يوم التأسيس السعودي: ذكرى المجد والانطلاق نحو المستقبل الرقمي المتكامل
Admin 22 فبراير، 2025 24

تقرير - محجوب الخليفة
يُعدّ يوم التأسيس في المملكة العربية السعودية مناسبة وطنية راسخة، تُحيي ذكرى تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود في 22 فبراير 1727م. هذا اليوم ليس مجرد استعادة لحدث تاريخي فاصل، بل هو تجسيد لمسيرة طويلة من البناء والاستقرار، والانطلاق نحو آفاق التطور والازدهار. ومنذ التأسيس، مرّت الدولة السعودية بمراحل متعددة، وصولًا إلى المملكة الحديثة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، حيث أصبحت المملكة نموذجاً للدولة الرقمية المتكاملة، الرائدة في شتى المجالات.
التأسيس: اللبنة الأولى لمشروع الدولة
عندما وضع الإمام محمد بن سعود الأساس الأول للدولة السعودية في الدرعية، لم يكن ذلك مجرد تأسيس كيان سياسي، بل كان انطلاقة لمشروع حضاري متكامل، قائم على الوحدة والاستقرار والتنمية. تميزت الدولة السعودية الأولى بوضوح الرؤية، حيث قامت على مبادئ العدل والشريعة الإسلامية، وسعت إلى بسط الأمن، وتوحيد القبائل في شبه الجزيرة العربية تحت لواء واحد. وعلى الرغم من التحديات، استطاع أبناؤها الحفاظ على الإرث السياسي والاجتماعي، ليأتي الإمام تركي بن عبد الله في عام 1824م، فيعيد بناء الدولة السعودية الثانية على ذات المبادئ والأسس، ثم تحقق الحلم الأكبر بتأسيس المملكة العربية السعودية على يد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود عام 1932م.
من التأسيس إلى الدولة العصرية المتطورة
لم يكن التأسيس مجرد محطة تاريخية، بل كان البداية لمسيرة تطور شملت جميع مناحي الحياة. فقد استطاعت المملكة، عبر عقود من الزمن، التحول من دولة ناشئة إلى واحدة من أقوى اقتصادات العالم. تميزت بقدرتها على تحقيق الأمن والاستقرار الداخلي، وإطلاق المشاريع العملاقة، فضلاً عن الارتقاء بمكانتها إقليمياً ودولياً.

رؤية 2030: القفزة نحو المستقبل
في إطار السعي المستمر نحو التطور، أطلق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رؤية السعودية 2030، التي تعد بمثابة خارطة طريق للعبور إلى المستقبل، معتمدة على التنوع الاقتصادي، والتحول الرقمي، وتعزيز جودة الحياة. لقد رسخت الرؤية مفهوم الدولة الحديثة، التي تعتمد على التقنية في إدارة شؤونها، وأحدثت نقلة نوعية في القطاعات الحيوية مثل الطاقة، والصناعة، والصحة، والتعليم، والسياحة، والترفيه.
المملكة العربية السعودية:
دولة رقمية متكاملة الخدمات
في ظل التحولات العالمية السريعة نحو الرقمنة، أصبحت المملكة نموذجاً يُحتذى به في تبني التقنيات الحديثة، والذكاء الاصطناعي، والحوكمة الرقمية. ومن أبرز مظاهر التحول الرقمي في المملكة:
1- الحكومة الرقمية: سهولة الوصول إلى الخدمات
اعتمدت المملكة نظام الحكومة الرقمية، لتوفير الخدمات للمواطنين والمقيمين بسهولة وسرعة. ومن أبرز المنصات الرقمية التي أحدثت تغييراً جذرياً في حياة المواطنين:
منصة «أبشر»، التي توفر أكثر من 350 خدمة إلكترونية، تشمل إصدار الجوازات، وتجديد الإقامات ورخص القيادة وغيرها.
منصة «توكلنا»، التي أصبحت أداة فعالة لإدارة الأزمات، والتواصل بين الجهات الحكومية والمواطنين.
منصة «نفاذ»، التي تتيح الوصول الموحد للخدمات الحكومية عبر هوية رقمية متكاملة.
2- الاقتصاد الرقمي والتقنيات الناشئة
لم يعد الاقتصاد السعودي يعتمد على النفط فقط، بل توسّع ليشمل الاقتصاد الرقمي، والذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء. ومن أبرز المشاريع الرقمية الرائدة:
مدينة «نيوم» الذكية، التي تمثل نموذجاً للمدن المستقبلية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.
مبادرة «الرياض الذكية»، التي تهدف إلى تحويل العاصمة إلى واحدة من أكثر المدن الرقمية تطوراً في العالم.
استثمارات ضخمة في الحوسبة السحابية، حيث استقطبت المملكة شركات عالمية لإنشاء مراكز بيانات متقدمة.
3- الذكاء الاصطناعي والابتكار التكنولوجي
تسعى السعودية لأن تصبح رائدة عالمياً في الذكاء الاصطناعي، حيث أطلقت:
الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي (نُسدي)، التي تهدف إلى جعل المملكة مركزاً عالمياً للذكاء الاصطناعي بحلول 2030.
تأسيس «الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)»، التي تقود التحولات الرقمية في البلاد.
الاحتفال بيوم التأسيس
تذكير بالماضي وتحفيز للمستقبل
يحتفل السعوديون بيوم التأسيس من خلال فعاليات ثقافية وفنية، وعروض عسكرية، ومسيرات وطنية، تعكس روح الفخر والاعتزاز بالهوية الوطنية. ويهدف الاحتفال إلى:
1- تعزيز الانتماء الوطني، والتذكير بجذور الدولة العميقة.
2- تسليط الضوء على الإنجازات السعودية في مختلف المجالات.
3- إلهام الأجيال الجديدة لمواصلة البناء والتطوير.
مسيرة مستمرة نحو الريادة العالمية
يوم التأسيس ليس مجرد مناسبة احتفالية، بل هو محطة للتأمل في مسيرة المجد والإنجازات التي بدأت قبل ثلاثة قرون، واستمرت بعزيمة قيادتها وشعبها حتى اليوم. من دولة ناشئة تسعى للوحدة والاستقرار، إلى قوة اقتصادية وعلمية وتقنية ذات ثقل عالمي.
وفي ظل القيادة الحكيمة، تواصل المملكة مسيرتها نحو المستقبل الرقمي المتكامل، حيث لم يعد التطور خياراً، بل ضرورة تفرضها العولمة والتحولات التقنية.
وبينما يحتفي السعوديون بماضيهم المجيد، فإنهم يضعون أعينهم على مستقبل أكثر ازدهاراً، تحكمه التقنيات الحديثة، ويزدهر فيه الإنسان السعودي باعتباره جوهر التنمية وغايتها.
شارك التقرير