعدم تسجيل أوقات الإقلاع، تمثل مؤشرات مثيرة للشك، لكنها لا ترتقي إلى مستوى الأدلة المباشرة.
واختتم الخبراء بأن هناك حاجة إلى سدّ الثغرات في التحقيق المتعلّق بالدور الإماراتي في هذا المجال.
أعد التقرير فريق من خمسة خبراء تابعين للأمم المتحدة، وثّقوا فيه نمطًا ثابتًا من الرحلات الجوية التجارية باستخدام طائرات “إليوشن إل-76 تي دي”، أقلعت من الإمارات إلى تشاد
ويأتي الحديث عن المساعدات العسكرية لقوات “الدعم السريع”، بعد أيام من نظر محكمة العدل الدولية في لاهاي في قضية رفعها السودان، يتهم فيها الإمارات بـ”التواطؤ في الإبادة الجماعية” خلال الحرب الدائرة.
وقد استمعت المحكمة إلى مزاعم تشير إلى أن قوات “الدعم السريع” مسؤولة عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات قتل جماعي، واغتصاب، وتهجير قسري في غرب دارفور.
من جهتها، وصفت الإمارات القضية بأنها “حيلة دعائية تدعو إلى السخرية” و”منصة لشن هجمات كاذبة ضدها”.
وأشار مصدر إماراتي إلى أن تقرير خبراء الأمم المتحدة السري تضمن إخلاء مسؤولية، أفاد بأن أربعة من أعضاء اللجنة الخمسة رأوا أن: “مزاعم وجود جسر جوي بين الإمارات والسودان عبر تشاد لم تستوفِ معايير الإثبات اللازمة لإثبات وجود صلة واضحة بين الرحلات الجوية الموثقة ونقل الأسلحة المزعوم.”
يُذكر أن مؤتمر لندن، الذي عُقد لحشد الدعم لوقف الحرب، انتهى بالفشل، بعد أن رفضت كل من مصر والإمارات والسعودية التوقيع على البيان الختامي.
كما لم تُدعَ إلى المؤتمر أي من الحكومة السودانية أو قوات “الدعم السريع”، وقد برّر وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، هذا القرار بأن هدف المؤتمر هو حشد التأييد لمسار سياسي ينهي الحرب الأهلية الدامية في السودان.
شارك التقرير