
الناجي صالح
رئيس التحرير
لا تسأل لماذا لم يواسنا أحدٌ.. لا دولة ولا دويلة.. ولا إمارة.. من شقائنا العربي، في محنتنا التي عصفت بنا اصطيافاً وإشتاءً.
لا تستوضح سكاتهم الخاذل إزاء الانتهاكات الفاجرة لإنسان السودان المسالم البسيط.
لا تستخبر خنوعهم المذل وهم يشاهدون القتل الممنهج الذي قامت به مليشيا الدعم الصريع تجاه المدنيين العزل في كل أرجاء المعمورة.
لا تستنبئ اتضاعهم الموروث من أمد، حينما يمسّنا الضرّ في سنين عجاف وأُخر نازلات.
لا تستخبر غفلتهم حينما تُغتصَب حرائرنا في وضح النهار من العفاشة ممتهني الارتزاق الهابط.
لا تستعلم عن نخوتهم حينما يُباد الناس زمراً بلا مسوغ من قبل أخلاط لا دين لهم ولا أخلاق.
لا تلتمس مناصرة منهم، حينما يضطرك العفاشة إلى ترك بيتك وأهلك ومدينتك، إلى حيث مهالك الغيب.
لا ترتجئ حتى كلمات الإدانة والاستنكار، التي أجادوها على مر العصور والأجيال، ليجمّلوا بها وجوههم البائسة، ليس لشيء غير التوهم بأنهم أحق بالحياة من الآخرين.
لا تبتغِ نصرة مدحور، كبلته زخارف الحياة ونعيمها وسياط السادة ما وراء البحار.
بل اسأل، لِمَ الحاجة إلى أحد؟؟؟
ولدينا احتياطيات مؤكدة من النفط تبلغ نحو 1.5 مليار برميل.
وثروة حيوانية هي السادسة على مستوى العالم، بتعداد يتجاوز 150 مليون رأس. ولنا صدارة البلدان المنتجة للصمغ ونستحوذ على نحو 70 بالمئة من تجارته العالمية.
والسودان أحد أهم منتجي الذهب في القارة الأفريقية، والثالث عشر بين البلدان المنتجة للذهب في العالم، وتصل احتياطيات البلاد من الذهب إلى 1550 طناً. كما يطلّ السودان على واجهة بحرية طولها 853 كم على البحر الأحمر.
كما تتوفر فيه الأراضي الصالحة للزراعة، حيث لديه 170 مليون فدان صالحة للزراعة، المستخدم منها 40 مليون فدان فقط.
ويمتلك السودان وجنوب السودان معاً احتياطيات مؤكدة من الغاز الطبيعي تبلغ نحو 3 تريليونات قدم مكعبة. عدا النحاس وخام الحديد والفضة والزنك، فضلاً عن الرمال السوداء والعقيق والجبس والملح والتلك ورواسب الفسلسبار وسيليكات الألمونيوم والمنغنيز والرخام والمايكا والعقيق وسيليكات الألمنيوم والملح والكبريت. حيث ينعم السودان بثروات معدنية هائلة ومتعددة، بالإضافة إلى نحو 1.5 مليون طن من اليورانيوم.
كما يعدُّ السودان من أكبر المصدرين في العالم للبذور الزيتية (السمسم، الفول السوداني، عباد الشمس وبذرة القطن).
كما يتميز بوفرة موارده المائية وتنوعها، وتتمثل هذه الموارد فى مياه النيل والأمطار والمياه السطحية والمياه الجوفية.
فيا لها من نعم، وما أجزل السخاء من الكريم المتعال.
نحن في حاجة فقط إلى إدارة وطنية أمينة وقوية وواعية، لتسخير هذه النعم التي حبانا بها الله، من دون الخلق، لخير السودانيين ولأجيالهم القادمة.
فقط عندها سيتكالب علينا الخلق صاغرين، ويطلبون وجدنا ورضانا. فالتاريخ يكتبه الأقوياء أغنياء النفوس.
لا مكان اليوم لمستمسكٍ بشعارات رثيثة لا تستر العورات.
هذه الحرب، تمايزت فيها الصفوف… أبانت الطيب من الرجز. وأوضحت لنا جلياً أعداءنا الظاهرين والمستترين. الخائفين والمرجفين… والصامتين عن الحق ومدلّسي المواقف، وأصحاب السروج المتعددة، الراكبين على كل المسارات.
بعد الحرب، ليس كما قبلها. يجب أن تكون دبلوماسيتنا جلية بلا لبس ولا (دبلوماسية) فيها. التعامل مع الدول بحسب موقفها من أعراضنا وأموالنا وأرضنا، وحقنا في حياة كريمة.
(وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص).
انتهى عهد السذاجة السياسية، والفدامة المُقعدة، التي جعلت السوقة يتطاولون (علينا) وفي البنيان، بل ويدفعون ثمن الطلقة التي تفتك بأبنائنا.
لا أحد تألم لجرحنا، ولا عين تدمع لفقدنا، ولا أذن تسمع صريخنا، ولا مشاعر تقيل حسراتنا. ولا مخلوق يهمه إن تشردنا أو ضاع مستقبل أبنائنا.
هذه حصيلة مواقفنا الشاهدة والمناصرة، لكل قضايانا العربية.. وعاقبة الانتماء الخطل لأوهام الواشجة. فكانت عطيتنا المهداة، التجمجم والصموت عوضاً عن الاستنصار.
لذا.. لا مخرج لنا.. إلا فينا.
ما اختبرناه هو بلية بكل المقاييس، ورزيئة بلا تدليس، لم يناصفنا فيها أحد. وبالتأكيد ستجعلنا نعيد النظر والتفكير مرة ومرات.
ليس أمامنا غير أن نسلك طريقنا موحَّدين ووحيدين. لا نتكئ فيه على أحد، ولا نستعين فيه إلا بالله العلي القدير.
قال الرافعي:
المرء يُمنى بالرجا والياس ِ… ويضيع بينهما ضعيف الباسِ
وعلامَ ترجو الناس في الأمر الذي… يعنيك أنت، وأنت بعض الناسِ؟
ودعونا من الآخرين وانتظار خيباتهم المتعاقبة. فالظفر والفلاح في سواعدنا الخالصة، وكوادرنا المؤهلة، وأفكارنا النيرة، وإدارتنا الواعية، وثرواتنا المتعددة، وإيماننا بالله وأنفسنا بأننا قادرون إن خلصت النيات وتوفرت الإرادة.
فخير الله وافر ويكفينا قاطبة.
نعم.. إننا قادرون،
فلِمَ الحاجة إلى أحد، لكي (يتعطف) علينا زوراً وتخرصاً، وقلبه شتى؟؟؟
شارك المقال