• لا تكابر إذا كنت تجهل شيئاً، فذاك جهل بسيط يمكن علاجه، ولا تدّعي المعرفة؛ أي أن تزعم معرفة شيء أنت تجهله تماماً، فتلك خصلة رديئة تسمى الجهل المركب، وهي تسيء إليك، وتضر من حولك، ولكن أن تتوهم المعرفة وتصاب بما يعرف ب (the illusion of knowledge) أي وهم المعرفة، فتلك كارثة حقيقية، وآفة مهلكة للأفراد والمجتمعات والدول.
المؤسف أننا في السودان وكأفراد ومجتمعات ودولة، نقع تحت سيطرة كاملة لهذا المثلث، الجهل البسيط، والجهل المركب، والمصيبة الكبرى وثالثة اﻷسافي وهم المعرفة..
تلك مأساتنا، وهي سبب أساسي في تفاقم معاناتنا، وعلة مزمنة تؤخرنا عن ركب اﻷمم، وهي اﻵفة التي تجعل ثوراتنا عرضة للسرقة والتشويه، كما يحدث اﻵن.
تضارب التصريحات وتناقضها مع المواقف، والتي تسيطر على واقعنا اﻵن- أقصد الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي- تشكف للعيان أننا تحت حصار الثالوث الخطير.. الجهل البسيط، والجهل المركب ووهم المعرفة، فالسواد اﻷعظم منّا نحن الشعب يسيطر عليه الجهل البسيط، أما من يديرون مواقع الخدمات ودولاب الدولة و اﻷسواق، فهم تحت سيطرة الجهل المركب، أما قادتنا السياسيون وقادة الحركات المسلحة وبعض الدعاة وزعماء الدين ومن هم على شاكلتهم، فهم رهائن وهم المعرفة.
انتشار اﻷكاذيب والخداع السياسي، والعجز في إدارة اﻷزمات الاقتصادية، والفشل في توفير واستقرار اﻹمداد في مجال الطاقة بما فيها الكهرباء، هي كلها أوجه تظهر سيطرة الجهل المركب، وسيطرة وهم المعرفة، وتلك هي حالنا اﻵن مع المعاناة واﻷزمات المتلاحقة.
رغم كل ما ذكرت من تشخيص في السطور أعلاه، أقر أنا محجوب الخليفة بأنني أحد ضحايا الجهل البسيط، وربما ﻷنني مواطن بسيط من غمار الناس ولكن، ذلك لا يعفيني من الإصابة بالجهل المركب إذا دخلت إلى دوائر إدارة المواقع الخدمية، ولربما أسقط في براثن وهم المعرفة إذا أوقعتني الصدفة وخدمتني الظروف لأكون زعيماً وهمياً، أو سياسياً مصنوعاً، أو عمدة خالي أطيان، ل(أمارس في الناس العذاب ألوان).