«نِعم الرب أنتَ»..  وبِئس العبيد نحن

123
معتصم تاج السر

م. معتصم تاج السر

كاتب صحفي

• بِئس العبيد نحن

كثيروا الشكوى قليلوا النظر ننسى النعم إذا اعتدناها ولا ندرك قيمتها حتى تُنزَع منا.

نفتح أفواهنا بالاعتراض قبل أن نفتح قلوبنا بالشكر.

ونتعلق بالأشياء الفانية حتى نظن أن حياتنا تتوقف عليها. 

لا نرى إلا ما ينقصنا ونُدير ظهورنا لما بين أيدينا.

إذا أصابنا الخير نسبناه لأنفسنا وإذا مسَّنا الضر تساءلنا: «لماذا نحن؟» وكأننا لم نخطئ يوماً وكأننا لم نبتعد عن طريق الصواب. 

نطلب المزيد من النِّعم وحين تأتينا نُسرف فيها وننسى أنها اختباراً قبل أن تكون متاعاً.

نبكي على الأقدار ونجهل أن كل تأخير لحكمة وكل منع لحماية وكل فقد لتعويض قادم ربما لا نراه الآن.

نغفل عن أن الحياة ليست دار جزاء بل دار اختبار وأن الأحزان والمحن ليست إلا دروساً نحتاجها لنعرف قيمة النور بعد الظلام والفرح بعد الألم.

نركض وراء الدنيا كأننا مخلَّدون ونتعلق بالأشياء كأنها ستدوم لنا ونغفل عن الفناء ونُجادل في المكتوب.

نقيس الأمور بميزاننا القاصر ولا نُدرك أن الحكمة أوسع من نظرتنا الضيقة وأن ما نحسبه شرّاً قد يكون فيه الخير كله ولكننا لا نُبصر.

نطلب العطاء دون أن نشكر ونرجو الستر رغم كثرة الزلات ونبحث عن الطمأنينة في الأشياء متناسين أنها في القرب منك والرضا بحكمتك وفي اليقين بأنك تدبر الأمور برحمة وعلم لا يُخطئ.

نِعم الرب أنتَ …

واسع العطاء جميل الستر تتوالى نعمك حتى لا نكاد نحصيها ما ظهر منها وما بطن.

تُنعم علينا ونحن غافلون وتستر زلاتنا ونحن مُصرون وتعطينا أكثر مما نستحق حتى ونحن مقصرون في الشكر.

كم مرةٍ بكينا على شيء ثم أدركنا لاحقاً أنك أبعدته عنا رحمةً بنا..!!؟ كم مرةٍ تمنينا أمراً ثم حمدناك حين لم يتحقق لأنه لم يكن خيراً لنا..!!؟ 

كم مرةٍ أغلقت أمامنا باباً فوجدنا خلفه ما هو أفضل وأكرم..؟

سبحانك لا تملُّ من عطائنا ولا تسأم من استغفارنا ولا تحرمنا رغم تقصيرنا. 

تغفر الذنوب مهما عظمت وتفتح لنا أبواب التوبة مهما ابتعدنا. 

إذا قنطنا بعثتَ لنا إشارات الطمأنينة

وإذا تعبنا كنتَ الملجأ الذي لا يُغلق بابه أبداً.

كل لحظة نعيشها هي نعمة كل نَفَس نتنفسه هو رحمة كل رزق يصل إلينا هو تدبير من يدٍ لا تُخطئ الحساب. 

أنت اللطيف حين نقسو على أنفسنا وأنت الكريم حين نُمسك أيديَنا عن العطاء وأنت الحليم حين نُجادل ونعترض ولا ندرك أن الأقدار تُدار بحكمة لا نحيط بها علماً.

الحمد لله على نعمة الإسلام الحمد لله أن كنا من أمة سيِّدي رسول الله محمد بن عبدالله اللهم صلِّ على سيِّدنا محمد الفاتح لما أُغلق، والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم. آمين.

اللهم لا تعاملنا بجهلنا، ولا تحاسبنا بقلة صبرنا ولا تتركنا لأنفسنا طرفة عين. 

نحن عبادك الضعفاء نسقط في الدنيا مراراً ولكن نعود إليك لأنك الملاذ لأنك الغفور لأنك القريب الذي لا يردُّ من أتى بصدق.

بِئس العبيد نحن 

لكن نِعم الرب أنتَ 

وفي هذا كل الرجاء وكل الأمل.

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *